بداياته ومسيرته المهنية المبكرة
ولد فيرنيل فورنييه في نيو أورلينز، لويزيانا، وهي مدينة غنية بتقاليد موسيقى الجاز. بدأ العزف على الطبول في سن مبكرة، متأثرًا بالعازفين المحليين وبإرث المدينة الموسيقي الغني. انتقل إلى شيكاغو في الأربعينيات من القرن العشرين، حيث بدأ مسيرته المهنية الاحترافية. في شيكاغو، سرعان ما أصبح جزءًا من مشهد الجاز المزدهر، وعزف مع العديد من الموسيقيين البارزين، مما أكسبه سمعة كعازف طبول موهوب ومتعدد الاستخدامات.
شكلت سنواته الأولى في شيكاغو الأساس لمسيرته المهنية اللاحقة، حيث تعلم من خلال العزف مع مجموعة متنوعة من الموسيقيين وتطوير أسلوبه الفريد. عزف مع فنانين مثل بيلي هويليداي وتشارلي باركر في بداياته، مما ساعده على صقل مهاراته وتوسيع آفاقه الموسيقية.
العمل مع أحمد جمال
نقطة التحول في مسيرة فورنييه المهنية جاءت في عام 1957 عندما انضم إلى فرقة أحمد جمال الثلاثية. كانت هذه الشراكة محورية في تشكيل أسلوبه الموسيقي وترسيخ مكانته كواحد من أبرز عازفي الطبول في عصره. كانت فرقة جمال، التي تضم أيضًا إسرائيل كروسبي على الباس، معروفة بنهجها المبتكر في موسيقى الجاز، حيث تميزت بتوزيعات دقيقة، واستخدام ديناميكي، وتركيز على المساحة والإيقاع.
ساهم فورنييه بشكل كبير في صوت فرقة جمال المميز. لم يكن مجرد حافظ للإيقاع، بل كان مشاركًا نشطًا في الحوار الموسيقي، حيث تفاعل بمهارة مع عزف البيانو لباس كروسبي. كان أسلوبه يتميز بالإحساس بالتأرجح، والقدرة على إضافة زخارف إيقاعية دقيقة، وفهم عميق للديناميكيات. غالبًا ما كان يستخدم الفرشاة بدلاً من العصي، مما يخلق نسيجًا صوتيًا ناعمًا ودقيقًا سمح لعزف البيانو الخاص بجمال بالتألق.
أحد أبرز إنجازات فورنييه مع فرقة جمال كان الألبوم الحي “At the Pershing: But Not for Me”، الذي تم تسجيله عام 1958. حقق الألبوم نجاحًا تجاريًا ونقديًا كبيرًا، ويعتبر على نطاق واسع أحد أفضل تسجيلات الجاز الحية على الإطلاق. يتميز عزف فورنييه في هذا الألبوم بالإبداع، والتفاعل، والإحساس بالتأرجح الذي لا يضاهى، مما جعله مرجعًا لعازفي الطبول على مر الأجيال.
- الابتكار في الإيقاع: استخدم فورنييه تقنيات إيقاعية جديدة ومبتكرة.
- التفاعل مع الفرقة: كان يتفاعل بانسجام مع باقي أعضاء الفرقة، مما يخلق تجربة موسيقية فريدة.
- السيطرة على الديناميكية: كان يتحكم بدقة في مستوى الصوت، مما يضيف عمقًا للتعبير الموسيقي.
تأثيره وأسلوبه الفريد
كان لفيرنيل فورنييه تأثير عميق على موسيقى الجاز وعازفي الطبول في جميع أنحاء العالم. لقد أثر أسلوبه المبتكر والمتعدد الاستخدامات على العديد من الموسيقيين، ولا يزال يلهم الأجيال الجديدة من عازفي الطبول حتى اليوم. كان يمتلك قدرة فريدة على دمج عناصر من أنواع مختلفة من الموسيقى في عزفه، بما في ذلك البلوز، والإنجيل، والموسيقى اللاتينية، مما أدى إلى إنشاء أسلوب فريد ومميز.
تميز أسلوب فورنييه بعدة جوانب رئيسية:
- التركيز على التأرجح: كان التأرجح جزءًا أساسيًا من عزفه، مما يمنح الموسيقى إحساسًا بالحيوية والطاقة.
- الاستخدام المبتكر للفرشاة: كان ماهرًا بشكل خاص في استخدام الفرشاة، مما يسمح له بإنشاء نسيج صوتي دقيق ومعقد.
- القدرة على الاستماع والتفاعل: كان مستمعًا ممتازًا، وقادرًا على التفاعل مع الموسيقيين الآخرين في الوقت الفعلي، مما يخلق حوارًا موسيقيًا ديناميكيًا.
- التحكم في الديناميكية: كان يتحكم بدقة في مستوى الصوت، مما يضيف عمقًا وتعقيدًا للتعبير الموسيقي.
بالإضافة إلى مهاراته الفنية، كان فورنييه معروفًا أيضًا بشخصيته المتواضعة وروحه التعاونية. كان دائمًا على استعداد لمشاركة معرفته وخبرته مع الموسيقيين الآخرين، مما جعله شخصية محترمة ومحبوبة في مجتمع الجاز.
تحوله إلى أمير رشدان
في عام 1975، اتخذ فورنييه قرارًا شخصيًا وروحيًا هامًا باعتناق الإسلام وتغيير اسمه إلى أمير رشدان. هذا التحول أثر بعمق على حياته وموسيقاه. أصبح رشدان أكثر انخراطًا في المجتمع الإسلامي، واستخدم موسيقاه للتعبير عن معتقداته وقيمه الروحية.
على الرغم من تغيير اسمه ومعتقداته الدينية، استمر رشدان في العزف والتسجيل، واستكشف طرقًا جديدة لدمج عناصر من الموسيقى الإسلامية في موسيقى الجاز. استمر في التعاون مع مجموعة متنوعة من الموسيقيين، وظل ملتزمًا بدفع حدود التعبير الموسيقي.
سنواته اللاحقة وإرثه
استمر أمير رشدان في العزف والتسجيل حتى وفاته في عام 2000. خلال سنواته اللاحقة، قام بتدريس العديد من الطلاب، وتقاسم خبرته ومعرفته مع الجيل القادم من الموسيقيين. ظل ملتزمًا بدعم موسيقى الجاز وتشجيع الموسيقيين الشباب.
يُعتبر فيرنيل فورنييه، أو أمير رشدان، شخصية بارزة في تاريخ موسيقى الجاز. لقد ترك بصمة لا تمحى على هذا النوع الموسيقي من خلال أسلوبه المبتكر، ومساهماته في فرقة أحمد جمال الثلاثية، والتزامه بالتعبير الموسيقي. سيظل إرثه يلهم عازفي الطبول والموسيقيين في جميع أنحاء العالم لسنوات قادمة.
خاتمة
فيرنيل فورنييه، أو أمير رشدان، كان عازف جاز استثنائيًا ترك بصمة عميقة على موسيقى الجاز. من خلال عمله مع أحمد جمال، وابتكاره الإيقاعي، وتأثيره الروحي، سيظل اسمه محفورًا في تاريخ الموسيقى كواحد من أعظم عازفي الطبول على الإطلاق. لقد ألهم أجيالًا من الموسيقيين وسيستمر إرثه في التأثير على مستقبل موسيقى الجاز.