مقدمة
المجلس البابوي للعائلة هو مجلس بابوي تابع للكوريا الرومانية في الكنيسة الكاثوليكية، تأسس عام 1981 واستمر حتى عام 2016. كان المجلس مسؤولاً عن تعزيز رعاية الأسرة وحقوقها، وتقديم التوجيهات للكنيسة الكاثوليكية في المسائل المتعلقة بالزواج والعائلة. يهدف هذا المقال إلى استعراض تاريخ المجلس البابوي للعائلة، وأهدافه، ومهامه، وإنجازاته، وأسباب إلغائه.
تاريخ التأسيس
في عام 1973، أنشأ البابا بولس السادس لجنة لدراسة قضايا السكان والأسرة، وكانت هذه اللجنة بمثابة النواة الأولية لتأسيس المجلس البابوي للعائلة. في 9 مايو 1981، قام البابا يوحنا بولس الثاني بتأسيس المجلس البابوي للعائلة رسميًا من خلال الرسالة البابوية “Familia a Deo Instituta”. كان الهدف من إنشاء هذا المجلس هو تعزيز دور الكنيسة في الدفاع عن الأسرة، التي تعتبر الخلية الأساسية للمجتمع، ومواجهة التحديات التي تواجهها في العصر الحديث.
الأهداف والمهام
تم تحديد الأهداف والمهام الرئيسية للمجلس البابوي للعائلة في الرسالة البابوية التأسيسية، وتشمل:
- تعزيز رعاية الأسرة: العمل على تعزيز رعاية الأسرة وحقوقها في الكنيسة والمجتمع.
- تقديم التوجيهات: تقديم التوجيهات للكنيسة الكاثوليكية في المسائل المتعلقة بالزواج والعائلة، بناءً على التعاليم المسيحية.
- دراسة القضايا: دراسة القضايا المتعلقة بالأسرة، مثل الزواج، والطلاق، وتنظيم النسل، والتربية، وتقديم الحلول المناسبة.
- التواصل مع المنظمات: التواصل مع المنظمات الدولية والمحلية التي تعمل في مجال الأسرة، والتعاون معها في تحقيق الأهداف المشتركة.
- تنظيم المؤتمرات: تنظيم المؤتمرات والندوات والورش التدريبية حول قضايا الأسرة، بهدف نشر الوعي وتبادل الخبرات.
- إعداد الوثائق: إعداد الوثائق والمطبوعات التي تتناول قضايا الأسرة، وتقديمها للجمهور والمسؤولين.
الهيكل التنظيمي
كان المجلس البابوي للعائلة يتكون من عدد من الأعضاء، بمن فيهم الكرادلة والأساقفة والخبراء في مجال الأسرة. كان يرأس المجلس رئيس يعينه البابا، ويتولى الإشراف على عمل المجلس وتوجيهه. كان للمجلس أيضًا سكرتير يساعد الرئيس في إدارة شؤون المجلس، وعدد من الموظفين الذين يقومون بالأعمال الإدارية والفنية.
من بين الشخصيات البارزة التي تولت رئاسة المجلس البابوي للعائلة:
- الكاردينال سالفاتوري بابالاردو (1981-1984)
- الكاردينال ألفونسو لوبيز تروخيو (1990-2008)
- المطران فينسينزو باغليا (2012-2016)
الإنجازات
حقق المجلس البابوي للعائلة العديد من الإنجازات خلال فترة عمله، منها:
- نشر الوثائق: نشر العديد من الوثائق والمطبوعات التي تتناول قضايا الأسرة، مثل “رسالة إلى العائلات” للبابا يوحنا بولس الثاني، و”دليل رعوي للأسرة”.
- تنظيم المؤتمرات: تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات الدولية حول قضايا الأسرة، شارك فيها خبراء من جميع أنحاء العالم.
- تقديم التوجيهات: تقديم التوجيهات للكنيسة الكاثوليكية في المسائل المتعلقة بالزواج والعائلة، مما ساهم في تعزيز التعليم المسيحي حول هذه القضايا.
- التعاون مع المنظمات: التعاون مع المنظمات الدولية والمحلية التي تعمل في مجال الأسرة، مثل الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها.
- الدفاع عن حقوق الأسرة: الدفاع عن حقوق الأسرة في المحافل الدولية، والتصدي للتشريعات التي تتعارض مع القيم المسيحية.
التحديات
واجه المجلس البابوي للعائلة العديد من التحديات خلال فترة عمله، منها:
- التغيرات الاجتماعية: التغيرات الاجتماعية السريعة التي يشهدها العالم، والتي تؤثر على مفهوم الأسرة والزواج.
- التحديات الأخلاقية: التحديات الأخلاقية التي تواجه الأسرة، مثل الإجهاض، والانتحار المدعوم، وتغيير الجنس.
- الضغوط السياسية: الضغوط السياسية التي تمارس على الكنيسة الكاثوليكية من قبل بعض الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف تغيير تعاليمها حول قضايا الأسرة.
- نقص الموارد: نقص الموارد المالية والبشرية التي يحتاجها المجلس للقيام بمهامه على أكمل وجه.
أسباب الإلغاء
في عام 2016، قام البابا فرانسيس بإلغاء المجلس البابوي للعائلة، ودمجه مع مجلسين بابويين آخرين هما المجلس البابوي للعلمانيين والمجلس البابوي للعدالة والسلام، في مجلس واحد جديد يسمى “دائرة العلمانيين والعائلة والحياة”.
هناك عدة أسباب أدت إلى إلغاء المجلس البابوي للعائلة، منها:
- إعادة الهيكلة: رغبة البابا فرانسيس في إعادة هيكلة الكوريا الرومانية، وتبسيط عملها، وتوحيد الجهود بين المجالس المختلفة.
- التركيز على الرعاية الشاملة: رغبة البابا فرانسيس في التركيز على الرعاية الشاملة للعلمانيين والعائلة والحياة، بدلاً من التركيز على قضايا معينة.
- توفير الموارد: رغبة البابا فرانسيس في توفير الموارد المالية والبشرية، من خلال دمج المجالس المختلفة.
دائرة العلمانيين والعائلة والحياة
تأسست دائرة العلمانيين والعائلة والحياة في 1 يناير 2017، وهي المجلس البابوي الجديد الذي يحل محل المجلس البابوي للعائلة. تهدف الدائرة إلى تعزيز دور العلمانيين في الكنيسة والمجتمع، ورعاية الأسرة، والدفاع عن الحياة البشرية. يترأس الدائرة رئيس يعينه البابا، ويتولى الإشراف على عمل الدائرة وتوجيهه.
تشمل مهام دائرة العلمانيين والعائلة والحياة:
- تعزيز دور العلمانيين: العمل على تعزيز دور العلمانيين في الكنيسة والمجتمع، وتدريبهم وتأهيلهم للقيام بمسؤولياتهم.
- رعاية الأسرة: العمل على رعاية الأسرة وحقوقها، وتقديم الدعم والمساعدة للأسر المحتاجة.
- الدفاع عن الحياة: الدفاع عن الحياة البشرية من الحمل إلى الموت الطبيعي، ومكافحة الإجهاض والانتحار المدعوم.
- تنظيم المؤتمرات: تنظيم المؤتمرات والندوات والورش التدريبية حول قضايا العلمانيين والعائلة والحياة.
- إعداد الوثائق: إعداد الوثائق والمطبوعات التي تتناول قضايا العلمانيين والعائلة والحياة، وتقديمها للجمهور والمسؤولين.
خاتمة
كان المجلس البابوي للعائلة مؤسسة هامة في الكنيسة الكاثوليكية، لعبت دورًا بارزًا في تعزيز رعاية الأسرة وحقوقها، وتقديم التوجيهات في المسائل المتعلقة بالزواج والعائلة. على الرغم من إلغائه ودمجه في دائرة العلمانيين والعائلة والحياة، إلا أن إرثه سيظل قائمًا، وسيستمر المجلس الجديد في العمل على تحقيق الأهداف التي كان يسعى إليها المجلس البابوي للعائلة.