<![CDATA[
خلفية تاريخية
في عام 1534، أعلن الملك هنري الثامن نفسه رئيسًا للكنيسة في إنجلترا، منفصلاً عن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. هذه الخطوة أدت إلى سلسلة من التغييرات الدينية والسياسية، بما في ذلك حل الأديرة، ومصادرة ممتلكات الكنيسة، وفرض قوانين تجرم ممارسة الكاثوليكية. خلال فترة حكم إليزابيث الأولى، اشتدت هذه الإجراءات، وأصبح الكاثوليك يُعتبرون تهديدًا للدولة.
في هذا السياق، تأسست الكلية الإنجليزية في دواي عام 1568 على يد ويليام ألين (لاحقًا الكاردينال ألين). كانت مهمة الكلية هي تدريب الكهنة وإعدادهم للعودة إلى إنجلترا لخدمة الكاثوليك السريين والحفاظ على الإيمان الكاثوليكي. كانت مهمة محفوفة بالمخاطر، حيث كان يُنظر إلى هؤلاء الكهنة على أنهم خونة ويواجهون خطر الاعتقال والتعذيب والإعدام.
دور الكلية الإنجليزية في دواي
لعبت الكلية الإنجليزية في دواي دورًا حاسمًا في الحفاظ على الكاثوليكية في إنجلترا خلال فترة الاضطهاد. وفرت الكلية تعليمًا شاملاً للكهنة، بما في ذلك اللاهوت والفلسفة واللغات. كما أنها غرست فيهم روح الشجاعة والتفاني، وأعدتهم لمواجهة التحديات والصعوبات التي قد تواجههم في إنجلترا.
لم يكن التدريب في دواي يقتصر على الجانب اللاهوتي فحسب، بل شمل أيضًا تدريبًا عمليًا على كيفية الاندماج في المجتمع الإنجليزي دون لفت الانتباه، وكيفية إقامة القداسات والأسرار المقدسة سرًا، وكيفية تقديم الدعم الروحي للكاثوليك المضطهدين. كان الكهنة يتعلمون كيفية التخفي وتغيير هوياتهم لتجنب الاعتقال.
مصير شهداء دواي
من بين مئات الكهنة الذين أرسلوا من دواي إلى إنجلترا، تم القبض على 158 منهم وإعدامهم بتهمة الخيانة. كانت التهم الموجهة إليهم غالبًا ما تكون ملفقة، مثل التآمر ضد الملكة أو محاولة قلب نظام الحكم. كانت عمليات الإعدام تتم بوحشية، وعادة ما تشمل الشنق والتقطيع والإحراق.
على الرغم من المخاطر الشديدة، استمر الكهنة في العودة إلى إنجلترا، مدفوعين بإيمانهم والتزامهم بخدمة الكاثوليك. لقد كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل الحفاظ على الإيمان الكاثوليكي في وجه الاضطهاد.
من بين أشهر شهداء دواي:
- إدموند كامبيون: كاهن يسوعي مشهور، اعتنق الكاثوليكية بعد أن كان شماسًا أنجليكانيًا. أُعدم عام 1581 وأصبح رمزًا للمقاومة الكاثوليكية.
- رالف شيروود: أول شهيد من كلية دواي، أُعدم عام 1581.
- كوثبرت مايين: أول كاهن يُعدم بموجب قوانين إليزابيث الأولى ضد الكاثوليك، أُعدم عام 1577.
- مارغريت كلِيثِرو: امرأة علمانية قُتلت بسبب إخفائها الكهنة في منزلها، تعتبر أيضًا شهيدة.
تكريم شهداء دواي
أعلنت الكنيسة الكاثوليكية العديد من هؤلاء الكهنة قديسين أو طوباويين. يعتبرون شهداء الإيمان، وتضحياتهم تلهم الكاثوليك في جميع أنحاء العالم. يتم الاحتفال بذكراهم في التقويم الليتورجي الكاثوليكي.
تم تكريم شهداء دواي من خلال العديد من الكنائس والمدارس والمؤسسات الكاثوليكية التي تحمل أسماءهم. كما تم كتابة العديد من الكتب والمقالات عن حياتهم واستشهادهم.
أهمية شهداء دواي
تُظهر قصة شهداء دواي قوة الإيمان والتفاني في مواجهة الاضطهاد. لقد كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل معتقداتهم، وتضحياتهم ألهمت أجيالًا من الكاثوليك. تذكرنا قصتهم بأهمية الحرية الدينية والحاجة إلى الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية في جميع أنحاء العالم.
إن شهادة هؤلاء الشهداء هي تذكير دائم بالثمن الذي دفعه الكثيرون من أجل الحفاظ على الإيمان الكاثوليكي في إنجلترا خلال فترة صعبة. قصصهم هي مصدر إلهام وشجاعة للكاثوليك في كل مكان.
إرث شهداء دواي
لا يزال إرث شهداء دواي حيًا حتى اليوم. إنهم يمثلون رمزًا للمقاومة والتضحية من أجل الإيمان. قصصهم تُروى وتُلهم الكاثوليك في جميع أنحاء العالم. تذكرنا تضحياتهم بأهمية الدفاع عن الحرية الدينية وحقوق الأقليات الدينية.
كما أن قصصهم تذكرنا بالصعوبات التي واجهها الكاثوليك في إنجلترا في الماضي، وكيف تمكنوا من الحفاظ على إيمانهم على الرغم من الاضطهاد. إنها شهادة على قوة الإيمان والروح البشرية.
خاتمة
شهداء دواي هم مجموعة من الكهنة الكاثوليك الذين تدربوا في الكلية الإنجليزية في دواي وأُرسلوا إلى إنجلترا خلال فترة الاضطهاد الديني. تم القبض على 158 منهم وإعدامهم بتهمة الخيانة. يعتبرون شهداء الإيمان، وتضحياتهم تلهم الكاثوليك في جميع أنحاء العالم. تذكرنا قصتهم بأهمية الحرية الدينية والحاجة إلى الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية.