<![CDATA[
مقدمة
نظام الصوت ذو الثمانية مسارات، أو ما يعرف اختصارًا بـ “8-Track”، هو نظام تسجيل وتشغيل صوتي تناظري يعتمد على شريط ممغنط مغلق. ظهر هذا النظام في منتصف ستينيات القرن العشرين، واكتسب شعبية واسعة في سبعينياته، خاصة في السيارات والمنازل، قبل أن يتلاشى تدريجيًا في الثمانينيات مع ظهور تقنيات أحدث مثل الكاسيت والأقراص المدمجة.
تاريخ نظام الثمانية مسارات
تم تطوير نظام الثمانية مسارات في الأساس بواسطة فريق بقيادة ويليام لير في شركة “لير جيت” (Lear Jet Corporation) عام 1964. كان الهدف الأولي هو توفير نظام صوتي مدمج وعالي الجودة للطائرات الخاصة من طراز “لير جيت”. ومع ذلك، سرعان ما أدرك لير الإمكانات التجارية الأوسع لهذه التقنية، فتعاون مع شركات أخرى مثل “فورد” و”موتورولا” لإنتاج مشغلات وشريط ثمانية مسارات للسيارات.
تم إطلاق نظام الثمانية مسارات تجاريًا في عام 1965، وسرعان ما أصبح خيارًا شائعًا في السيارات الجديدة. كانت “فورد” من أوائل الشركات التي قدمت مشغلات ثمانية مسارات كخيار إضافي في سياراتها. كما بدأت العديد من شركات التسجيل في إصدار ألبوماتها بتنسيق ثمانية مسارات، مما زاد من شعبيته.
بلغت شعبية نظام الثمانية مسارات ذروتها في السبعينيات، حيث كان يعتبر وسيلة مريحة للاستماع إلى الموسيقى أثناء القيادة. ومع ذلك، بدأت شعبيته في التراجع في الثمانينيات مع ظهور تقنيات جديدة مثل الكاسيت والأقراص المدمجة، التي قدمت جودة صوت أفضل وحجمًا أصغر.
كيف يعمل نظام الثمانية مسارات؟
يتكون نظام الثمانية مسارات من شريط ممغنط مغلق يدور بشكل مستمر داخل خرطوشة بلاستيكية. يحتوي الشريط على أربعة برامج (Programs)، وكل برنامج يتكون من مسارين صوتيين (ستيريو). وبالتالي، يمتلك الشريط ثمانية مسارات صوتية إجمالاً، ومن هنا جاء اسم النظام.
آلية التشغيل:
- الشريط: الشريط عبارة عن حلقة مستمرة من الشريط الممغنط.
- الرأس (Head): يوجد رأس قراءة/كتابة واحد يقوم بقراءة الإشارات الصوتية المسجلة على الشريط.
- آلية تغيير البرنامج: يتم استخدام آلية ميكانيكية لتغيير البرنامج، حيث يقوم الرأس بالتحرك قليلاً لقراءة مسارات مختلفة على الشريط.
- الدوران المستمر: يدور الشريط باستمرار، وعند نهاية البرنامج، يقوم المشغل تلقائيًا بالتبديل إلى البرنامج التالي.
عيوب النظام:
- جودة الصوت: كانت جودة الصوت في نظام الثمانية مسارات أقل من جودة الصوت في الأقراص الدوارة (الفينيل) أو الكاسيت.
- الحجم: كانت خرطوشات الثمانية مسارات أكبر حجمًا من الكاسيت.
- الموثوقية: كانت الخراطيش عرضة للتلف، وكان الشريط غالبًا ما يعلق أو ينقطع.
- عدم القدرة على الترجيع السريع: كان من الصعب أو المستحيل ترجيع الشريط بسرعة إلى بداية الأغنية.
مزايا نظام الثمانية مسارات
على الرغم من عيوبه، كان لنظام الثمانية مسارات بعض المزايا التي ساهمت في شعبيته في فترة معينة:
- الملاءمة: كان نظام الثمانية مسارات مريحًا للاستخدام في السيارات، حيث كان من السهل إدخال الخرطوشة وإخراجها.
- التوفر: كانت هناك مجموعة واسعة من الألبومات المتاحة بتنسيق ثمانية مسارات.
- التكامل: تم دمج مشغلات الثمانية مسارات في العديد من السيارات الجديدة في السبعينيات.
نظام الثمانية مسارات في الثقافة الشعبية
ترك نظام الثمانية مسارات بصمة واضحة في الثقافة الشعبية في السبعينيات. ظهرت مشغلات وشريط ثمانية مسارات في العديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية، وأصبحت جزءًا من الصورة النمطية للسيارات الأمريكية في تلك الفترة. كما أن هناك العديد من جامعي التحف الذين يهتمون بجمع مشغلات وشريط ثمانية مسارات اليوم، ويعتبرونها قطعة من التاريخ الصوتي.
أمثلة على ظهوره في الثقافة الشعبية:
- الأفلام: ظهر نظام الثمانية مسارات في العديد من الأفلام التي تدور أحداثها في السبعينيات، مثل “American Graffiti” و “Smokey and the Bandit”.
- الموسيقى: أشارت العديد من الأغاني إلى نظام الثمانية مسارات، مما يعكس شعبيته في ذلك الوقت.
- البرامج التلفزيونية: ظهرت مشغلات الثمانية مسارات في العديد من السيارات والشاحنات في البرامج التلفزيونية التي تدور أحداثها في السبعينيات.
نهاية حقبة الثمانية مسارات
بدأ نظام الثمانية مسارات في التراجع في أوائل الثمانينيات مع ظهور الكاسيت، الذي قدم جودة صوت أفضل وحجمًا أصغر. كما أن الكاسيت كان يسمح بالتسجيل وإعادة الكتابة، وهي ميزة لم تكن متاحة في نظام الثمانية مسارات. بحلول منتصف الثمانينيات، توقف معظم شركات التسجيل عن إصدار ألبومات جديدة بتنسيق ثمانية مسارات، وأصبح النظام يعتبر قديمًا.
الأسباب الرئيسية لتراجع نظام الثمانية مسارات:
- جودة الصوت: كانت جودة الصوت في الكاسيت أفضل من جودة الصوت في نظام الثمانية مسارات.
- الحجم: كان الكاسيت أصغر حجمًا وأكثر ملاءمة للحمل.
- إمكانية التسجيل: كان الكاسيت يسمح بالتسجيل وإعادة الكتابة، وهي ميزة غير متوفرة في نظام الثمانية مسارات.
- الموثوقية: كان الكاسيت أكثر موثوقية من نظام الثمانية مسارات، حيث كان أقل عرضة للتلف أو التعليق.
إرث نظام الثمانية مسارات
على الرغم من أنه لم يعد قيد الاستخدام، إلا أن نظام الثمانية مسارات يظل جزءًا مهمًا من تاريخ التسجيل الصوتي. لقد كان أول نظام صوتي محمول حقًا اكتسب شعبية واسعة، ومهد الطريق لتقنيات لاحقة مثل الكاسيت والأقراص المدمجة. كما أنه يمثل حقبة معينة في الثقافة الشعبية الأمريكية، حيث كان رمزًا للسيارات والموسيقى في السبعينيات.
خاتمة
نظام الصوت ذو الثمانية مسارات هو نظام تسجيل وتشغيل صوتي تناظري كان شائعًا في الستينيات والسبعينيات. على الرغم من أنه تم استبداله بتقنيات أحدث، إلا أنه يمثل جزءًا مهمًا من تاريخ التكنولوجيا الصوتية والثقافة الشعبية. لقد كان أول نظام صوتي محمول حقًا يكتسب شعبية واسعة، ومهد الطريق لتقنيات أكثر تطوراً. يظل نظام الثمانية مسارات تذكيرًا بحقبة ماضية، ولا يزال يحظى بتقدير هواة جمع التحف وعشاق التاريخ الصوتي.