حياته المبكرة ومسيرته العسكرية
ولد أغسطس إميل فيلدورف في 20 مارس 1895 في مدينة لفيف (Lviv) التي كانت آنذاك جزءًا من الإمبراطورية النمساوية المجرية (تقع حاليًا في أوكرانيا). تطوع في الجيش البولندي خلال الحرب العالمية الأولى وخدم في الفيلق البولندي. بعد الحرب، انضم إلى الجيش البولندي النظامي وشارك في الحرب البولندية السوفيتية في الفترة من 1919 إلى 1921. تلقى تدريبًا عسكريًا متقدمًا وترقى في الرتب ليصبح ضابطًا.
الحرب العالمية الثانية ودوره في جيش الوطن
عندما غزت ألمانيا النازية بولندا في سبتمبر 1939، كان فيلدورف قائدًا للواء المشاة الثقيل 129. خلال الفوضى التي أعقبت الغزو، تمكن من تجنب الأسر والانضمام إلى المقاومة البولندية السرية. في عام 1940، أصبح قائدًا لمنطقة كراكوف في الاتحاد من أجل النضال المسلح (Związek Walki Zbrojnej – ZWZ)، وهي منظمة مقاومة تأسست في البداية. استخدم الاسم الحركي “نيل” (Nil) خلال فترة عمله في المقاومة.
في عام 1942، تم دمج الاتحاد من أجل النضال المسلح في جيش الوطن (Armia Krajowa)، وأصبح فيلدورف نائب رئيس الأركان في القيادة الرئيسية. لعب دورًا حاسمًا في تنظيم وتوجيه عمليات جيش الوطن ضد الاحتلال الألماني. كان مسؤولاً عن العمليات السرية، والتخريب، والاغتيالات ضد الأهداف الألمانية.
أمر فيلدورف بتنفيذ العديد من العمليات الهامة، بما في ذلك عمليات تصفية المتعاونين مع الألمان. كانت هذه العمليات مثيرة للجدل، لكنها كانت تعتبر ضرورية من قبل قيادة جيش الوطن للحفاظ على الانضباط ومنع الخيانة.
بسبب دوره القيادي في جيش الوطن، كان فيلدورف هدفًا رئيسيًا للشرطة السرية الألمانية (Gestapo). تمكن من تجنب القبض عليه لعدة سنوات، لكنه اعتقل في النهاية في مارس 1945 بعد أن استخدم اسمًا مستعارًا. لم تعرف الشرطة السرية الألمانية هويته الحقيقية في البداية. تم إرساله إلى معسكر اعتقال، ولكن تم إطلاق سراحه في وقت لاحق.
الاعتقال والإعدام بعد الحرب
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أصبحت بولندا تحت سيطرة الحكومة الشيوعية المدعومة من الاتحاد السوفيتي. عرضت الحكومة الشيوعية على أعضاء جيش الوطن العفو إذا كشفوا عن هويتهم وانضموا إلى الجيش البولندي الجديد. امتثل فيلدورف للعفو وكشف عن هويته الحقيقية.
ومع ذلك، لم تفِ الحكومة الشيوعية بوعودها. في عام 1948، اعتقل فيلدورف من قبل الشرطة السرية الشيوعية (Urząd Bezpieczeństwa – UB) بتهمة “ارتكاب جرائم ضد الشعب البولندي”. كانت التهم ملفقة، وكان الغرض الحقيقي من الاعتقال هو تصفية أحد قادة المقاومة البولندية.
حُكم على فيلدورف بالإعدام شنقًا في عام 1952، وتم تنفيذ الحكم في 24 فبراير 1953 في سجن موكوتوف في وارسو. دفن جثمانه في مكان مجهول، ولم يتم العثور عليه حتى عام 1989.
إعادة الاعتبار والإرث
بعد سقوط الشيوعية في بولندا في عام 1989، تم تبرئة فيلدورف من جميع التهم الموجهة إليه، وأعيد إليه اعتباره كبطل وطني. تم تكريمه بالعديد من الأوسمة والجوائز، وتمت تسمية العديد من الشوارع والمدارس باسمه.
يعتبر فيلدورف رمزًا للمقاومة البولندية ضد الاحتلال الألماني والاضطهاد الشيوعي. تظل قصته تذكيرًا بأهمية الحرية والديمقراطية وحكم القانون.
أهم إنجازاته:
- قيادة منطقة كراكوف في الاتحاد من أجل النضال المسلح (ZWZ).
- شغل منصب نائب رئيس الأركان في القيادة الرئيسية لجيش الوطن (Armia Krajowa).
- تنظيم وتوجيه عمليات جيش الوطن ضد الاحتلال الألماني.
- أمر بتنفيذ عمليات تصفية المتعاونين مع الألمان.
- رمز للمقاومة البولندية ضد الاحتلال الألماني والاضطهاد الشيوعي.
خاتمة
كان أغسطس إميل فيلدورف جنرالًا بولنديًا بارزًا لعب دورًا حاسمًا في المقاومة البولندية ضد الاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب، تم اعتقاله وإعدامه من قبل الحكومة الشيوعية في بولندا بتهم ملفقة. بعد سقوط الشيوعية، تم تبرئته وأعيد إليه اعتباره كبطل وطني، وأصبح رمزًا للمقاومة ضد الاحتلال والاضطهاد.