نشأته وتعليمه
ولد لوثر هالسي جوليك الثالث في أوساكا، اليابان، في 17 يناير 1892. كان والده، سيدني لويس جوليك، مبشرًا أمريكيًا بارزًا عمل في اليابان لمدة طويلة. تلقى لوثر تعليمه المبكر في اليابان قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة للدراسة. حصل على درجة البكالوريوس من كلية أوبرلين في عام 1914، ثم تابع دراساته العليا في جامعة كولومبيا، حيث حصل على درجة الدكتوراه في عام 1920. ركزت أبحاثه على الإدارة العامة والحكومة المحلية.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، انضم جوليك إلى مكتب الأبحاث البلدية في نيويورك، حيث عمل على دراسة وتحسين كفاءة الإدارة الحكومية. في عام 1921، أصبح مديرًا للأبحاث في معهد الإدارة العامة، وهي منظمة لعبت دورًا حاسمًا في تطوير الإدارة العامة كنظام أكاديمي ومهني. شغل هذا المنصب حتى عام 1942.
خلال فترة عمله في معهد الإدارة العامة، كان جوليك شخصية مؤثرة في تطوير نظريات وممارسات الإدارة العامة. كان له دور فعال في تعزيز فكرة الإدارة العلمية، والتي أكدت على استخدام الأساليب العلمية لتحسين الكفاءة والفعالية في المنظمات. كما كان مدافعًا قويًا عن التخطيط والإدارة المركزية.
في عام 1937، شارك جوليك مع ليندال أورويك في تحرير “أوراق حول علم الإدارة”، وهو عمل رائد جمع مقالات لكبار منظري الإدارة في ذلك الوقت. قدم جوليك نفسه مساهمة كبيرة في هذا الكتاب من خلال مقالته “ملاحظات حول نظرية التنظيم”، حيث قدم إطار عمله الشهير POSDCORB. يمثل POSDCORB الوظائف الرئيسية للمدير التنفيذي: التخطيط (Planning)، والتنظيم (Organizing)، والتوظيف (Staffing)، والتوجيه (Directing)، والتنسيق (Coordinating)، والإبلاغ (Reporting)، والميزنة (Budgeting). أصبح هذا الاختصار على نطاق واسع في مجال الإدارة العامة.
خلال الحرب العالمية الثانية، شغل جوليك مناصب حكومية مهمة. عمل في مجلس الإنتاج الحربي، حيث ساهم في جهود التخطيط والإدارة المركزية لدعم المجهود الحربي. بعد الحرب، عاد إلى معهد الإدارة العامة، حيث استأنف عمله في مجال البحث والاستشارات.
بالإضافة إلى عمله في معهد الإدارة العامة، شغل جوليك أيضًا منصب أستاذ زائر في العديد من الجامعات، بما في ذلك جامعة هارفارد وجامعة كاليفورنيا في بيركلي. كان محاضرًا ومتحدثًا مطلوبًا، وقدم المشورة للحكومات والمنظمات في جميع أنحاء العالم بشأن مسائل الإدارة العامة.
مساهماته الرئيسية
تشمل بعض المساهمات الرئيسية للوثر جوليك في مجال الإدارة العامة ما يلي:
- مبادئ الإدارة: ساهم جوليك بشكل كبير في تطوير مبادئ الإدارة، والتي قدمت إرشادات للمديرين التنفيذيين حول كيفية تنظيم وإدارة المنظمات بشكل فعال. أكد على أهمية التخطيط والتنظيم والتنسيق والرقابة.
- POSDCORB: ربما يكون إطار عمل POSDCORB هو أشهر مساهمات جوليك. يوفر هذا الاختصار قائمة مرجعية شاملة للوظائف الرئيسية التي يؤديها المديرون التنفيذيون.
- الإدارة العلمية: كان جوليك مدافعًا قويًا عن الإدارة العلمية، والتي أكدت على استخدام الأساليب العلمية لتحسين الكفاءة والفعالية في المنظمات.
- الإدارة المركزية: كان جوليك يعتقد أن الإدارة المركزية ضرورية للتخطيط والتنسيق الفعالين. دافع عن تركيز السلطة في أيدي عدد قليل من المديرين التنفيذيين الرئيسيين.
انتقادات
على الرغم من أن عمل لوثر جوليك كان له تأثير كبير على مجال الإدارة العامة، إلا أنه تعرض أيضًا لبعض الانتقادات. جادل بعض النقاد بأن مبادئه في الإدارة كانت وصفية للغاية ولم تأخذ في الاعتبار السياق الاجتماعي والسياسي الذي تعمل فيه المنظمات. بالإضافة إلى ذلك، انتقد البعض تركيزه على الإدارة المركزية، بحجة أنها يمكن أن تؤدي إلى البيروقراطية والجمود.
إرثه
على الرغم من هذه الانتقادات، يظل لوثر جوليك شخصية مهمة في تاريخ الإدارة العامة. كان لعمله تأثير دائم على الطريقة التي ننظر بها إلى الإدارة وتنظيمها. لا يزال إطار عمل POSDCORB مستخدمًا على نطاق واسع حتى اليوم، وتستمر مبادئه في الإدارة في توجيه الممارسات الإدارية في جميع أنحاء العالم.
توفي لوثر هالسي جوليك الثالث في 29 يناير 1993، في مدينة نيويورك، عن عمر يناهز 101 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من المساهمات في مجال الإدارة العامة، وسيظل يُذكر كواحد من أبرز منظري الإدارة في القرن العشرين.
أعماله المنشورة
تتضمن بعض أعمال لوثر جوليك المنشورة:
- Papers on the Science of Administration (مع ليندال أورويك، 1937)
- Administrative Reflections on World War II (1948)
- American Forest Policy (1951)
- The Metropolitan Problem and American Ideas (1962)
الجوائز والتكريمات
- ميدالية هنري جينينغز من جمعية الإدارة الأمريكية
- جائزة أبحاث الإدارة من الأكاديمية الوطنية للإدارة العامة
حياته الشخصية
تزوج لوثر جوليك من إلينا ليونارد في عام 1917. كان لديهم ثلاثة أطفال: لوثر هالسي جوليك الرابع، وكارولين جوليك، وروث جوليك. كان جوليك مهتمًا بالأنشطة الخارجية، بما في ذلك المشي لمسافات طويلة والتخييم. كان أيضًا جامعًا شغوفًا للكتب والتحف الفنية.
تأثيره على الإدارة العامة الحديثة
لا يزال تأثير لوثر جوليك على الإدارة العامة الحديثة محسوسًا حتى اليوم. ساهم عمله في تطوير الإدارة العامة كنظام أكاديمي ومهني. تستمر مبادئه في الإدارة وإطار عمل POSDCORB في توجيه الممارسات الإدارية في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، كان تركيزه على الإدارة العلمية والإدارة المركزية له تأثير دائم على الطريقة التي ننظر بها إلى الإدارة وتنظيمها.
خاتمة
كان لوثر هالسي جوليك عالم سياسة أمريكيًا بارزًا ومؤثرًا، وأستاذًا للإدارة العامة، لعب دورًا حاسمًا في تطوير نظرية وممارسة الإدارة العامة. من خلال عمله الرائد، وخاصة مساهماته في “أوراق حول علم الإدارة” وإطار عمل POSDCORB، ترك بصمة لا تُمحى على مجال الإدارة العامة. على الرغم من بعض الانتقادات، يظل جوليك شخصية مركزية في تاريخ الفكر الإداري، وسيظل يُذكر لمساهماته الدائمة في فهمنا للإدارة الفعالة.