<![CDATA[
خلفية الانقسام
تعود جذور الانقسام إلى ما بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979. ففي حين أيدت غالبية منظمة فدائيي خلق الإيرانية خط الثورة ودعموا حكومة آية الله الخميني، رأت مجموعة أصغر أن الثورة قد انحرفت عن مسارها الأصلي وأن النظام الجديد يمثل تهديدًا للحريات والحقوق الأساسية للشعب الإيراني. هذه المجموعة، التي ستُعرف لاحقًا بمنظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية)، اعتقدت أن النظام الجديد يمارس القمع والتسلط وأن النضال ضده ضروري لتحقيق أهداف الثورة الحقيقية.
بالإضافة إلى الموقف من الثورة، كان هناك خلاف أيديولوجي حول طبيعة النظام السياسي والاقتصادي الذي يجب أن تسعى إليه إيران. ففي حين ركزت الأغلبية على دعم النظام القائم وتقديم النقد البناء من الداخل، دعت الأقلية إلى تغيير جذري في النظام السياسي والاقتصادي، وتبني نموذج اشتراكي أكثر تطرفًا.
التشكيل والتنظيم
بعد تفاقم الخلافات الداخلية، أعلنت المجموعة المنشقة عن تشكيل منظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) رسميًا في عام 1979. تميزت هذه المنظمة بتنظيمها السري وهيكلها الهرمي، وحرصت على الحفاظ على استقلاليتها عن الحكومة الإيرانية. اعتمدت المنظمة على شبكة من الخلايا السرية في مختلف أنحاء البلاد لتجنيد الأعضاء وتنفيذ عملياتها.
قامت المنظمة بتجنيد أعضائها بشكل أساسي من بين الطلاب والعمال والمثقفين الذين كانوا يشعرون بالإحباط من سياسات النظام الجديد. ركزت المنظمة على نشر أفكارها من خلال المنشورات السرية والبيانات السياسية، بالإضافة إلى تنظيم المظاهرات والاحتجاجات ضد الحكومة.
الأهداف والبرامج
كان الهدف الرئيسي لمنظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) هو إسقاط النظام الإيراني وإقامة دولة اشتراكية علمانية. اعتقدت المنظمة أن النظام الإيراني نظام قمعي ولا يمثل مصالح الشعب الإيراني. كما دعت المنظمة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع المواطنين، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس.
تضمنت برامج المنظمة مجموعة واسعة من الأنشطة السياسية والاجتماعية، بما في ذلك:
- الدعاية السياسية: نشر أفكار المنظمة من خلال المنشورات السرية والبيانات السياسية.
- التنظيم: بناء شبكة من الخلايا السرية في مختلف أنحاء البلاد.
- المظاهرات والاحتجاجات: تنظيم المظاهرات والاحتجاجات ضد الحكومة.
- العمل المسلح: تنفيذ عمليات مسلحة ضد أهداف حكومية وعسكرية.
- الدعم الاجتماعي: تقديم الدعم المالي والطبي للأعضاء وعائلاتهم.
الأنشطة والعمليات
تبنت منظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) استراتيجية الجمع بين العمل السياسي السلمي والعمل المسلح. ففي حين شاركت المنظمة في المظاهرات والاحتجاجات ضد الحكومة، قامت أيضًا بتنفيذ عمليات مسلحة ضد أهداف حكومية وعسكرية. تضمنت هذه العمليات الاغتيالات والتفجيرات والهجمات على مراكز الشرطة والقواعد العسكرية.
كانت العمليات المسلحة التي نفذتها المنظمة محدودة النطاق ولم تؤثر بشكل كبير على استقرار النظام الإيراني. ومع ذلك، فقد ساهمت هذه العمليات في زيادة التوتر السياسي والأمني في البلاد.
القمع والملاحقة
واجهت منظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) قمعًا شديدًا من قبل الحكومة الإيرانية. تم اعتقال العديد من أعضاء المنظمة وسجنهم وتعذيبهم. كما تم إعدام عدد كبير من أعضاء المنظمة بتهمة الإرهاب والتآمر على النظام.
أدت حملة القمع التي شنتها الحكومة الإيرانية إلى إضعاف المنظمة وتشتيت صفوفها. اضطر العديد من أعضاء المنظمة إلى الفرار من البلاد والعيش في المنفى.
الضعف والانحلال
بحلول منتصف الثمانينيات، كانت منظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) قد ضعفت بشكل كبير بسبب القمع الحكومي والانقسامات الداخلية. فقدت المنظمة الكثير من أعضائها وقدرتها على تنفيذ العمليات المسلحة. كما أن تدهور الوضع الاقتصادي في إيران أثر سلبًا على قدرة المنظمة على تجنيد أعضاء جدد.
في أواخر الثمانينيات، بدأت المنظمة في فقدان بريقها وتأثيرها. انشق العديد من أعضائها وانضموا إلى منظمات أخرى أو تخلوا عن العمل السياسي تمامًا. في نهاية المطاف، انحلت المنظمة بشكل غير رسمي في أوائل التسعينيات.
إرث المنظمة
على الرغم من قصر عمرها وتأثيرها المحدود، تركت منظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) إرثًا معقدًا في تاريخ الحركة اليسارية في إيران. يرى البعض أن المنظمة كانت مجموعة من المناضلين الذين دافعوا عن حقوق الشعب الإيراني في وجه نظام قمعي. بينما يرى البعض الآخر أن المنظمة كانت مجموعة إرهابية مارست العنف والتخريب.
بغض النظر عن التقييم، لا يمكن إنكار أن منظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) كانت جزءًا من المشهد السياسي الإيراني المضطرب في فترة ما بعد الثورة. وتظل قصتها تثير الجدل والنقاش حتى يومنا هذا.
خاتمة
كانت منظمة فدائيي خلق الإيرانية (الأقلية) فصيلًا منشقًا عن منظمة فدائيي خلق الإيرانية الأصلية، تأسست نتيجة للخلافات الأيديولوجية والسياسية حول الثورة الإيرانية. سعت المنظمة إلى إسقاط النظام الإيراني وإقامة دولة اشتراكية علمانية، لكنها واجهت قمعًا شديدًا من قبل الحكومة، مما أدى إلى إضعافها وانحلالها في النهاية. على الرغم من قصر عمرها، تركت المنظمة إرثًا معقدًا في تاريخ الحركة اليسارية في إيران.