مقدمة
إيميلي فيثفول (27 مايو 1835 – 31 مايو 1895) كانت ناشطة إنجليزية في مجال حقوق المرأة، اشتهرت بتأسيس مطبعة فيكتوريا بهدف توفير فرص عمل للنساء في مجال الطباعة والنشر. كانت فيثفول شخصية رائدة في حركة المطالبة بحقوق المرأة في العصر الفيكتوري، ودافعت عن تعليم المرأة وتوظيفها في مهن كانت حكرًا على الرجال.
حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت إيميلي فيثفول في هيدلي بارك، ساري، إنجلترا، وهي الأصغر بين ستة أطفال. تلقت تعليمًا جيدًا في المنزل، مما ساهم في تنمية اهتمامها بالأدب والقضايا الاجتماعية. في عام 1857، انضمت إلى “جمعية السيدات في لندن” (Ladies’ London Association)، وهي منظمة تهدف إلى تعزيز تعليم المرأة وتوظيفها. أدى عملها في هذه الجمعية إلى إدراكها للصعوبات التي تواجهها المرأة في الحصول على عمل لائق ومجزٍ.
تأسيس مطبعة فيكتوريا
في عام 1860، اتخذت إيميلي فيثفول خطوة جريئة بتأسيس “مطبعة فيكتوريا” (Victoria Press). كان الهدف الرئيسي من هذه المطبعة هو توفير فرص عمل للنساء في مجال الطباعة، الذي كان يعتبر تقليديًا مهنة رجالية. واجهت فيثفول العديد من التحديات في البداية، بما في ذلك مقاومة من النقابات العمالية للرجال والشكوك حول قدرة النساء على القيام بالعمل بفعالية. ومع ذلك، استطاعت فيثفول التغلب على هذه العقبات من خلال تصميمها وإيمانها بقدرات النساء.
قامت فيثفول بتدريب النساء على جميع جوانب الطباعة، من التنضيد إلى التجليد. سرعان ما اكتسبت مطبعة فيكتوريا سمعة طيبة بسبب جودة عملها والتزامها بتوظيف النساء. طبعت المطبعة مجموعة متنوعة من المواد، بما في ذلك الكتب والمجلات والكتيبات. من بين أبرز منشورات المطبعة مجلة “المرأة العاملة” (The Women’s Work Journal)، التي أسستها فيثفول عام 1874، والتي سلطت الضوء على قضايا المرأة العاملة ودافعت عن حقوقها.
“المرأة العاملة” (The Women’s Work Journal)
كانت مجلة “المرأة العاملة” منبرًا هامًا للمرأة العاملة في العصر الفيكتوري. نشرت المجلة مقالات حول مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك التعليم والتوظيف والأجور والظروف المعيشية. كما قدمت المجلة قصصًا عن نجاح المرأة في مختلف المجالات، بهدف إلهام وتشجيع الأخريات. لعبت المجلة دورًا حيويًا في رفع الوعي بقضايا المرأة العاملة والدعوة إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية.
الدفاع عن حقوق المرأة
لم تقتصر جهود إيميلي فيثفول على توفير فرص عمل للنساء من خلال مطبعة فيكتوريا. كانت أيضًا ناشطة بارزة في حركة المطالبة بحقوق المرأة، وشاركت في العديد من الحملات والمظاهرات التي تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين. دافعت فيثفول عن حق المرأة في التصويت والحصول على التعليم والعمل في جميع المهن. كانت أيضًا من أشد المؤيدين لإصلاح قوانين الطلاق وحماية حقوق المرأة المتزوجة.
ألقت فيثفول العديد من المحاضرات والخطابات حول قضايا المرأة في جميع أنحاء بريطانيا والولايات المتحدة. كانت متحدثة بليغة ومقنعة، واستخدمت مهاراتها الخطابية للدفاع عن حقوق المرأة وإلهام الآخرين للانضمام إلى القضية. غالبًا ما كانت تتحدى الأعراف الاجتماعية السائدة وتنتقد التمييز ضد المرأة في مختلف جوانب الحياة.
رحلاتها إلى الولايات المتحدة
قامت إيميلي فيثفول بعدة رحلات إلى الولايات المتحدة، حيث لاقت استقبالًا حافلًا من قبل الناشطين في مجال حقوق المرأة والجمهور العام. ألقت محاضرات في العديد من المدن الأمريكية، وتحدثت عن تجاربها في تأسيس مطبعة فيكتوريا والدفاع عن حقوق المرأة. حظيت فيثفول بتقدير خاص لجهودها في توفير فرص عمل للنساء في مجال الطباعة، الذي كان يعتبر أيضًا مهنة رجالية في الولايات المتحدة.
خلال رحلاتها إلى الولايات المتحدة، التقت فيثفول بالعديد من الشخصيات البارزة في حركة المطالبة بحقوق المرأة الأمريكية، بما في ذلك سوزان أنتوني وإليزابيث كادي ستانتون. تبادلت فيثفول معهن الأفكار والخبرات، وعملت معهن على تعزيز قضية حقوق المرأة على الصعيدين الوطني والدولي.
تكريمها
تقديرًا لجهودها في خدمة المجتمع والدفاع عن حقوق المرأة، حصلت إيميلي فيثفول على العديد من الجوائز والتكريمات. في عام 1872، حصلت على معاش تقاعدي مدني من الحكومة البريطانية. كما تم انتخابها عضوًا فخريًا في “الجمعية الأمريكية للعلوم الاجتماعية” (American Social Science Association). في عام 1888، حصلت على وسام من الملكة فيكتوريا تقديرًا لخدماتها.
أعمالها الأدبية
بالإضافة إلى عملها كناشطة ومؤسسة مطبعة، كانت إيميلي فيثفول كاتبة موهوبة. ألفت العديد من الكتب والمقالات حول قضايا المرأة والمجتمع. من بين أبرز أعمالها كتاب “صور من عالم العمل” (Pictures of the World at Work)، الذي يصف تجاربها في تأسيس مطبعة فيكتوريا والدفاع عن حقوق المرأة العاملة. كما كتبت فيثفول العديد من المقالات في مجلة “المرأة العاملة” وفي الصحف والمجلات الأخرى.
تضمنت مؤلفاتها:
- Pictures of the World at Work (1883)
- Three Visits to America (1884)
إرثها
توفيت إيميلي فيثفول في 31 مايو 1895، عن عمر يناهز 60 عامًا. تركت وراءها إرثًا دائمًا كناشطة رائدة في مجال حقوق المرأة ومدافعة عن تعليم المرأة وتوظيفها. ساهمت مطبعة فيكتوريا التي أسستها في توفير فرص عمل للنساء وتغيير المفاهيم السائدة حول قدراتهن. ألهمت فيثفول العديد من النساء الأخريات للنضال من أجل حقوقهن وتحقيق طموحاتهن.
خاتمة
كانت إيميلي فيثفول شخصية بارزة في حركة حقوق المرأة في العصر الفيكتوري. من خلال تأسيس مطبعة فيكتوريا ومجلتها “المرأة العاملة”، قدمت فرصًا حقيقية للنساء ودافعت عن حقوقهن. تعتبر إرثها مصدر إلهام للأجيال القادمة من الناشطات والمدافعات عن المساواة بين الجنسين.