<![CDATA[
نشأته وتعليمه
في عام 1932، انتقلت عائلة تومسون إلى ولاية كاليفورنيا. حصل تومسون على درجة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس عام 1942. بعد ذلك، خدم في جيش الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب، عاد إلى الأوساط الأكاديمية وحصل على درجة الماجستير من جامعة كولومبيا عام 1947، ثم حصل على الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1953.
مسيرته المهنية
بدأ تومسون حياته المهنية الأكاديمية في جامعة كورنيل، حيث عمل أستاذاً مساعداً لعلم الاجتماع. في عام 1959، انضم إلى جامعة إنديانا كأستاذ ورئيس لقسم علم الاجتماع. ثم انتقل إلى جامعة فاندربيلت في عام 1968، حيث بقي حتى وفاته المفاجئة عام 1973.
إسهاماته النظرية
كان جيمس د. تومسون شخصية مؤثرة في دراسة المنظمات، وقدّم العديد من المساهمات النظرية الهامة التي ساعدت على تشكيل هذا المجال. من أبرز هذه المساهمات:
- المنظمات كنظم مفتوحة: أكد تومسون على أهمية النظر إلى المنظمات كنظم مفتوحة تتفاعل باستمرار مع بيئاتها. وأشار إلى أن المنظمات تعتمد على البيئة في الحصول على الموارد والمعلومات، وأنها يجب أن تتكيف مع التغيرات في البيئة من أجل البقاء والنجاح.
- نظرية الاعتماد على الموارد: تقوم هذه النظرية على فكرة أن المنظمات تسعى جاهدة للسيطرة على الموارد التي تحتاجها من أجل البقاء. وتركز على كيفية تفاعل المنظمات مع بعضها البعض ومع البيئة من أجل الحصول على هذه الموارد.
- التعامل مع اللايقين: اعتقد تومسون أن إحدى المهام الرئيسية للمنظمات هي التعامل مع اللايقين. ولاحظ أن المنظمات تستخدم مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات لتقليل اللايقين، مثل التخطيط والتنسيق والسيطرة.
- تصنيف التقنيات التنظيمية: قام تومسون بتطوير تصنيف للتقنيات التنظيمية بناءً على درجة الاعتماد المتبادل بين المهام. وقسم التقنيات إلى ثلاثة أنواع: الوساطة، والتتابع، والمتبادلة.
المنظمات في العمل: النظرية والممارسة
يُعتبر كتاب “المنظمات في العمل: النظرية والممارسة” (1967) العمل الأكثر شهرة لتومسون. يقدم هذا الكتاب إطارًا شاملاً لفهم المنظمات، بناءً على فكرة أنها أنظمة مفتوحة تسعى جاهدة للتعامل مع اللايقين. يحلل تومسون في هذا الكتاب كيفية تصميم المنظمات وهيكلتها لتلبية متطلبات بيئاتها. يركز بشكل خاص على كيفية تنسيق المنظمات لأنشطتها من أجل تحقيق أهدافها.
جادل تومسون بأن المنظمات تسعى جاهدة لتقليل اللايقين من خلال تبني هياكل وآليات تنسيق مختلفة. واقترح أن اختيار الهيكل المناسب يعتمد على طبيعة المهام التي تؤديها المنظمة والبيئة التي تعمل فيها. على سبيل المثال، قد تحتاج المنظمة التي تعمل في بيئة مستقرة إلى هيكل مركزي، بينما قد تحتاج المنظمة التي تعمل في بيئة ديناميكية إلى هيكل لامركزي أكثر.
نظرية الاعتماد على الموارد بالتفصيل
تعتبر نظرية الاعتماد على الموارد من أبرز مساهمات تومسون في نظرية المنظمات. تركز هذه النظرية على العلاقة بين المنظمات وبيئاتها، وتحديداً كيفية اعتماد المنظمات على الموارد الخارجية من أجل البقاء والنمو. تفترض النظرية أن المنظمات تسعى جاهدة لتقليل اعتمادها على الآخرين وزيادة سيطرتها على الموارد الهامة.
تشير النظرية إلى أن المنظمات تتفاعل مع بعضها البعض ومع البيئة بطرق مختلفة للحصول على الموارد التي تحتاجها. يمكن أن تتخذ هذه التفاعلات أشكالًا مختلفة، مثل المنافسة، والتعاون، والاستحواذ. يعتمد اختيار الاستراتيجية المناسبة على طبيعة الموارد المطلوبة، وعدد المنظمات التي تتنافس عليها، والقوة النسبية للمنظمات المعنية.
تؤكد نظرية الاعتماد على الموارد على أهمية فهم البيئة الخارجية للمنظمة من أجل فهم سلوكها. يجب على المنظمات أن تكون على دراية بالجهات التي تسيطر على الموارد التي تحتاجها، وأن تفهم استراتيجياتها ومصالحها. من خلال فهم البيئة الخارجية، يمكن للمنظمة أن تتخذ قرارات أفضل بشأن كيفية الحصول على الموارد التي تحتاجها.
التعامل مع اللايقين وأهميته
أكد تومسون على أن التعامل مع اللايقين هو أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها المنظمات. اللايقين يمكن أن ينشأ من مصادر مختلفة، مثل التغيرات في البيئة الخارجية، والتقنيات الجديدة، والأذواق المتغيرة للعملاء. يجب على المنظمات أن تكون قادرة على التكيف مع هذه التغييرات من أجل البقاء والنجاح.
تقوم المنظمات بالتعامل مع اللايقين من خلال استخدام مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات. وتشمل هذه الاستراتيجيات:
- التخطيط: يساعد التخطيط المنظمات على توقع التغييرات المحتملة في البيئة والاستعداد لها.
- التنسيق: يساعد التنسيق المنظمات على ضمان أن جميع أجزائها تعمل معًا بشكل فعال لتحقيق أهدافها.
- السيطرة: تساعد السيطرة المنظمات على مراقبة أدائها والتأكد من أنها تحقق أهدافها.
- التكيف: يجب على المنظمات أن تكون قادرة على التكيف مع التغييرات غير المتوقعة في البيئة.
يعتبر التعامل مع اللايقين أمرًا بالغ الأهمية لنجاح المنظمات. المنظمات التي تكون قادرة على التكيف مع التغييرات في البيئة تكون أكثر عرضة للبقاء والنمو على المدى الطويل.
تصنيف التقنيات التنظيمية
قام تومسون بتطوير تصنيف للتقنيات التنظيمية بناءً على درجة الاعتماد المتبادل بين المهام. وقسم التقنيات إلى ثلاثة أنواع:
- الوساطة (Mediating): في هذا النوع من التقنيات، لا يوجد اعتماد مباشر بين المهام. بدلاً من ذلك، تقوم المنظمة بالتوسط بين العملاء أو الأفراد الذين يحتاجون إلى خدمات أو منتجات. مثال على ذلك البنوك أو وكالات التوظيف.
- التتابع (Long-linked): في هذا النوع، تعتمد المهام على بعضها البعض بشكل تسلسلي. يجب إكمال مهمة واحدة قبل أن تبدأ المهمة التالية. مثال على ذلك خطوط الإنتاج في المصانع.
- المتبادلة (Intensive): في هذا النوع، يوجد اعتماد متبادل بين المهام. يجب على المهام أن تتفاعل مع بعضها البعض بشكل مستمر من أجل إكمالها بنجاح. مثال على ذلك فرق البحث والتطوير أو المستشفيات.
يرى تومسون أن اختيار التقنية المناسبة يعتمد على طبيعة المهام التي تؤديها المنظمة. يجب على المنظمات أن تختار التقنية التي تسمح لها بتنسيق أنشطتها بشكل فعال وتحقيق أهدافها.
تأثيره وإرثه
ترك جيمس د. تومسون إرثًا دائمًا في مجال نظرية المنظمات. لا تزال أفكاره ونظرياته مؤثرة حتى اليوم، ويستمر الباحثون والممارسون في الاعتماد عليها لفهم كيفية عمل المنظمات وكيفية إدارتها بفعالية. لقد ساهم عمله في تطوير فهم أعمق للعلاقة بين المنظمات وبيئاتها، وأهمية التكيف مع التغيير، ودور التنسيق في تحقيق الأهداف التنظيمية.
بالإضافة إلى كتابه “المنظمات في العمل”، نشر تومسون العديد من المقالات والفصول في الكتب التي ساهمت في تطوير مجال نظرية المنظمات. كما كان له تأثير كبير على العديد من الطلاب والباحثين الذين تتلمذوا على يديه.
خاتمة
كان جيمس د. تومسون عالم اجتماع أمريكيًا بارزًا ساهم بشكل كبير في مجال نظرية المنظمات. يعتبر كتابه “المنظمات في العمل” عملاً كلاسيكيًا في هذا المجال، ولا يزال يدرس على نطاق واسع حتى اليوم. قدم تومسون العديد من المساهمات النظرية الهامة، بما في ذلك فكرة أن المنظمات هي أنظمة مفتوحة تعتمد على البيئة في الحصول على الموارد، وأنها يجب أن تتكيف مع التغيرات في البيئة من أجل البقاء. كما طور تصنيفًا للتقنيات التنظيمية بناءً على درجة الاعتماد المتبادل بين المهام. ترك تومسون إرثًا دائمًا في مجال نظرية المنظمات، ولا تزال أفكاره ونظرياته مؤثرة حتى اليوم.