خلفية المعركة
في ربيع عام 1863، ركز اللواء يوليسيس جرانت جهوده على الاستيلاء على فيكسبيرغ، وهي مدينة محصنة تقع على ضفاف نهر المسيسيبي. كانت فيكسبيرغ بمثابة معقل كونفدرالي مهم، وكان الاستيلاء عليها سيقسم الكونفدرالية إلى قسمين ويمنح الاتحاد السيطرة الكاملة على النهر. قبل أن يتمكن جرانت من مهاجمة فيكسبيرغ مباشرة، كان بحاجة إلى تأمين خطوط إمداد وتموين موثوقة.
كانت جراند الخليج، الواقعة جنوب فيكسبيرغ مباشرة، موقعًا استراتيجيًا مهمًا. كانت المدينة بمثابة ميناء رئيسي ومحطة إمداد للقوات الكونفدرالية. بالإضافة إلى ذلك، كانت مدافع جراند الخليج تتحكم في جزء كبير من النهر، مما يجعل من الصعب على سفن الاتحاد المرور. أدرك جرانت أن الاستيلاء على جراند الخليج سيكون خطوة حاسمة في حملته ضد فيكسبيرغ.
التحضيرات للمعركة
خطط جرانت لعملية مشتركة بين الجيش والبحرية للاستيلاء على جراند الخليج. كان الأدميرال ديفيد بورتر، قائد سرب نهر المسيسيبي، مكلفًا بقصف دفاعات الكونفدرالية في جراند الخليج، بينما كان جرانت سيقوم بإنزال قواته بالقرب من المدينة.
كانت دفاعات الكونفدرالية في جراند الخليج قوية. كان الموقع يضم بطاريتين رئيسيتين: حصن كوبلر وحصن ويد. كان حصن كوبلر يضم أربع مدافع ثقيلة، بينما كان حصن ويد يضم ثلاث مدافع أثقل. تم وضع هذه البطاريات على منحدرات عالية تطل على النهر، مما يمنحها ميزة كبيرة على السفن المهاجمة.
أرسل الكونفدراليون بقيادة العميد الجنرال جون بوين قوات لتعزيز جراند الخليج تحسبا لهجوم الاتحاد. تم وضع هذه القوات في مواقع دفاعية حول المدينة، على استعداد لصد أي إنزال برمائي.
بدء المعركة
في 29 أبريل 1863، وصل سرب الأدميرال بورتر إلى جراند الخليج وبدأ في قصف دفاعات الكونفدرالية. أطلقت السفن البحرية وابلًا متواصلًا من النيران على حصني كوبلر وويد، على أمل إسكات المدافع الكونفدرالية.
ردت المدافع الكونفدرالية بنيران كثيفة، وسرعان ما انخرطت السفينتان في معركة مدفعية عنيفة. تمكنت السفن البحرية التابعة للاتحاد من إلحاق أضرار بالغة بالحصون الكونفدرالية، لكنها عانت أيضًا من أضرار كبيرة. تسببت إحدى القذائف الكونفدرالية في انفجار على متن السفينة الرائدة لبورتر، “بينتون”، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من البحارة.
بعد عدة ساعات من القصف، تمكنت السفن البحرية التابعة للاتحاد من إسكات معظم المدافع الكونفدرالية. ومع ذلك، كان لا يزال بعض المدافع يعمل، واستمرت في إطلاق النار على السفن المهاجمة.
محاولة الإنزال الفاشلة
بينما كانت المعركة المدفعية مستمرة، حاول جرانت إنزال قواته بالقرب من جراند الخليج. ومع ذلك، تم صد محاولات الإنزال الأولية من قبل القوات الكونفدرالية التي كانت متمركزة على الشاطئ.
كانت القوات الكونفدرالية قادرة على إلحاق خسائر فادحة بقوات الاتحاد أثناء محاولتهم النزول إلى الشاطئ. كان الكونفدراليون يتمتعون بميزة دفاعية كبيرة، وتمكنوا من إطلاق النار على قوات الاتحاد وهم مكشوفون في قوارب الإنزال.
بعد عدة محاولات فاشلة للنزول، أدرك جرانت أن الأمر سيستغرق وقتًا أطول مما كان متوقعًا للاستيلاء على جراند الخليج عن طريق الهجوم المباشر. قرر تغيير خططه ومحاولة تجاوز المدينة من خلال إنزال قواته في مكان آخر.
جرانت يتجاوز جراند الخليج
بدلاً من الاستمرار في محاولة إنزال قواته مباشرة في جراند الخليج، قرر جرانت إنزال قواته جنوب المدينة، في مكان يُعرف باسم بروينسبيرغ. كانت بروينسبيرغ موقعًا أصغر وأقل دفاعًا، وكان جرانت يعتقد أنه سيكون قادرًا على إنزال قواته هناك بسهولة أكبر.
في 30 أبريل، بدأت قوات الاتحاد في النزول في بروينسبيرغ. لم يعارض الكونفدراليون عملية الإنزال، وتمكنت قوات الاتحاد من النزول إلى الشاطئ بسرعة وأمان.
بمجرد أن تمكن جرانت من إنزال عدد كافٍ من القوات في بروينسبيرغ، بدأ في التقدم نحو الداخل. كان ينوي الاستيلاء على بلدة بورت جيبسون، التي كانت تقع على بعد بضعة أميال من بروينسبيرغ.
معركة بورت جيبسون
في 1 مايو، اشتبكت قوات الاتحاد مع قوة كونفدرالية بالقرب من بورت جيبسون. أسفرت المعركة التي تلت ذلك، والتي عُرفت باسم معركة بورت جيبسون، عن انتصار الاتحاد.
بعد هزيمتهم في بورت جيبسون، تراجع الكونفدراليون إلى فيكسبيرغ. كان جرانت الآن حرًا في مواصلة حملته ضد فيكسبيرغ دون الحاجة إلى القلق بشأن تهديد جراند الخليج.
انسحاب الكونفدرالية من جراند الخليج
بعد معركة بورت جيبسون، أدرك الكونفدراليون أنهم لم يتمكنوا من الدفاع عن جراند الخليج. في 2 مايو، قاموا بإجلاء المدينة وتراجعوا إلى فيكسبيرغ. دمر الكونفدراليون المدافع والإمدادات المتبقية في جراند الخليج لمنعها من الوقوع في أيدي الاتحاد.
عندما وصل جرانت إلى جراند الخليج وجدها مهجورة. كان قادرًا على الاستيلاء على المدينة دون مقاومة، واستخدمها كقاعدة إمداد لعملياته ضد فيكسبيرغ.
النتائج
كانت معركة جراند الخليج انتصارًا استراتيجيًا للاتحاد. من خلال الاستيلاء على جراند الخليج، تمكن جرانت من تأمين خط إمداد وتموين مهم لحملته ضد فيكسبيرغ. سمح له ذلك بالتقدم نحو فيكسبيرغ ومحاصرة المدينة في النهاية.
كانت معركة جراند الخليج أيضًا بمثابة نكسة معنوية للكونفدرالية. أظهر أن الاتحاد كان قادرًا على تحدي دفاعات الكونفدرالية والاستيلاء على المواقع الاستراتيجية على طول نهر المسيسيبي.
الأهمية التاريخية
تعتبر معركة جراند الخليج مهمة لأنها مهدت الطريق لحملة فيكسبيرغ الناجحة. كان الاستيلاء على فيكسبيرغ بمثابة نقطة تحول رئيسية في الحرب الأهلية الأمريكية، وساهم بشكل كبير في انتصار الاتحاد.
تُظهر المعركة أهمية السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية خلال الحرب. كان نهر المسيسيبي طريقًا حيويًا للإمداد والتجارة، وكان التحكم فيه ذا أهمية قصوى لكلا الجانبين. سمح انتصار الاتحاد في جراند الخليج لهم بالسيطرة على جزء كبير من النهر، مما أعطى ميزة كبيرة.
خاتمة
كانت معركة جراند الخليج اشتباكًا حاسمًا في حملة فيكسبيرغ خلال الحرب الأهلية الأمريكية. على الرغم من دفاعات الكونفدرالية القوية، تمكنت قوات الاتحاد بقيادة اللواء يوليسيس جرانت من تجاوز المدينة والاستيلاء عليها، مما أدى إلى تأمين خط إمداد حيوي ومواصلة حملة فيكسبيرغ الناجحة في نهاية المطاف. كان لهذه المعركة تأثير كبير على مسار الحرب الأهلية، مما ساهم في انتصار الاتحاد.