نشأته وبداياته
ولد بيلا فرانكل في ماتيساكا، وهي بلدة صغيرة في الإمبراطورية النمساوية المجرية (تقع الآن في سلوفاكيا). نشأ في أسرة متواضعة، وتلقى تعليمه الأولي في المدارس المحلية. منذ صغره، أظهر اهتمامًا كبيرًا بالأدب والتاريخ، مما دفعه إلى قراءة الكثير من الكتب والمقالات. كان لهذه القراءات تأثير عميق على تكوين شخصيته وتوجهاته الفكرية.
في عام 1914، اندلعت الحرب العالمية الأولى، وتم تجنيد فرانكل في الجيش النمساوي المجري. شارك في العديد من المعارك على الجبهة الشرقية، وشهد بنفسه الأهوال والفظائع التي خلفتها الحرب. كانت هذه التجربة بمثابة نقطة تحول في حياته، حيث بدأت تتشكل لديه قناعات مناهضة للحرب والإمبريالية.
انضمامه إلى الحركة الشيوعية
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، عاد فرانكل إلى المجر، التي كانت تعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة. انضم إلى الحركة الشيوعية، التي كانت تدعو إلى تغيير جذري في المجتمع. شارك في العديد من المظاهرات والاحتجاجات، وعمل على نشر الأفكار الشيوعية بين العمال والفلاحين.
في عام 1919، تم إعلان الجمهورية السوفيتية المجرية، التي استمرت لمدة قصيرة قبل أن يتم قمعها من قبل القوات المعادية. شارك فرانكل في الدفاع عن الجمهورية، لكنه اضطر إلى الفرار إلى الخارج بعد سقوطها. لجأ إلى تشيكوسلوفاكيا، ثم إلى الاتحاد السوفيتي، حيث انضم إلى الحزب الشيوعي السوفيتي.
حياته في الاتحاد السوفيتي
في الاتحاد السوفيتي، درس فرانكل في الأكاديمية العسكرية، وتلقى تدريبًا مكثفًا في مجال التكتيكات العسكرية والاستراتيجية. عمل أيضًا في مجال الكتابة الصحفية، وكتب العديد من المقالات والقصص التي تتناول قضايا الثورة والاشتراكية. تبنى الاسم الحركي “ماتي زلكا”، الذي اشتهر به فيما بعد.
خلال فترة وجوده في الاتحاد السوفيتي، شارك زلكا في العديد من المشاريع الثقافية والأدبية. عمل مع العديد من الكتاب والمثقفين السوفييت، وساهم في تطوير الأدب الاشتراكي. كان يؤمن بأن الأدب يجب أن يكون أداة لخدمة الثورة وتوعية الجماهير.
الحرب الأهلية الإسبانية
في عام 1936، اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية، التي كانت بمثابة صراع بين القوى الجمهورية والقوى الفاشية. قرر زلكا التوجه إلى إسبانيا للدفاع عن الجمهورية، وانضم إلى الألوية الدولية، التي كانت تضم متطوعين من جميع أنحاء العالم.
تولى زلكا قيادة لواء دولي، وأظهر قدرات قيادية متميزة. شارك في العديد من المعارك الحاسمة، وألحق خسائر فادحة بالقوات الفاشية. كان يتمتع بشعبية كبيرة بين الجنود، الذين كانوا يحترمونه ويقدرون شجاعته وإخلاصه.
كان زلكا يؤمن بأن الحرب الأهلية الإسبانية هي صراع عالمي بين الديمقراطية والفاشية. كان يعتبر الدفاع عن الجمهورية الإسبانية واجبًا على جميع الثوريين والاشتراكيين في العالم. كان يحث جنوده على القتال بشجاعة وتفانٍ، مؤكدًا لهم أن النصر سيكون حليفهم في النهاية.
استشهاده
في 11 يونيو 1937، استشهد ماتي زلكا في معركة هويسكا. كان يقود قواته في هجوم مضاد ضد القوات الفاشية، عندما أصيب بنيران العدو. تم نقله إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة متأثرًا بجراحه.
كان استشهاد زلكا خسارة كبيرة للقوات الجمهورية. فقدوا فيه قائدًا شجاعًا ومحنكًا، ورجلًا يتمتع برؤية واضحة للمستقبل. تم تكريمه بعد وفاته، وأصبح رمزًا للمقاومة ضد الفاشية في جميع أنحاء العالم.
إرثه
ترك ماتي زلكا إرثًا غنيًا من النضال والتضحية. تُعد حياته مثالًا حيًا على الالتزام بالمبادئ والقيم الإنسانية. يُعتبر من أبرز الشخصيات الثورية في القرن العشرين، ويحظى بتقدير كبير في العديد من البلدان.
تُرجمت أعمال زلكا الأدبية إلى العديد من اللغات، وتُدرس في الجامعات والمدارس. يُعتبر من الكتاب الاشتراكيين البارزين، الذين ساهموا في تطوير الأدب الثوري. تُرجمت روايته “دوبو” إلى العربية، وحظيت بشهرة واسعة في العالم العربي.
لا يزال اسم ماتي زلكا يتردد في الأوساط الثقافية والسياسية. يُعتبر رمزًا للأمل والتغيير، ويُلهم الكثيرين لمواصلة النضال من أجل عالم أفضل.
أهم أعماله الأدبية
- دوبو (Doberdó): رواية تصور تجارب الجنود المجريين في الحرب العالمية الأولى.
- الحرس الحدودي (Határőrök): مجموعة قصص قصيرة تصور الحياة في الريف المجري.
- قصص من الحرب الأهلية الإسبانية: مجموعة مقالات وتقارير كتبها أثناء الحرب.
خاتمة
كان ماتي زلكا شخصية استثنائية جمعت بين الأدب والنضال الثوري. من خلال كتاباته وقيادته العسكرية، ترك بصمة واضحة في التاريخ. استشهاده في الحرب الأهلية الإسبانية جعله رمزًا عالميًا للتضحية من أجل المبادئ والقيم الإنسانية. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة كل من يؤمن بالعدالة والحرية.