<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد بالتازار بيرموسر في كام، وهي بلدة تقع في منطقة بافاريا بألمانيا. بدأ بيرموسر حياته المهنية كمتدرب لدى نحات محلي، حيث تعلم الأساسيات والتقنيات الأولية للنحت. سرعان ما أظهر موهبة استثنائية وقدرة فائقة على التعبير الفني، مما شجع معلمه على توجيهه نحو المزيد من التدريب المتقدم.
في شبابه، سافر بيرموسر إلى فيينا وروما، وهما من أهم المراكز الفنية في أوروبا. قضى بيرموسر سنوات في دراسة أعمال النحاتين الكلاسيكيين والباروكيين الكبار، مثل مايكل أنجلو وجيان لورينزو برنيني. تأثر بيرموسر بشكل خاص بأسلوب برنيني الديناميكي والدرامي، والذي انعكس لاحقًا في أعماله الخاصة.
مسيرته المهنية
بعد عودته من إيطاليا، استقر بيرموسر في درسدن، حيث عمل لدى البلاط الملكي لساكسونيا. سرعان ما أصبح النحات المفضل لدى الملك أوغسطس الثاني القوي، الذي كلفه بالعديد من المشاريع الهامة. كان بيرموسر مسؤولاً عن تصميم وتنفيذ العديد من المنحوتات التي تزين القصور والحدائق والكنائس في درسدن وغيرها من المدن في ساكسونيا.
اشتهر بيرموسر بقدرته على العمل بمجموعة متنوعة من المواد، بما في ذلك الرخام والخشب والعاج. كان يتقن تقنيات النحت المختلفة، من النحت البارز إلى النحت المجسم الكامل. تميزت أعماله بالدقة والاهتمام بالتفاصيل، فضلاً عن قدرتها على نقل المشاعر والأحاسيس الإنسانية.
أعماله البارزة
تعتبر منحوتة “أطلس” الموجودة في قصر زوينغر في درسدن من أشهر أعمال بيرموسر. تصور هذه المنحوتة العملاقة أطلس وهو يحمل الكرة الأرضية على كتفيه. تتميز المنحوتة بالديناميكية والقوة التعبيرية، وتعكس تأثير أسلوب برنيني على بيرموسر.
- أطلس في قصر زوينغر: تحفة فنية تجسد القوة والتحمل، وتعتبر من أبرز معالم درسدن.
- منحوتات الحديقة الكبرى في درسدن: مجموعة من المنحوتات التي تزين الحديقة، وتتميز بتنوع المواضيع والأساليب.
- المذابح في الكنائس المختلفة: تصميم وتنفيذ مذابح رائعة في العديد من الكنائس في ساكسونيا.
- المنحوتات الخشبية في الكنائس: أعمال فنية دينية تبرز مهارة بيرموسر في التعامل مع الخشب.
ومن بين أعماله البارزة الأخرى، توجد المنحوتات التي تزين الحديقة الكبرى في درسدن، بالإضافة إلى العديد من المذابح والمنحوتات الخشبية في الكنائس المختلفة. تتميز هذه الأعمال بتنوع المواضيع والأساليب، وتعكس قدرة بيرموسر على التكيف مع متطلبات العملاء المختلفين.
أسلوبه الفني
يتميز أسلوب بيرموسر بالديناميكية والدراما والتعبير العاطفي. كان بيرموسر يميل إلى استخدام الأشكال الحلزونية والحركات الملتوية في منحوتاته، مما يضفي عليها إحساسًا بالحيوية والطاقة. كما كان يهتم بتفاصيل الملابس والشعر وتعابير الوجه، مما يجعل شخصياته تبدو نابضة بالحياة.
تأثر بيرموسر بأسلوب برنيني، لكنه طور أسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره من النحاتين. كان بيرموسر يميل إلى استخدام الألوان الزاهية والزخارف المعقدة في منحوتاته، مما يضفي عليها طابعًا احتفاليًا وبراقًا. كما كان يهتم بالتوازن والتناسق في التكوين، مما يجعل أعماله تبدو متكاملة ومتناغمة.
تأثيره وإرثه
كان لبيرموسر تأثير كبير على فن النحت في عصره. ألهم بيرموسر العديد من النحاتين الشباب، وساهم في تطوير أسلوب النحت الباروكي المتأخر. تعتبر أعماله من بين أهم التحف الفنية التي أنتجت في ساكسونيا في القرن الثامن عشر.
لا تزال أعمال بيرموسر تحظى بالتقدير والاحترام حتى اليوم. يتم عرض منحوتاته في المتاحف والمعارض الفنية في جميع أنحاء العالم. تعتبر أعماله مصدر إلهام للنحاتين والفنانين من جميع الأجيال.
حياته الشخصية
تزوج بيرموسر وأنجب العديد من الأطفال. كان بيرموسر شخصية محبوبة ومحترمة في مجتمعه. كان يتمتع بحس فكاهي وشخصية جذابة، مما جعله محبوبًا من قبل زملائه وعملائه.
وفاته
توفي بالتازار بيرموسر في درسدن في عام 1732 عن عمر يناهز 80 عامًا. تم دفنه في مقبرة الكنيسة الكاثوليكية القديمة في درسدن. لا تزال قبره موجودة حتى اليوم، وتعتبر مزارًا سياحيًا هامًا.
خاتمة
بالتازار بيرموسر كان نحاتًا بارزًا في عصره، تميز بأسلوبه الديناميكي والدرامي والتعبير العاطفي. ترك بيرموسر إرثًا فنيًا غنيًا لا يزال يلهم الفنانين والنحاتين حتى اليوم. أعماله شاهدة على موهبته الفذة وقدرته على تحويل المواد الخام إلى تحف فنية خالدة. يعتبر بيرموسر أحد أهم ممثلي فن النحت الباروكي المتأخر، وأحد أبرز الفنانين الذين ساهموا في إثراء التراث الفني لساكسونيا وأوروبا.