مقدمة
تفجير مطعم لا مون هو هجوم بقنبلة حارقة نفذه الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت (IRA) في 17 فبراير 1978. استهدف الهجوم مطعم لا مون هاوس، الواقع خارج بلفاست مباشرة في مقاطعة داون، أيرلندا الشمالية. أسفر الهجوم عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 30 آخرين بجروح خطيرة. يعتبر هذا الهجوم من بين أكثر الهجمات دموية خلال فترة “المشاكل” في أيرلندا الشمالية.
خلفية الأحداث
خلال سبعينيات القرن الماضي، تصاعدت وتيرة العنف في أيرلندا الشمالية بين الجمهوريين والوحدويين. كان الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت يسعى إلى تحقيق أيرلندا موحدة من خلال إنهاء الحكم البريطاني في أيرلندا الشمالية. في المقابل، كان الوحدويون يسعون للحفاظ على ارتباط أيرلندا الشمالية بالمملكة المتحدة. أدى هذا الصراع إلى سلسلة من الهجمات وعمليات القتل من قبل الجانبين.
كان مطعم لا مون هاوس مكانًا شهيرًا بين السكان المحليين، وغالبًا ما كان يرتاده أفراد من الجيش والشرطة وعائلاتهم. اعتبر الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت المطعم هدفًا مشروعًا بسبب هذا الارتباط.
تفاصيل الهجوم
في مساء يوم 17 فبراير 1978، وصل أربعة أعضاء من الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت إلى مطعم لا مون هاوس في سيارة مسروقة. قاموا بزرع قنبلة حارقة تحتوي على حوالي 45 كيلوغرامًا من النابالم الصناعي بالقرب من المطعم. ثم أطلقوا النار على المطعم ببنادق آلية لإجبار الناس على الاحتماء في الداخل.
انفجرت القنبلة الحارقة في الساعة 9:00 مساءً تقريبًا، مما أدى إلى كرة نارية هائلة اجتاحت المطعم. أدى الانفجار والحرائق الناتجة عنه إلى حالة من الذعر والفوضى. حوصر العديد من الأشخاص داخل المبنى المحترق، بينما تمكن آخرون من الفرار.
الضحايا والإصابات
أسفر الهجوم عن مقتل 12 شخصًا، من بينهم:
- جوينيث ستروثرز (28 عامًا)
- فرانك ماك كليلاند (65 عامًا)
- دورين جراي (25 عامًا)
- جون مايكل أندروز (21 عامًا)
- إليزابيث جيبسون (53 عامًا)
- روبرت ويب (44 عامًا)
- آرتشي سكوت (61 عامًا)
- ماري بليكلي (55 عامًا)
- ساندرا دويل (25 عامًا)
- آيلين ماكمولان (46 عامًا)
- هيذر كير (19 عامًا)
- جنيفر لونغ (21 عامًا)
بالإضافة إلى القتلى، أصيب 30 شخصًا آخرين بجروح خطيرة، عانى العديد منهم من حروق شديدة.
ردود الفعل
أثار تفجير مطعم لا مون إدانة واسعة النطاق من مختلف الأطراف السياسية والدينية. وصف رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، جيمس كالاهان، الهجوم بأنه “عمل وحشي وغير إنساني”. كما أدانت الحكومة الأيرلندية الهجوم بشدة.
أثار الهجوم غضبًا واسع النطاق في أيرلندا الشمالية، وأدى إلى زيادة التوترات بين الطوائف. كما أدى إلى دعوات لتعزيز الأمن وتشديد الإجراءات ضد الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت.
التحقيقات والملاحقات القضائية
بعد الهجوم، أطلقت الشرطة الملكية في أولستر (RUC) تحقيقًا واسع النطاق. تم القبض على العديد من المشتبه بهم واستجوابهم، وفي النهاية تم توجيه الاتهام إلى خمسة أشخاص بالتورط في الهجوم.
حُكم على أربعة من المتهمين بالسجن المؤبد بتهمة القتل العمد. أما المتهم الخامس فقد تمت تبرئته لعدم كفاية الأدلة.
من بين المدانين:
- بيتر ماكورميك
- روبرت مكدونيل
- وليام ماكميلان
- جون بيرن
أطلق سراح جميع المدانين في وقت لاحق بموجب شروط اتفاقية الجمعة العظيمة عام 1998.
تأثير الهجوم
كان لتفجير مطعم لا مون تأثير عميق على المجتمع في أيرلندا الشمالية. لقد كشف عن مدى الوحشية التي يمكن أن يصل إليها الصراع، وأظهر الآثار المدمرة للعنف على المدنيين الأبرياء.
أدى الهجوم إلى زيادة الاستقطاب بين الطوائف، وجعل المصالحة أكثر صعوبة. كما أدى إلى زيادة الدعم للإجراءات الأمنية الأكثر صرامة.
لا يزال تفجير مطعم لا مون يمثل ذكرى مؤلمة في أيرلندا الشمالية. إنه بمثابة تذكير بمخاطر العنف وأهمية السعي لتحقيق السلام.
إحياء الذكرى
تقام فعاليات إحياء ذكرى سنوية في موقع مطعم لا مون لإحياء ذكرى الضحايا. يشارك في هذه الفعاليات أفراد من عائلات الضحايا وناجون من الهجوم وممثلون عن مختلف المجتمعات المحلية.
تهدف فعاليات إحياء الذكرى إلى الحفاظ على ذكرى الضحايا وتعزيز المصالحة والسلام في أيرلندا الشمالية.
الدروس المستفادة
يقدم تفجير مطعم لا مون دروسًا مهمة حول مخاطر العنف والطائفية وأهمية السعي لتحقيق السلام. إنه يذكرنا بأن العنف لا يؤدي إلا إلى المزيد من العنف، وأن المصالحة هي السبيل الوحيد لتحقيق مستقبل أفضل.
كما يذكرنا بأهمية حماية المدنيين في أوقات الصراع، وضمان محاسبة المسؤولين عن ارتكاب أعمال وحشية.
خاتمة
كان تفجير مطعم لا مون مأساة مروعة أودت بحياة 12 شخصًا بريئًا وتسببت في إصابة 30 آخرين بجروح خطيرة. يمثل هذا الهجوم علامة سوداء في تاريخ أيرلندا الشمالية، وهو بمثابة تذكير دائم بمخاطر العنف وأهمية السعي لتحقيق السلام. يجب علينا أن نتعلم من الماضي وأن نعمل معًا لبناء مستقبل أفضل للجميع.