نشأته وتعليمه
ولد آلان باركهيرست ميريام في ميسولا، مونتانا. تلقى تعليمه في جامعة ولاية مونتانا، حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1947. ثم انتقل إلى جامعة نورث وسترن، حيث حصل على درجة الماجستير في عام 1948 والدكتوراه في الأنثروبولوجيا عام 1951. تأثر ميريام بشدة بأستاذه ميلفيل هيرسكوفيتس، وهو عالم أنثروبولوجيا رائد في مجال الدراسات الأفريقية.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ ميريام مسيرة مهنية أكاديمية طويلة ومثمرة. قام بالتدريس في جامعة نورث وسترن من عام 1953 إلى عام 1956، ثم انضم إلى هيئة التدريس في جامعة إنديانا، حيث بقي حتى وفاته في عام 1980. في جامعة إنديانا، شغل ميريام مناصب مختلفة، بما في ذلك رئيس قسم الأنثروبولوجيا ورئيس برنامج علم الموسيقى العرقية. كان له دور فعال في تطوير جامعة إنديانا كمركز رائد لدراسة الموسيقى العرقية.
أبحاثه وإسهاماته
ركزت أبحاث ميريام على دراسة الموسيقى في سياقها الثقافي والاجتماعي. أجرى أبحاثًا ميدانية مكثفة في العديد من البلدان، بما في ذلك رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقًا) وغانا والولايات المتحدة. كان مهتمًا بشكل خاص بفهم وظائف الموسيقى في المجتمع، وكيف تعكس الموسيقى وتعزز القيم والمعتقدات الثقافية.
أحد أهم إسهامات ميريام هو كتابه “أنثروبولوجيا الموسيقى” (The Anthropology of Music)، الذي نُشر عام 1964. يعتبر هذا الكتاب نصًا تأسيسيًا في مجال علم الموسيقى العرقية، حيث قدم إطارًا نظريًا ومنهجيًا شاملاً لدراسة الموسيقى من منظور أنثروبولوجي. يجادل ميريام في الكتاب بأن الموسيقى ليست مجرد شكل من أشكال التعبير الفني، بل هي أيضًا جزء لا يتجزأ من الثقافة، وتلعب دورًا حيويًا في تشكيل الهوية الاجتماعية والحفاظ عليها.
تشمل المجالات الرئيسية التي تناولها ميريام في أبحاثه:
- وظائف الموسيقى: استكشف ميريام الأدوار المتعددة التي تلعبها الموسيقى في المجتمع، بما في ذلك الترفيه والتعبير العاطفي والتواصل والاحتفال الديني والطقوس الاجتماعية.
- الموسيقى والثقافة: بحث ميريام في العلاقة بين الموسيقى والقيم والمعتقدات الثقافية، وكيف تعكس الموسيقى وتعزز وجهات نظر معينة للعالم.
- التغيير الموسيقي: اهتم ميريام بدراسة كيفية تغير الموسيقى بمرور الوقت، وكيف تتأثر بالتفاعل الثقافي والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
- نظرية علم الموسيقى العرقية: ساهم ميريام في تطوير النظرية والمنهجية في علم الموسيقى العرقية، وشدد على أهمية البحث الميداني والمشاركة الإثنوغرافية في دراسة الموسيقى.
“أنثروبولوجيا الموسيقى” (The Anthropology of Music)
يعتبر كتاب “أنثروبولوجيا الموسيقى” (1964) العمل الأكثر تأثيرًا لآلان ميريام، وقد ترك بصمة دائمة على مجال علم الموسيقى العرقية. يقدم الكتاب نهجًا شاملاً لدراسة الموسيقى من منظور أنثروبولوجي، ويستكشف العلاقة المعقدة بين الموسيقى والثقافة والمجتمع. يحدد ميريام في الكتاب عشر وظائف للموسيقى، وهي:
- التعبير العاطفي
- الاستمتاع الجمالي
- الترفيه
- التواصل
- الرمزية
- الاستجابة البدنية
- فرض الامتثال للمعايير الاجتماعية
- التحقق من صحة المؤسسات الدينية والطقوس
- المساهمة في استمرارية الثقافة واستقرارها
- التكامل الاجتماعي
يشدد ميريام على أهمية فهم الموسيقى في سياقها الثقافي، وأنه لا يمكن فهم معنى الموسيقى ووظيفتها إلا من خلال دراسة القيم والمعتقدات والممارسات الاجتماعية التي تشكلها. يقدم الكتاب إطارًا نظريًا مفيدًا للباحثين في علم الموسيقى العرقية والأنثروبولوجيا والمجالات ذات الصلة.
ميراثه وتأثيره
كان لآلان ميريام تأثير كبير على مجال علم الموسيقى العرقية. ساهمت أبحاثه وكتاباته في تطوير هذا المجال كتخصص أكاديمي متميز، وألهمت أجيالًا من العلماء والطلاب. يعتبر كتابه “أنثروبولوجيا الموسيقى” نصًا كلاسيكيًا لا يزال يقرأ على نطاق واسع ويستخدم في الدورات الدراسية في جميع أنحاء العالم.
بالإضافة إلى ذلك، كان ميريام معلمًا مؤثرًا وقائدًا إداريًا. ساهم في بناء برنامج علم الموسيقى العرقية في جامعة إنديانا ليصبح واحدًا من أبرز البرامج في العالم. كما شغل مناصب قيادية في العديد من المنظمات المهنية، بما في ذلك جمعية علم الموسيقى العرقية (SEM).
لا يزال إرث آلان ميريام يتردد صداه في مجال علم الموسيقى العرقية اليوم. تواصل أفكاره ونظرياته توجيه البحث والتدريس، ولا تزال مساهماته في فهم العلاقة بين الموسيقى والثقافة ذات صلة كبيرة.
منشورات مختارة
بالإضافة إلى “أنثروبولوجيا الموسيقى”، نشر ميريام العديد من الكتب والمقالات الأخرى، بما في ذلك:
- Ethnomusicology of the Flathead Indians (1967)
- African Music on LP: An Annotated Discography (1970)
- The Arts and Anthropology (1973)
تغطي هذه المنشورات مجموعة واسعة من المواضيع المتعلقة بالموسيقى والثقافة، وتعكس اهتمامات ميريام المتنوعة في مجال علم الموسيقى العرقية.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لمساهماته البارزة في مجال علم الموسيقى العرقية، حصل آلان ميريام على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- زمالة غوغنهايم
- زمالة المركز الوطني للعلوم الإنسانية
- جائزة كارل فون بوشمان من جمعية علم الموسيقى العرقية
تعكس هذه الجوائز التقدير الواسع النطاق لعمل ميريام وأهميته في مجال الدراسات الموسيقية والثقافية.
خاتمة
كان آلان ب. ميريام شخصية بارزة في مجال علم الموسيقى العرقية، حيث قدم مساهمات كبيرة في فهم الموسيقى في سياقها الثقافي والاجتماعي. من خلال أبحاثه الميدانية المكثفة وكتاباته المؤثرة، ساهم ميريام في تطوير علم الموسيقى العرقية كتخصص أكاديمي متميز. يظل كتابه “أنثروبولوجيا الموسيقى” نصًا أساسيًا في هذا المجال، ولا يزال إرثه يلهم الباحثين والطلاب في جميع أنحاء العالم. سيظل آلان ب. ميريام في الذاكرة كعالم رائد ومعلم مؤثر وقائد فكري في مجال علم الموسيقى العرقية.