خلفية تاريخية
بعد حصول أنغولا على الاستقلال عن البرتغال عام 1975، اندلعت حرب أهلية بين ثلاث حركات رئيسية للمقاومة: حركة شعبة تحرير أنغولا (MPLA)، والجبهة الوطنية لتحرير أنغولا (FNLA)، والاتحاد الوطني لاستقلال أنغولا (UNITA). كانت حركة MPLA مدعومة من الاتحاد السوفيتي وكوبا، بينما تلقت FNLA دعمًا من الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، مع تدهور حظوظ FNLA، بدأت الولايات المتحدة في تحويل تركيزها إلى UNITA بقيادة سافيمبي.
كان جوناس سافيمبي شخصية مثيرة للجدل. على الرغم من أنه كان في البداية شيوعيًا، فقد تحول إلى معارض قوي للشيوعية وتلقى دعمًا من الولايات المتحدة خلال فترة الحرب الباردة. اتُهم سافيمبي بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال الحرب الأهلية، لكن الولايات المتحدة بررت دعمها له على أساس أنه كان قوة مضادة للشيوعية ضرورية في المنطقة.
أهداف العملية
كان الهدف الرئيسي من عملية الميزة هو منع حركة MPLA المدعومة من السوفييت من ترسيخ سيطرتها على أنغولا. اعتقدت الولايات المتحدة أن الحكومة الشيوعية في أنغولا من شأنها أن تسمح للاتحاد السوفيتي بتوسيع نفوذه في جنوب إفريقيا، مما يهدد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، رغبت الولايات المتحدة في الوصول إلى الموارد الغنية في أنغولا، بما في ذلك النفط والماس.
تضمنت أهداف العملية أيضًا:
- تدريب وتسليح قوات UNITA.
- تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لـ UNITA.
- تقويض الحكومة الأنغولية المدعومة من السوفييت.
- المساعدة في إطالة أمد الصراع في أنغولا، مما يرهق الموارد السوفيتية.
تنفيذ العملية
بدأت عملية الميزة في عام 1986. قدمت وكالة المخابرات المركزية سرًا معدات عسكرية وأسلحة، بما في ذلك صواريخ ستينغر المضادة للطائرات، إلى UNITA من خلال دول مثل زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية الآن) وجنوب إفريقيا. كما قدمت وكالة المخابرات المركزية التدريب لجنود UNITA، بالإضافة إلى الدعم الاستخباراتي.
كانت جنوب إفريقيا حليفًا مهمًا للولايات المتحدة في عملية الميزة. قدمت جنوب إفريقيا أيضًا دعمًا عسكريًا لـ UNITA، بما في ذلك القوات والمعدات. تعاونت الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا لتوفير التدريب والدعم اللوجستي لـ UNITA، مما ساهم في إطالة أمد الحرب الأهلية في أنغولا.
عملية الميزة كانت سرية للغاية. لم يتم الإعلان عن مشاركة الولايات المتحدة في أنغولا علنًا إلا في أواخر الثمانينيات، عندما بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في التحسن. استمر الدعم الأمريكي لـ UNITA حتى أوائل التسعينيات.
العواقب
كانت لعملية الميزة عواقب وخيمة على أنغولا. أدت الحرب الأهلية، التي اشتعلت بسبب التدخل الأمريكي والسوفييتي، إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وتشريد الملايين. تسببت الحرب أيضًا في دمار البنية التحتية للبلاد، مما أعاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت عملية الميزة في تأجيج التوترات في المنطقة. أدت مشاركة جنوب إفريقيا في الحرب الأهلية إلى تفاقم التوترات مع الدول المجاورة، مما أدى إلى مزيد من عدم الاستقرار في جنوب إفريقيا.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، انتهت الحرب الأهلية في أنغولا بشكل فعال. وقعت حركة MPLA و UNITA اتفاقية سلام في عام 1991، ولكن القتال تجدد في عام 1992. استمرت الحرب الأهلية حتى عام 2002، عندما قُتل سافيمبي في القتال.
تقييم العملية
كانت عملية الميزة محل جدل كبير. يجادل المؤيدون بأن العملية كانت ضرورية لاحتواء الشيوعية ومنع الاتحاد السوفيتي من توسيع نفوذه في جنوب إفريقيا. كما يزعمون أن الدعم الأمريكي لـ UNITA ساعد في إطالة أمد الحرب الأهلية، مما أدى في النهاية إلى سقوط الحكومة الأنغولية المدعومة من السوفييت.
من ناحية أخرى، يجادل النقاد بأن عملية الميزة كانت انتهاكًا لسيادة أنغولا وأنها أدت إلى تفاقم الحرب الأهلية، مما تسبب في معاناة إنسانية هائلة. كما يزعمون أن الدعم الأمريكي لـ UNITA كان بمثابة دعم لنظام قمعي متورط في انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
بغض النظر عن وجهات النظر، من الواضح أن عملية الميزة كان لها تأثير كبير على أنغولا والمنطقة. كانت العملية جزءًا من الحرب الباردة الأوسع نطاقًا، وقد ساهمت في الصراع والدمار اللذين شهدهما أنغولا على مدى عقود.
خاتمة
كانت عملية الميزة عملية سرية لوكالة المخابرات المركزية (CIA) دعمت جوناس سافيمبي وحركة يونيتا في الحرب الأهلية الأنغولية. كان للعملية أهداف استراتيجية وسياسية، ولكنها أدت إلى عواقب وخيمة على أنغولا، بما في ذلك الحرب والدمار والمعاناة الإنسانية. لا تزال عملية الميزة موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث يختلف المؤيدون والمنتقدون حول تأثيرها وإرثها.