<![CDATA[
مقدمة
قد يشير اسم تشارلز كيتنغ إلى عدة شخصيات، أشهرهم تشارلز كيتنغ الابن، المحامي والمصرفي الأمريكي الذي ارتبط اسمه بفضيحة الادخار والقروض في الثمانينات. هذه المقالة تهدف إلى توضيح الشخصيات التي تحمل هذا الاسم، مع التركيز بشكل خاص على تشارلز كيتنغ الابن ودوره في الأزمة المالية.
تشارلز كيتنغ الابن (Charles Keating Jr.)
تشارلز كيتنغ الابن، واسمه الكامل تشارلز هنري كيتنغ الابن (4 ديسمبر 1923 – 31 مارس 2014)، كان محاميًا ورجل أعمال ومصرفيًا أمريكيًا. اشتهر بدوره المحوري في فضيحة الادخار والقروض في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، والتي أدت إلى خسائر فادحة للمدخرين ودافعي الضرائب الأمريكيين.
ولد كيتنغ في سينسيناتي، أوهايو، وخدم في البحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب، حصل على شهادة في القانون وعمل كمحامٍ. في الستينيات، انخرط في مجال العقارات والتطوير، وحقق نجاحًا كبيرًا. وفي الثمانينات، استحوذ على شركة لينكولن للادخار والتمويل (Lincoln Savings and Loan Association)، وهي شركة ادخار وقروض مقرها كاليفورنيا.
تحت قيادة كيتنغ، انخرطت لينكولن في ممارسات استثمارية عالية المخاطر، بما في ذلك الاستثمار في سندات غير مرغوب فيها والعقارات. كما اتُهم كيتنغ باستخدام أموال الشركة لدعم نمط حياته الباذخ ولتمويل مساعيه السياسية. في عام 1989، انهارت لينكولن، مما أدى إلى خسارة تقدر بنحو 3.4 مليار دولار للمدخرين ودافعي الضرائب.
فضيحة الادخار والقروض (Savings and Loan Crisis)
كانت فضيحة الادخار والقروض أزمة مالية كبيرة أثرت على صناعة الادخار والقروض في الولايات المتحدة في الثمانينات والتسعينات. أدت الأزمة إلى إفلاس مئات من شركات الادخار والقروض وتكبد دافعي الضرائب خسائر بمليارات الدولارات. كان تشارلز كيتنغ الابن وشخصيات أخرى متورطين في ممارسات احتيالية وغير قانونية، مما ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة.
من بين الأسباب الرئيسية للأزمة:
- التنظيم المتراخي: سمحت القوانين واللوائح المتساهلة لشركات الادخار والقروض بالانخراط في ممارسات استثمارية عالية المخاطر.
- الفساد والاحتيال: تورط العديد من المسؤولين في شركات الادخار والقروض في ممارسات احتيالية، مثل تزوير البيانات المالية واختلاس الأموال.
- التضخم وارتفاع أسعار الفائدة: أدى التضخم وارتفاع أسعار الفائدة في أوائل الثمانينات إلى تآكل ربحية شركات الادخار والقروض.
أدت الفضيحة إلى إدانة العديد من المسؤولين التنفيذيين في شركات الادخار والقروض، بمن فيهم تشارلز كيتنغ الابن. كما أدت إلى إصلاحات تنظيمية واسعة النطاق تهدف إلى منع تكرار الأزمة.
محاكمة تشارلز كيتنغ
بعد انهيار لينكولن، وُجهت إلى تشارلز كيتنغ تهم جنائية تتعلق بالاحتيال والتآمر. في عام 1991، أُدين كيتنغ بتهم الاحتيال في ولاية كاليفورنيا، وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات. ومع ذلك، تم إلغاء هذه الإدانة لاحقًا بسبب مخالفات إجرائية.
في عام 1993، وُجهت إلى كيتنغ تهم فدرالية تتعلق بالاحتيال والتآمر. في عام 1993، أُدين كيتنغ بتهم الاحتيال الفدرالي، وحُكم عليه بالسجن لمدة 12 عامًا و6 أشهر. قضى كيتنغ أربع سنوات ونصف في السجن قبل إطلاق سراحه في عام 1999.
أثارت محاكمة كيتنغ جدلاً واسعًا، حيث اتهمه البعض بأنه كبش فداء للأزمة، بينما رأى آخرون أنه يستحق العقاب بسبب دوره في الفضيحة.
“كيتنغ فايف” (Keating Five)
بالإضافة إلى محاكمته الجنائية، ارتبط اسم كيتنغ بفضيحة سياسية أطلق عليها اسم “كيتنغ فايف”. يشير هذا المصطلح إلى خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، هم آلان كرانستون، ودينيس دي كونشيني، وجون جلين، وجون ماكين، ودونالد ريغلي، الذين تلقوا تبرعات سياسية كبيرة من كيتنغ. اتُهم هؤلاء السيناتورات بالتدخل نيابة عن كيتنغ لدى الجهات التنظيمية الفدرالية التي كانت تحقق في أنشطة لينكولن للادخار والتمويل. خضع السيناتورات لتحقيق من قبل لجنة الأخلاقيات في مجلس الشيوخ، وتم توبيخ بعضهم بسبب سلوكهم.
أثارت فضيحة “كيتنغ فايف” تساؤلات حول تأثير المال على السياسة وأهمية النزاهة في الخدمة العامة.
إرث تشارلز كيتنغ
يبقى إرث تشارلز كيتنغ الابن مثيرًا للجدل. يراه البعض رمزًا للجشع والفساد اللذين ساهما في أزمة الادخار والقروض، بينما يرى آخرون أنه ضحية لنظام مالي غير عادل. بغض النظر عن الرأي، لا يمكن إنكار أن كيتنغ كان شخصية محورية في واحدة من أكبر الفضائح المالية في تاريخ الولايات المتحدة.
توفي كيتنغ في عام 2014 عن عمر يناهز 90 عامًا. ترك وراءه إرثًا معقدًا ومثيرًا للجدل سيستمر في إثارة النقاش لسنوات قادمة.
شخصيات أخرى تحمل اسم تشارلز كيتنغ
بالإضافة إلى تشارلز كيتنغ الابن، قد يشير اسم تشارلز كيتنغ إلى شخصيات أخرى، على الرغم من أن شهرتهم أقل بكثير:
- تشارلز كيتنغ (كاتب): كاتب ومؤلف للعديد من الكتب في مجالات مختلفة.
- تشارلز كيتنغ (رياضي): رياضي متخصص في ألعاب القوى.
من المهم ملاحظة أن هذه الشخصيات لا علاقة لها بتشارلز كيتنغ الابن أو فضيحة الادخار والقروض.
دروس مستفادة من فضيحة الادخار والقروض
تقدم فضيحة الادخار والقروض العديد من الدروس المهمة حول أهمية التنظيم المالي، والنزاهة في الخدمة العامة، وتأثير المال على السياسة. من بين هذه الدروس:
- أهمية التنظيم المالي: يجب أن تكون هناك قوانين ولوائح قوية تحكم صناعة الخدمات المالية لمنع الممارسات الاستثمارية عالية المخاطر والاحتيال.
- أهمية النزاهة في الخدمة العامة: يجب على المسؤولين المنتخبين والموظفين الحكوميين أن يتصرفوا بنزاهة وأن يتجنبوا أي تضارب في المصالح.
- تأثير المال على السياسة: يجب أن يكون هناك قيود على التبرعات السياسية لمنع الأفراد والشركات الأثرياء من التأثير بشكل غير عادل على السياسة العامة.
من خلال تعلم الدروس من فضيحة الادخار والقروض، يمكننا العمل على بناء نظام مالي أكثر استقرارًا وإنصافًا.
خاتمة
تشارلز كيتنغ الابن كان شخصية بارزة في فضيحة الادخار والقروض، وهي أزمة مالية أثرت بشكل كبير على الولايات المتحدة. من خلال ممارساته الاستثمارية عالية المخاطر والاتهامات بالفساد، أصبح كيتنغ رمزًا للجشع والتجاوزات التي ساهمت في الأزمة. على الرغم من وجود شخصيات أخرى تحمل نفس الاسم، يبقى تشارلز كيتنغ الابن هو الأكثر شهرة وارتباطًا بهذه الفترة المضطربة في التاريخ المالي الأمريكي. تظل فضيحة الادخار والقروض درسًا قيمًا حول أهمية التنظيم المالي والنزاهة في الخدمة العامة.