تاريخ التأسيس والتطور
تأسست المديرية التاسعة الرئيسية في عام 1954، كجزء من إعادة تنظيم جهاز الأمن السوفيتي بعد وفاة جوزيف ستالين. ورثت “ديفياتكا” مهام الحماية الشخصية من سابقاتها في جهاز الأمن، مثل الإدارة الأولى لجهاز الأمن الداخلي (MGB) والتي بدورها ورثت هذه المهام من الإدارة الخاصة (OKh)، التي كانت مسؤولة عن حماية قادة الاتحاد السوفيتي منذ عشرينيات القرن العشرين. كان الهدف الرئيسي من إنشاء هذه المديرية هو توفير حماية أمنية على مدار الساعة لشخصيات القيادة السوفيتية، مع الحرص على منع أي محاولات اغتيال أو هجمات إرهابية.
مرت “ديفياتكا” بتطورات كبيرة على مر السنين، لا سيما في مجالات التدريب والتكنولوجيا والأساليب الأمنية. شهدت المديرية توسعاً في نطاق عملياتها لتشمل حماية الشخصيات الهامة أثناء السفر داخل الاتحاد السوفيتي وخارجه، بالإضافة إلى توفير الأمن للمباني الحكومية الهامة والمقرات الدبلوماسية. في خلال فترة الحرب الباردة، كانت “ديفياتكا” في حالة تأهب قصوى لمواجهة التهديدات المحتملة من الغرب، بما في ذلك محاولات التجسس والتخريب.
التنظيم والمهام
كانت “ديفياتكا” تنظيماً شديد السرية، يتألف من عدة أقسام ووحدات متخصصة. كان هيكلها التنظيمي معقداً، ويخضع لإشراف مباشر من رئيس جهاز كي جي بي. كان لدى المديرية ميزانية كبيرة وموظفين مدربين تدريباً عالياً، تم اختيارهم بعناية من بين أفضل العناصر في جهاز الأمن. ضمت المديرية مجموعة متنوعة من الوحدات، بما في ذلك:
- وحدة الحماية المباشرة: المسؤولة عن توفير الحماية الشخصية للقادة وكبار الشخصيات.
- وحدة العمليات: المكلفة بجمع المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات المحتملة.
- وحدة التدريب: المسؤولة عن تدريب ضباط الأمن على أحدث التقنيات والأساليب الأمنية.
- وحدة الاتصالات: التي توفر قنوات اتصال آمنة وموثوقة.
شملت مهام “ديفياتكا” مجموعة واسعة من الأنشطة، من بينها:
- توفير الحماية الشخصية لكبار مسؤولي الحزب والدولة.
- تأمين المباني الحكومية الهامة والمقرات الدبلوماسية.
- تنظيم وتأمين الفعاليات الرسمية والاحتفالات.
- توفير الحماية أثناء السفر في الداخل والخارج.
- مكافحة التهديدات الإرهابية والتخريب.
- التحقيق في الحوادث الأمنية.
كانت “ديفياتكا” تعمل بتعاون وثيق مع وحدات أخرى من كي جي بي، مثل الإدارة الأولى (الاستخبارات الخارجية) والإدارة الثانية (المخابرات المضادة)، لضمان أقصى درجات الأمن والحماية.
التدريب والتجهيزات
كان ضباط “ديفياتكا” يخضعون لتدريب مكثف وشامل. تم تدريبهم على مجموعة واسعة من المهارات، بما في ذلك:
- الدفاع عن النفس والقتال اليدوي.
- استخدام الأسلحة النارية والتعامل معها.
- قيادة المركبات المتخصصة.
- الإسعافات الأولية والرعاية الطبية الطارئة.
- تقنيات المراقبة والمضادة للمراقبة.
- التعامل مع المتفجرات والمواد الخطرة.
بالإضافة إلى التدريب المكثف، تم تزويد ضباط “ديفياتكا” بأحدث المعدات والتجهيزات. وشملت هذه المعدات:
- الأسلحة النارية والذخيرة.
- مركبات مصفحة ومجهزة خصيصاً.
- أجهزة الاتصالات المتقدمة.
- أجهزة الرؤية الليلية.
- معدات الحماية الشخصية، مثل السترات الواقية من الرصاص.
كانت “ديفياتكا” تستخدم أيضاً تقنيات متطورة للمراقبة والتشويش لتعزيز الأمن.
العمليات البارزة
شاركت “ديفياتكا” في العديد من العمليات الأمنية البارزة على مر السنين. من بين هذه العمليات:
- حماية القادة السوفيتيين: توفير الأمن والحماية لقادة الاتحاد السوفيتي خلال الزيارات الرسمية والمؤتمرات والاجتماعات.
- تأمين الفعاليات الكبرى: تأمين الفعاليات السياسية والثقافية والرياضية الكبرى، مثل دورة الألعاب الأولمبية في موسكو عام 1980.
- مكافحة التجسس والإرهاب: المشاركة في عمليات مكافحة التجسس والإرهاب، وحماية المنشآت الحكومية والدبلوماسية.
- تأمين زيارات الوفود الأجنبية: توفير الحماية لكبار الشخصيات والوفود الأجنبية الزائرة للاتحاد السوفيتي.
حافظت “ديفياتكا” على سرية عملياتها، مما جعل من الصعب تحديد جميع العمليات التي شاركت فيها على وجه الدقة.
نهاية “ديفياتكا”
مع انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، انتهى وجود “ديفياتكا” كجزء من جهاز كي جي بي. تم دمج العديد من وحداتها وموظفيها في الهيئات الأمنية الجديدة التي تشكلت في روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابقة. على الرغم من انتهاء وجودها الرسمي، إلا أن إرث “ديفياتكا” لا يزال قائماً، وتواصل العديد من الوحدات الأمنية الحديثة في روسيا والدول الأخرى استخدام الأساليب والتقنيات التي طورتها “ديفياتكا” على مر السنين.
الأهمية التاريخية والإرث
كانت “ديفياتكا” قوة أمنية مهمة في تاريخ الاتحاد السوفيتي. لعبت دوراً حاسماً في حماية قادة البلاد وتوفير الأمن القومي. ساهمت في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، على الرغم من الانتقادات الموجهة إليها فيما يتعلق ببعض جوانب عملها. تركت “ديفياتكا” إرثاً كبيراً في مجال الأمن والحماية الشخصية، ولا تزال أساليبها وتقنياتها تؤثر على الوحدات الأمنية في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
المدرية التاسعة الرئيسية (كي جي بي)، أو “ديفياتكا”، كانت وحدة أمنية سرية ومؤثرة في الاتحاد السوفيتي. تأسست لحماية قادة الحزب والدولة وكبار الشخصيات. قامت “ديفياتكا” بتوفير الحماية الشخصية، وتأمين المباني والفعاليات، ومكافحة التهديدات الأمنية. على الرغم من انتهاء وجودها الرسمي، إلا أن إرثها في مجال الأمن والحماية الشخصية لا يزال قائماً. كانت “ديفياتكا” رمزاً لقوة جهاز الأمن السوفيتي، ولعبت دوراً هاماً في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الاتحاد السوفيتي خلال فترة الحرب الباردة.