<![CDATA[
التأسيس والأهداف المبكرة
تأسست جمعية نيو إنجلاند لقمع الرذيلة في عام 1878، مدفوعة بمجموعة من الإصلاحيين الاجتماعيين والقيادات الدينية الذين سعوا إلى مكافحة ما اعتبروه تهديدات أخلاقية للمجتمع. كان الهدف الأساسي للجمعية هو قمع “الرذيلة” بجميع أشكالها، والتي شملت الدعارة والقمار والمواد الإباحية والمطبوعات “غير اللائقة” الأخرى. وسعت الجمعية إلى تحقيق أهدافها من خلال الضغط التشريعي والملاحقات القضائية للمخالفين المزعومين، فضلاً عن حملات التوعية العامة.
تغيير الاسم وتوسيع نطاق العمل
في عام 1917، تم تغيير اسم الجمعية إلى جمعية المراقبة والحماية في نيو إنجلاند. يعكس هذا التغيير تحولًا في تركيز الجمعية من مجرد “قمع الرذيلة” إلى دور أوسع في “مراقبة” و “حماية” الجمهور من مجموعة متنوعة من التأثيرات الضارة المحتملة. على الرغم من أن الجمعية استمرت في معارضة ما اعتبرته مواد إباحية ومخلة بالآداب، إلا أنها وسعت أيضًا نطاق أنشطتها ليشمل الرقابة على الأفلام والمسرحيات والكتب والموسيقى، وحتى الإعلانات.
أساليب العمل والتأثير
اعتمدت جمعية المراقبة والحماية على مجموعة متنوعة من الأساليب لتحقيق أهدافها. وشملت هذه الأساليب:
- الضغط التشريعي: سعت الجمعية بنشاط إلى التأثير على المشرعين لسن قوانين تجرم أو تقيد إنتاج وتوزيع المواد التي تعتبرها غير لائقة.
- الملاحقات القضائية: رفعت الجمعية دعاوى قضائية ضد الأفراد والشركات المتهمين بانتهاك قوانين الفحش أو نشر مواد “ضارة”.
- المقاطعة: شجعت الجمعية الجمهور على مقاطعة الشركات أو المؤسسات التي تعرض أو تبيع مواد تعتبرها غير مقبولة.
- الرقابة غير الرسمية: مارست الجمعية ضغوطًا على المكتبات ودور النشر ودور السينما والمسارح لإزالة أو تعديل المواد التي تعتبرها غير لائقة.
من خلال هذه الأساليب، مارست جمعية المراقبة والحماية تأثيرًا كبيرًا على المشهد الثقافي في نيو إنجلاند وخارجها. تم حظر العديد من الكتب والمسرحيات والأفلام أو تعديلها بناءً على طلبات الجمعية. غالبًا ما كان الفنانون والكتاب والمنتجون يراقبون أنفسهم لتجنب التدقيق من قبل الجمعية، مما أدى إلى تأثير مخيف على حرية التعبير.
الرقابة على الأدب
كانت الجمعية نشطة بشكل خاص في الرقابة على الأدب. استهدفت العديد من الكتب الكلاسيكية والمعاصرة التي اعتبرتها غير أخلاقية أو مسيئة. من بين الأعمال الأدبية البارزة التي تعرضت لرقابة الجمعية:
- “أوليسيس” (Ulysses) لجيمس جويس: تم حظر هذه الرواية الرائدة في الولايات المتحدة لسنوات عديدة بسبب ما اعتبرته الجمعية محتوى فاحشًا.
- “عشيق الليدي تشاترلي” (Lady Chatterley’s Lover) لديفيد هربرت لورانس: واجهت هذه الرواية أيضًا صعوبات بسبب تصويرها للعلاقات الجنسية.
- “أمريكا” (America) لإدوارد دالبرج: رأت الجمعية أن هذه الرواية تصور الجنس بشكل صريح للغاية.
لم تقتصر رقابة الجمعية على الكتب “الرائدة” أو “المثيرة للجدل”. حتى الأعمال الأدبية الكلاسيكية مثل “قصص كانتربري” (The Canterbury Tales) لجيفري تشوسر تعرضت للتدقيق بسبب محتواها الجنسي الصريح.
الرقابة على الأفلام والمسرح
بالإضافة إلى الأدب، مارست جمعية المراقبة والحماية رقابة كبيرة على الأفلام والمسرح. سعت الجمعية إلى التأثير على محتوى الأفلام من خلال الضغط على استوديوهات هوليوود والموزعين المحليين. كما أنها لعبت دورًا رئيسيًا في إنشاء مجالس الرقابة المحلية التي قامت بتقييم الأفلام وحظرها أو تعديلها قبل عرضها للجمهور.
وبالمثل، راقبت الجمعية عن كثب المسرحيات والإنتاجات المسرحية. غالبًا ما كانت تهدد باتخاذ إجراءات قانونية ضد المسارح التي تعرض مسرحيات تعتبرها غير لائقة. أدى هذا إلى الرقابة الذاتية على نطاق واسع في صناعة المسرح، حيث كان المنتجون والمخرجون حريصين على تجنب التدقيق من قبل الجمعية.
انتقادات ومعارضة
على الرغم من نفوذها الكبير، واجهت جمعية المراقبة والحماية انتقادات ومعارضة متزايدة على مر السنين. جادل النقاد بأن أنشطة الجمعية تنتهك حرية التعبير وتقوض الإبداع الفني. كما اتهموا الجمعية بأنها نخبوية وغير ديمقراطية، وتسعى إلى فرض قيمها الأخلاقية على بقية المجتمع.
في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، بدأت قوة الجمعية تتضاءل مع ظهور حركات اجتماعية وثقافية جديدة دافعت عن حرية التعبير والتعبير الفني. أدت القرارات القضائية التي وسعت نطاق الحماية الدستورية لحرية التعبير أيضًا إلى تقويض قدرة الجمعية على رقابة المواد الأدبية والفنية.
التأثير الدائم
على الرغم من أن جمعية المراقبة والحماية لم تعد موجودة اليوم، إلا أن إرثها لا يزال محسوسًا. أثارت أنشطة الجمعية نقاشات مهمة حول العلاقة بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية. كما سلطت الضوء على قوة الرقابة وتأثيرها المحتمل على الإبداع الفني والثقافة.
تعتبر قصة جمعية المراقبة والحماية بمثابة تذكير بأنه حتى في المجتمعات الديمقراطية، يمكن أن تتعرض حرية التعبير للتهديد من قبل الجماعات التي تسعى إلى فرض قيمها الأخلاقية على الآخرين. من المهم أن نكون يقظين في الدفاع عن حرية التعبير والتعبير الفني، مع إدراكنا أيضًا لأهمية المسؤولية الاجتماعية والأخلاق.
خاتمة
كانت جمعية المراقبة والحماية في نيو إنجلاند قوة رقابية قوية أثرت بشكل كبير على المشهد الثقافي في أوائل القرن العشرين. على الرغم من أن الجمعية سعت إلى حماية المجتمع من التأثيرات الضارة المحتملة، إلا أن أنشطتها أثارت أيضًا مخاوف بشأن حرية التعبير والرقابة. تظل قصة الجمعية ذات صلة اليوم كتذكير بأهمية الموازنة بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية.