الخلفية التاريخية وأسباب التشريع
في أوائل السبعينيات، كانت العديد من المدن الأمريكية تعاني من التدهور الحضري، ونقص المساكن الميسورة التكلفة، والبنية التحتية المتهالكة. كانت البرامج الفيدرالية السابقة للإسكان والتنمية الحضرية غالبًا ما تكون مجزأة وغير فعالة، وتفرض قيودًا صارمة على كيفية استخدام الأموال الفيدرالية. كان هناك شعور متزايد بالحاجة إلى نهج أكثر مرونة واستجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك ضغط متزايد لتبسيط عملية التمويل الفيدرالي وتقليل البيروقراطية.
استجاب الكونجرس لهذه التحديات بإقرار قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974. كان الهدف من هذا القانون هو تزويد الحكومات المحلية بالموارد والمرونة اللازمة لمعالجة مشاكل الإسكان والتنمية المجتمعية بطرق مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتها الخاصة. كما يهدف القانون إلى تعزيز التعاون بين الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع.
أهم أحكام القانون
يتضمن قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974 عدة أحكام رئيسية، بما في ذلك:
- برنامج منح التنمية المجتمعية الشاملة (CDBG): هذا البرنامج هو حجر الزاوية في القانون. يوفر CDBG منحًا مرنة للحكومات المحلية والولائية لتنفيذ مجموعة واسعة من أنشطة التنمية المجتمعية. يمكن استخدام هذه الأموال لمشاريع مثل تحسين البنية التحتية، والإسكان الميسور التكلفة، وتنمية المشاريع الصغيرة، والخدمات العامة.
- المادة 8 – برنامج قسائم اختيار الإسكان: على الرغم من أن برنامج المادة 8 بدأ قبل عام 1974، إلا أن القانون عزز دوره. يوفر هذا البرنامج إعانات إيجار للأسر المؤهلة ذات الدخل المنخفض، مما يسمح لها باختيار السكن في السوق الخاص.
- تعديل قانون الإسكان الوطني: قام القانون بتعديل العديد من أحكام قانون الإسكان الوطني، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتأمين على الرهن العقاري والإسكان العام.
- إنشاء مؤسسة ضمان الرهن العقاري الحكومية الوطنية (Ginnie Mae): لعبت Ginnie Mae دورًا حاسمًا في توسيع سوق الرهن العقاري الثانوي، مما جعل الإسكان أكثر سهولة في متناول العديد من الأمريكيين.
برنامج منح التنمية المجتمعية الشاملة (CDBG) بالتفصيل
برنامج CDBG هو أهم جزء في قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974. فهو يوفر للحكومات المحلية والولائية المرونة اللازمة لمعالجة مجموعة واسعة من احتياجات التنمية المجتمعية. يتم تخصيص أموال CDBG عادةً بناءً على صيغة تأخذ في الاعتبار عوامل مثل عدد السكان والفقر وازدحام الإسكان. ومع ذلك، يمكن للحكومات المحلية والولائية استخدام الأموال لتلبية احتياجاتها الخاصة، طالما أن الأنشطة تفي بأحد الأهداف الوطنية الثلاثة لـ CDBG:
- الاستفادة من الأشخاص ذوي الدخل المنخفض والمتوسط: يجب أن تستفيد غالبية أنشطة CDBG من الأسر التي يقل دخلها عن 80٪ من متوسط الدخل للمنطقة.
- منع أو القضاء على الأحياء الفقيرة أو المتدهورة: يمكن استخدام أموال CDBG لتحسين الظروف المادية والاقتصادية في الأحياء التي تعاني من الفقر والتدهور.
- تلبية الاحتياجات العاجلة: يمكن استخدام أموال CDBG لمعالجة الاحتياجات العاجلة، مثل الكوارث الطبيعية أو حالات الطوارئ الأخرى.
تسمح هذه المرونة للحكومات المحلية بتصميم برامج CDBG الخاصة بها لتلبية احتياجاتها الخاصة. على سبيل المثال، قد تختار إحدى المدن استخدام أموال CDBG لبناء مساكن ميسورة التكلفة، بينما قد تختار مدينة أخرى استخدامها لتحسين البنية التحتية أو دعم الشركات الصغيرة. يجب على الحكومات المحلية المشاركة في CDBG تطوير خطة شاملة تحدد احتياجات التنمية المجتمعية وأهدافها واستراتيجياتها. يجب أن تتضمن هذه الخطة أيضًا عملية للمشاركة العامة، مما يسمح للمقيمين بتقديم مدخلات حول كيفية استخدام أموال CDBG.
برنامج قسائم اختيار الإسكان (المادة 8)
على الرغم من أن برنامج قسائم اختيار الإسكان (المادة 8) بدأ قبل عام 1974، إلا أن القانون عزز دوره كعنصر حاسم في توفير السكن الميسور التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض. يسمح هذا البرنامج للأسر المؤهلة باختيار السكن في السوق الخاص ودفع جزء من دخلها للإيجار، مع قيام الحكومة الفيدرالية بدفع الفرق مباشرة للمالك. تتيح هذه المرونة للأسر ذات الدخل المنخفض العيش في مجموعة متنوعة من الأحياء والوصول إلى فرص تعليمية ووظيفية أفضل.
تُدار قسائم اختيار الإسكان من قبل السلطات الإسكانية المحلية (PHAs)، التي تحدد الأهلية وتصدر القسائم وتدير البرنامج. يجب أن تستوفي الأسر المؤهلة متطلبات الدخل وأن تخضع لفحص الخلفية. يمكنهم بعد ذلك البحث عن السكن الذي يلبي معايير الجودة والسلامة في البرنامج. تدفع السلطة الإسكانية المحلية جزءًا من الإيجار مباشرة إلى المالك، وتدفع الأسرة الجزء المتبقي، عادةً ما يكون حوالي 30٪ من دخلها.
تأثير قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974
كان لقانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974 تأثير عميق على الإسكان والتنمية المجتمعية في الولايات المتحدة. لقد وفر للحكومات المحلية والولائية الموارد والمرونة اللازمة لمعالجة مشاكل الإسكان والتنمية المجتمعية بطرق مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتها الخاصة. ساعد برنامج CDBG على تحسين البنية التحتية، وخلق مساكن ميسورة التكلفة، ودعم الشركات الصغيرة، وتوفير الخدمات العامة في المجتمعات في جميع أنحاء البلاد. لعب برنامج قسائم اختيار الإسكان دورًا حاسمًا في توفير السكن الميسور التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض.
ومع ذلك، واجه القانون أيضًا انتقادات وتحديات. يجادل البعض بأن برنامج CDBG غير فعال بما فيه الكفاية في استهداف الأحياء الأكثر احتياجًا، وأن الأموال غالبًا ما تستخدم لمشاريع لا تفيد بالضرورة السكان ذوي الدخل المنخفض والمتوسط. يجادل آخرون بأن برنامج قسائم اختيار الإسكان يساهم في الفصل العنصري والاقتصادي، وأن الملاك غالبًا ما يرفضون قبول القسائم، مما يحد من خيارات السكن للأسر ذات الدخل المنخفض.
على الرغم من هذه التحديات، يظل قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974 قطعة تشريعية مهمة شكلت السياسة الإسكانية الأمريكية لعقود. يستمر برنامج CDBG في توفير التمويل الحيوي للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد، ويظل برنامج قسائم اختيار الإسكان مصدرًا حيويًا للإسكان الميسور التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض.
التعديلات والتغييرات اللاحقة
على مر السنين، خضع قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974 للعديد من التعديلات والتغييرات. تم إجراء بعض هذه التغييرات لتعزيز فعالية القانون وكفاءته، بينما تم إجراء تغييرات أخرى استجابة للتحديات والفرص الجديدة. تشمل بعض التعديلات والتغييرات البارزة:
- قانون إعادة التفويض: أعاد الكونجرس تفويض برنامج CDBG عدة مرات منذ عام 1974. أعادت قوانين إعادة التفويض هذه عادةً تفويض البرنامج لعدة سنوات أخرى وأجرت تغييرات طفيفة على أحكامه.
- إنشاء HOME Investment Partnerships Program: في عام 1990، أنشأ الكونجرس برنامج HOME Investment Partnerships Program كجزء من قانون الإسكان الوطني الميسور التكلفة. يوفر برنامج HOME منحًا للحكومات المحلية والولائية لبناء وشراء وإعادة تأهيل المساكن الميسورة التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض.
- إصلاح برنامج قسائم اختيار الإسكان: على مر السنين، تم إجراء العديد من الإصلاحات لبرنامج قسائم اختيار الإسكان لتبسيط إدارته وتحسين فعاليته. تضمنت هذه الإصلاحات تغييرات في متطلبات الأهلية وإجراءات إدارة البرنامج.
التحديات المستقبلية
على الرغم من نجاح قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974 في معالجة مشاكل الإسكان والتنمية المجتمعية، إلا أن هناك العديد من التحديات التي لا تزال تواجه الولايات المتحدة في هذا المجال. تشمل هذه التحديات:
- نقص المساكن الميسورة التكلفة: لا يزال هناك نقص كبير في المساكن الميسورة التكلفة في العديد من المجتمعات في جميع أنحاء البلاد. يؤثر هذا النقص بشكل خاص على الأسر ذات الدخل المنخفض وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة.
- التدهور الحضري: لا تزال العديد من المدن الأمريكية تعاني من التدهور الحضري، بما في ذلك البنية التحتية المتهالكة، والمباني الشاغرة، وارتفاع معدلات الجريمة.
- الفصل العنصري والاقتصادي: لا يزال الفصل العنصري والاقتصادي قضية رئيسية في العديد من المجتمعات الأمريكية. غالبًا ما يتركزت الأسر ذات الدخل المنخفض والأقليات في الأحياء التي تفتقر إلى الوصول إلى فرص تعليمية ووظيفية جيدة.
- تغير المناخ: يمثل تغير المناخ تهديدًا كبيرًا للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد، وخاصة تلك المعرضة للكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات.
ستتطلب معالجة هذه التحديات جهودًا متواصلة من الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع. يجب أن تركز هذه الجهود على زيادة المعروض من المساكن الميسورة التكلفة، وتحسين الظروف في الأحياء المتدهورة، والحد من الفصل العنصري والاقتصادي، وجعل المجتمعات أكثر مقاومة لتغير المناخ.
خاتمة
يمثل قانون الإسكان والتنمية المجتمعية لعام 1974 علامة فارقة في السياسة الإسكانية الأمريكية. لقد أحدث تحولًا في طريقة تمويل الحكومة الفيدرالية للتنمية المجتمعية، مما يوفر للحكومات المحلية والولائية المرونة اللازمة لمعالجة مشاكل الإسكان والتنمية المجتمعية بطرق مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتها الخاصة. على الرغم من التحديات التي واجهها، يظل القانون قطعة تشريعية مهمة شكلت السياسة الإسكانية الأمريكية لعقود، ويستمر في توفير التمويل الحيوي للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.