تاريخ التأسيس والتطور
بدأ تاريخ القوات المحمولة جواً السوفيتية في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، مع بداية التجارب على الإنزال الجوي. شهدت هذه الفترة تطوراً سريعاً في تكتيكات الإنزال الجوي وتقنياته. في عام 1930، تم إجراء أول عملية إنزال جوي عسكرية واسعة النطاق في الاتحاد السوفيتي. بحلول عام 1933، بدأت القوات المحمولة جواً السوفيتية في التشكيل كقوة مستقلة، مع وحدات مخصصة ومدربة خصيصاً لهذا النوع من العمليات. خلال هذه الفترة، ركز التدريب على الإنزال بالمظلات من الطائرات، والقتال في المناطق الخلفية للعدو، والعمليات الخاصة.
خلال الحرب العالمية الثانية، لعبت القوات المحمولة جواً السوفيتية دوراً هاماً في العديد من المعارك. على الرغم من أنهم عانوا من خسائر فادحة في بعض العمليات، إلا أنهم أثبتوا قدرتهم على القتال ببراعة وشجاعة. شاركت الوحدات المحمولة جواً في الدفاع عن المدن الرئيسية، وعرقلة تقدم القوات الألمانية، وتنفيذ الهجمات المضادة. بعد الحرب، خضعت القوات المحمولة جواً لإعادة تنظيم وتحديث، مع التركيز على تحسين المعدات والتدريب. استمرت القوات في النمو في الحجم والأهمية، وأصبحت جزءاً مهماً من القوة العسكرية السوفيتية خلال الحرب الباردة.
التدريب والتسليح
كان التدريب في القوات المحمولة جواً السوفيتية مكثفاً وصعباً، ويهدف إلى إعداد الجنود للقتال في أصعب الظروف. شمل التدريب التدريب على القفز بالمظلات، والقتال القريب، والتعامل مع الأسلحة المختلفة، بالإضافة إلى التدريب على المهام الخاصة مثل التخريب والاستطلاع خلف خطوط العدو. كان على المجندين اجتياز اختبارات لياقة بدنية صارمة، وتعلم مهارات البقاء على قيد الحياة، والتدريب على استخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة والمعدات.
تنوع تسليح القوات المحمولة جواً ليشمل الأسلحة الخفيفة والثقيلة، بالإضافة إلى المعدات المتخصصة. شملت الأسلحة الخفيفة البنادق الهجومية، والمسدسات الرشاشة، والقناصة. استخدمت القوات المحمولة جواً أيضاً قاذفات القنابل اليدوية، والصواريخ المضادة للدبابات، والمدافع الرشاشة الثقيلة. بالإضافة إلى ذلك، تم تجهيز بعض الوحدات بالمركبات الخفيفة مثل مركبات القتال المحمولة جواً (BMD)، التي يمكن إلقاؤها بالمظلات مع الجنود.
التكتيكات والعمليات
استخدمت القوات المحمولة جواً السوفيتية مجموعة متنوعة من التكتيكات في عملياتها العسكرية. ركزت التكتيكات على السرعة والمفاجأة، بهدف الوصول إلى أهدافها بسرعة وتدميرها قبل أن يتمكن العدو من الرد. كانت العمليات عادة ما تتضمن الإنزال الجوي خلف خطوط العدو، ثم الاشتباك مع القوات المعادية، والاستيلاء على الأهداف الاستراتيجية مثل الجسور والمطارات ومراكز القيادة.
من بين العمليات البارزة التي شاركت فيها القوات المحمولة جواً السوفيتية:
- الحرب العالمية الثانية: شاركت الوحدات المحمولة جواً في العديد من المعارك الحاسمة، بما في ذلك الدفاع عن موسكو وستالينجراد.
- غزو أفغانستان: لعبت القوات المحمولة جواً دوراً كبيراً في غزو أفغانستان في عام 1979، حيث قامت بالعديد من العمليات القتالية والسيطرة على الأهداف الاستراتيجية.
- عمليات أخرى: شاركت القوات المحمولة جواً أيضاً في عدد من العمليات الأخرى، بما في ذلك التدخل في المجر وتشيكوسلوفاكيا.
التنظيم والهيكل
كانت القوات المحمولة جواً السوفيتية منظمة بشكل مستقل عن القوات المسلحة الأخرى، وكانت تخضع مباشرة لقيادة الأركان العامة. كان هيكل القوات المحمولة جواً يتضمن:
- الفرق: كانت الفرق هي الوحدات التكتيكية الرئيسية للقوات المحمولة جواً، وكانت تتكون من عدة أفواج.
- الأفواج: كانت الأفواج تتكون من عدة كتائب، وكانت مسؤولة عن تنفيذ المهام التكتيكية على الأرض.
- الكتائب: كانت الكتائب تتكون من عدة سرايا، وكانت تتألف من الجنود الذين يشاركون بشكل مباشر في القتال.
- الوحدات الداعمة: بالإضافة إلى الوحدات القتالية، تضمنت القوات المحمولة جواً وحدات داعمة مثل وحدات الهندسة، والاتصالات، والإمداد اللوجستي.
المعدات والمركبات
تم تجهيز القوات المحمولة جواً السوفيتية بمجموعة متنوعة من المعدات والمركبات المصممة خصيصاً لعمليات الإنزال الجوي. شملت المعدات الرئيسية:
- المظلات: كانت المظلات ضرورية لعمليات الإنزال الجوي، وتم استخدام أنواع مختلفة من المظلات للجنود والمعدات.
- مركبات القتال المحمولة جواً (BMD): كانت BMD مركبات قتالية خفيفة يمكن إلقاؤها بالمظلات مع الجنود، مما يوفر دعماً نارياً متحركاً.
- ناقلات الجند المدرعة (BTR-D): استخدمت BTR-D لنقل الجنود والمعدات.
- الأسلحة الصغيرة والمتخصصة: بالإضافة إلى الأسلحة القياسية، كانت القوات المحمولة جواً مجهزة بأسلحة متخصصة مثل قاذفات القنابل اليدوية والصواريخ المضادة للدبابات.
الأهمية والتأثير
كانت القوات المحمولة جواً السوفيتية قوة عسكرية قوية ومؤثرة. لعبت دوراً حاسماً في العديد من العمليات العسكرية، وأظهرت قدرتها على القتال ببراعة وشجاعة. خلال الحرب الباردة، كانت القوات المحمولة جواً السوفيتية تمثل تهديداً كبيراً لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكانت تعتبر قوة نخبة قادرة على الانتشار السريع وراء خطوط العدو. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حافظت القوات المحمولة جواً على أهميتها في روسيا الاتحادية، ولا تزال قوة مهمة في القوات المسلحة الروسية حتى اليوم.
خاتمة
كانت القوات المحمولة جواً السوفيتية قوة عسكرية استثنائية، تميزت بالتدريب المكثف، والتسليح الجيد، والقدرة على القتال في أصعب الظروف. لعبت دوراً حاسماً في العديد من العمليات العسكرية على مر السنين، وكانت تمثل جزءاً مهماً من القوة العسكرية السوفيتية خلال الحرب الباردة. على الرغم من التغيرات السياسية والعسكرية، استمرت هذه القوات في الحفاظ على أهميتها وتأثيرها في روسيا الحديثة، مما يدل على إرثها القوي.