<![CDATA[
خلفية تاريخية
في القرن الثاني قبل الميلاد، كانت كابادوكيا مملكة مستقلة تقع في منطقة الأناضول الوسطى (تركيا الحديثة). كانت المملكة محصورة بين قوى أكبر مثل مملكة بونتوس في الشمال وأرمينيا في الشرق وروما في الغرب. أصبحت كابادوكيا تدريجياً منطقة نفوذ روماني، لكنها حافظت على استقلالها الاسمي. كانت العائلة الأرياراثية تحكم كابادوكيا لعدة قرون، لكن سلطتها كانت تتضاءل بسبب التدخلات الخارجية.
صعود ميثريداتس السادس
ميثريداتس السادس يوباتور، ملك بونتوس، كان حاكماً طموحاً سعى إلى توسيع مملكته. رأى في كابادوكيا هدفاً استراتيجياً بسبب موقعها وثرواتها. بدأ ميثريداتس في التدخل في شؤون كابادوكيا من خلال دعم الفصائل الموالية له وتنصيب حكام موالين له. كان لأرياراثيس الخامس ملك كابادوكيا علاقات جيدة مع روما، وهو ما لم يرق لميثريداتس.
في عام 96 قبل الميلاد، قام ميثريداتس بقتل أرياراثيس السادس، مما أدى إلى فراغ في السلطة في كابادوكيا. نصب ميثريداتس ابنه أرياراثيس التاسع، الذي كان لا يزال طفلاً، على العرش. كان الهدف من ذلك هو ضمان سيطرة بونتوس على كابادوكيا من خلال حكم دمية.
فترة حكم أرياراثيس التاسع
كان أرياراثيس التاسع ملكاً ضعيفاً يعتمد بشكل كامل على والده ميثريداتس. كان ميثريداتس هو الذي يمارس السلطة الحقيقية في كابادوكيا، بينما كان أرياراثيس مجرد واجهة. لم يحظ حكم أرياراثيس بشعبية كبيرة بين سكان كابادوكيا، الذين كانوا يعارضون النفوذ البونطي المتزايد.
واجه أرياراثيس التاسع تحديات كبيرة خلال فترة حكمه القصيرة. كان عليه أن يتعامل مع المعارضة الداخلية من الفصائل الموالية لروما، بالإضافة إلى التهديدات الخارجية من مملكة أرمينيا. كانت أرمينيا أيضاً تسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة، وكانت كابادوكيا ساحة صراع بين بونتوس وأرمينيا.
كانت روما أيضاً تراقب الوضع في كابادوكيا عن كثب. لم تكن روما راضية عن سيطرة بونتوس على كابادوكيا، لأنها كانت تعتبرها انتهاكاً لمصالحها. بدأت روما في الضغط على ميثريداتس للتراجع عن كابادوكيا وإعادة الاستقلال للمملكة.
الحروب الميثراداتية
أدت التوترات المتزايدة بين روما وبونتوس إلى اندلاع الحروب الميثراداتية. كانت هذه سلسلة من الصراعات بين روما وميثريداتس السادس على السيطرة على منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. كانت كابادوكيا ساحة قتال رئيسية خلال هذه الحروب.
في عام 95 قبل الميلاد، تدخلت روما في كابادوكيا وأجبرت ميثريداتس على سحب أرياراثيس التاسع من العرش. أعادت روما أريوبارزينس الأول إلى العرش، وهو حاكم موالٍ لروما. ومع ذلك، لم يستسلم ميثريداتس بسهولة. في عام 89 قبل الميلاد، غزا ميثريداتس كابادوكيا مرة أخرى ونصب أرياراثيس التاسع على العرش للمرة الثانية.
أثار هذا الغزو غضب روما، التي أرسلت جيشًا بقيادة القائد الروماني لوسيوس كورنيليوس سولا لاستعادة النظام. هزم سولا ميثريداتس في عدة معارك وأجبره على التراجع عن كابادوكيا مرة أخرى. تم خلع أرياراثيس التاسع للمرة الثانية واستعادة أريوبارزينس الأول.
نهاية حكم أرياراثيس التاسع
بعد هزيمته على يد سولا، فر أرياراثيس التاسع إلى بونتوس. بقي في رعاية والده ميثريداتس، الذي كان يخطط للعودة إلى كابادوكيا في المستقبل. ومع ذلك، لم تتحقق هذه الخطط أبدًا. في عام 85 قبل الميلاد، قُتل أرياراثيس التاسع. هناك روايات مختلفة عن كيفية مقتله. تقول إحدى الروايات أنه قُتل بأمر من ميثريداتس نفسه، الذي كان يخشى أن يصبح أرياراثيس عبئًا عليه. تقول رواية أخرى أنه قُتل على يد أعدائه في كابادوكيا.
بوفاة أرياراثيس التاسع، انتهى حكم سلالة أرياراثيس في كابادوكيا. أصبحت كابادوكيا فيما بعد مملكة تابعة لروما، وحكمها حكام موالون لروما.
إرث أرياراثيس التاسع
كان أرياراثيس التاسع شخصية هامشية في تاريخ كابادوكيا. كان ملكاً ضعيفاً يعتمد بشكل كامل على والده ميثريداتس. لم يترك أرياراثيس أي إرث دائم، وعادة ما يتم تذكره كدمية في يد قوة أكبر.
- النفوذ البونطي: يمثل أرياراثيس التاسع ذروة النفوذ البونطي في كابادوكيا.
- الحروب الميثراداتية: لعبت فترة حكمه دورًا في إشعال فتيل الحروب الميثراداتية بين روما وبونتوس.
- نهاية السلالة: كانت وفاته بمثابة نهاية سلالة أرياراثيس التي حكمت كابادوكيا لعدة قرون.
خاتمة
كان أرياراثيس التاسع ملكًا لكابادوكيا في فترة مضطربة من تاريخ المنطقة. كان دمية في يد والده ميثريداتس السادس، ملك بونتوس، وكان حكمه قصيراً وغير فعال. انتهت فترة حكمه باغتياله، مما يمثل نهاية سلالة أرياراثيس وسقوط كابادوكيا في نهاية المطاف تحت النفوذ الروماني.