الحياة المبكرة والنشأة
ولد تروي ساوثجيت في عام 1965 ونشأ في المملكة المتحدة. لم تتوفر تفاصيل كثيرة عن حياته المبكرة وتعليمه، لكن من المعروف أنه انخرط في السياسة اليمينية المتطرفة في سن مبكرة نسبيًا. يُعتقد أن اهتمامه بالسياسة قد تأثر بمجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك المناخ السياسي والاجتماعي في عصره، بالإضافة إلى قراءاته واهتماماته الشخصية.
النشاط السياسي المبكر
بدأ ساوثجيت نشاطه السياسي في الثمانينيات، حيث انضم إلى الجبهة الوطنية (National Front)، وهي حزب سياسي يميني متطرف بريطاني. كان للجبهة الوطنية في ذلك الوقت حضور ملحوظ في السياسة البريطانية، وكانت معروفة بمواقفها القومية المتطرفة ومعاداة الهجرة. شارك ساوثجيت في أنشطة مختلفة مع الجبهة الوطنية، بما في ذلك المظاهرات والدعاية.
في أواخر الثمانينيات، انشق ساوثجيت عن الجبهة الوطنية وشكل مجموعته الخاصة، “الاتجاه الثالث” (Third Way). سعت هذه المجموعة إلى الجمع بين عناصر من الفاشية والاشتراكية والبيئية، ورفضت كل من الرأسمالية والشيوعية. كان “الاتجاه الثالث” صغيرًا نسبيًا، لكنه كان نشطًا في نشر أفكاره من خلال المنشورات والاجتماعات.
تأسيس الحركة القومية الثورية
في التسعينيات، قام ساوثجيت بتأسيس الحركة القومية الثورية (National Revolutionary Movement – NRM). كانت الحركة القومية الثورية عبارة عن مجموعة تسعى إلى إنشاء دولة قومية جديدة في بريطانيا العظمى، تقوم على مبادئ القومية العرقية والتوزيعية الاقتصادية. كانت الحركة القومية الثورية أكثر تطرفًا من المجموعات التي شارك فيها ساوثجيت سابقًا، واعتمدت خطابًا أكثر عدوانية.
أصدرت الحركة القومية الثورية مجلة بعنوان “التبصر” (Insight)، والتي كانت بمثابة منصة لنشر أفكارها. كتبت ساوثجيت العديد من المقالات للمجلة، والتي عبرت عن رؤيته لدولة قومية ثورية. كما نظمت الحركة القومية الثورية اجتماعات ومظاهرات، على الرغم من أنها ظلت صغيرة نسبيًا.
التحول إلى الفوضوية القومية
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأ ساوثجيت في التحول نحو الفوضوية القومية. الفوضوية القومية هي أيديولوجية مثيرة للجدل تجمع بين عناصر من الفوضوية والقومية. يرفض الفوضويون القوميون الدولة، لكنهم يؤمنون أيضًا بأهمية الهوية العرقية والثقافية. غالبًا ما يُنظر إلى هذه الأيديولوجية على أنها شكل من أشكال اليمين المتطرف.
جادل ساوثجيت بأن الدولة قمعية بطبيعتها، وأن الحل الوحيد هو إلغاء الدولة واستبدالها بشبكة من المجتمعات المستقلة ذاتيًا. ومع ذلك، شدد أيضًا على أهمية الحفاظ على الهوية العرقية والثقافية، بحجة أن العولمة والتعددية الثقافية يشكلان تهديدًا للثقافة التقليدية.
الأنشطة الأخيرة
استمر ساوثجيت في نشاطه السياسي في السنوات الأخيرة، وكتابة المقالات وإلقاء المحاضرات حول مواضيع مختلفة. كما شارك في العديد من المشاريع عبر الإنترنت، بما في ذلك المواقع الإلكترونية والمنتديات المخصصة للفوضوية القومية.
في عام 2020، نشر ساوثجيت كتابًا بعنوان “الفوضوية القومية: دليل عملي للقرن الحادي والعشرين” (National-Anarchism: A Practical Guide for the 21st Century). يقدم الكتاب عرضًا شاملاً لأيديولوجية ساوثجيت، ويقدم إرشادات حول كيفية تطبيقها في الممارسة العملية.
نقد
كان ساوثجيت موضوعًا للكثير من الجدل والنقد. يرى الكثير من الناس أن أفكاره متطرفة وخطيرة، ويتهمونه بالعنصرية ومعاداة السامية وكراهية الأجانب. تم حظر بعض المواقع الإلكترونية والمنتديات التي شارك فيها، وتم منعه من دخول بعض البلدان.
دافع ساوثجيت عن أفكاره، بحجة أنه ليس عنصريًا أو معاديًا للسامية. يزعم أنه ببساطة يدافع عن حقوق جميع الشعوب، بما في ذلك البيض. كما يزعم أن انتقاداته لإسرائيل تستند إلى أسس سياسية وليست معادية للسامية.
الأيديولوجيا
أيديولوجية تروي ساوثجيت معقدة ومتعددة الأوجه، وتتضمن عناصر من القومية الثورية والفوضوية والقومية الإثنية. يمكن تلخيص بعض الأفكار الأساسية في أيديولوجيته على النحو التالي:
- رفض الدولة: يؤمن ساوثجيت بأن الدولة قمعية بطبيعتها، وأن الحل الوحيد هو إلغاؤها واستبدالها بشبكة من المجتمعات المستقلة ذاتيًا.
- القومية الإثنية: يؤكد ساوثجيت على أهمية الحفاظ على الهوية العرقية والثقافية، بحجة أن العولمة والتعددية الثقافية يشكلان تهديدًا للثقافة التقليدية.
- التوزيعية الاقتصادية: يدعو ساوثجيت إلى نظام اقتصادي يتم فيه توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة، ويرفض كل من الرأسمالية والشيوعية.
- البيئية: يهتم ساوثجيت بالقضايا البيئية، ويؤمن بأهمية حماية البيئة للأجيال القادمة.
- معاداة العولمة: يعارض ساوثجيت العولمة، بحجة أنها تؤدي إلى تدمير الثقافات التقليدية وزيادة عدم المساواة الاقتصادية.
تأثيره
على الرغم من أن تروي ساوثجيت شخصية مثيرة للجدل، إلا أنه كان له تأثير كبير على اليمين المتطرف في أوروبا وأماكن أخرى. تم تبني أفكاره من قبل مجموعة متنوعة من المجموعات والأفراد، بما في ذلك الفوضويون القوميون والقوميون الثوريون واليمينيون المتطرفون الآخرون.
غالبًا ما يُنظر إلى ساوثجيت على أنه مفكر رئيسي في اليمين المتطرف، وقد ساهمت كتاباته وأفكاره في تشكيل تطور هذا التيار السياسي. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن أفكاره مثيرة للجدل للغاية، وأن الكثير من الناس يرفضونها باعتبارها خطيرة وضارة.
خاتمة
تروي ساوثجيت شخصية مثيرة للجدل في السياسة البريطانية واليمين المتطرف العالمي. من خلال مسيرته المهنية الطويلة، مر بمراحل مختلفة من النشاط السياسي، بدءًا من الجبهة الوطنية وصولًا إلى الفوضوية القومية. تظل أيديولوجياته موضع نقاش حاد، وغالبًا ما يتم انتقاده بسبب مواقفه المتطرفة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثيره على بعض الدوائر السياسية، خاصة في اليمين المتطرف.