نشأته وحياته المبكرة
ولد بيرسي مايفيلد في مقاطعة جاسبر، تكساس، ونشأ في أسرة متدينة. بدأ الغناء في الكنيسة في سن مبكرة، وسرعان ما أظهر موهبة استثنائية في الموسيقى. انتقل إلى لوس أنجلوس في عام 1942 بحثًا عن فرص أفضل، وعمل في وظائف مختلفة بينما كان يطور مهاراته الموسيقية في الليل.
بداية مسيرته الفنية
بدأ مايفيلد مسيرته الفنية في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، حيث كان يؤدي في النوادي الليلية المحلية في لوس أنجلوس. سرعان ما لفت انتباه أرتور روبيستين، صاحب شركة التسجيلات “Specialty Records”، الذي أعجب بصوته الفريد وقدرته على كتابة الأغاني. وقع مايفيلد عقدًا مع “Specialty Records” في عام 1950.
أوج الشهرة والنجاح
حقق مايفيلد نجاحًا فوريًا مع “Specialty Records”. صدرت أغنيته الأولى “Please Send Me Someone to Love” في عام 1950 وأصبحت نجاحًا كبيرًا، حيث تصدرت قوائم R&B لعدة أسابيع. تميزت الأغنية بكلماتها المؤثرة وأسلوب مايفيلد الصوتي المميز، مما جعله نجمًا صاعدًا في عالم موسيقى البلوز.
تبع ذلك سلسلة من الأغاني الناجحة الأخرى، بما في ذلك “Lost Love” و “Strange Things Happening” و “River’s Invitation”. تميزت أغاني مايفيلد بقدرتها على تصوير المشاعر الإنسانية بعمق وصدق، مما جعلها تلقى صدى لدى جمهور واسع. كما اشتهر مايفيلد بأسلوبه المسرحي الجذاب، مما جعله فنانًا مطلوبًا في جميع أنحاء البلاد.
حادث السيارة وتأثيره
في عام 1952، تعرض مايفيلد لحادث سيارة خطير أثر بشكل كبير على حياته المهنية. أصيب بجروح خطيرة في وجهه وفقد القدرة على الحركة بشكل كامل تقريبًا لفترة طويلة. استغرق تعافيه وقتًا طويلاً، وكان عليه أن يتعلم الغناء مرة أخرى. على الرغم من هذه الصعوبات، لم يستسلم مايفيلد وواصل مسيرته الفنية.
بعد تعافيه، واجه مايفيلد صعوبة في استعادة النجاح الذي حققه قبل الحادث. تغيرت صناعة الموسيقى، وتضاءلت شعبية موسيقى البلوز. ومع ذلك، ظل مايفيلد فنانًا محترمًا ومطلوبًا، واستمر في تسجيل الأغاني وتقديم العروض الحية.
الانتقال إلى تانجيرين ريكوردز
في الستينيات، وقع مايفيلد مع شركة التسجيلات “Tangerine Records”، المملوكة للموسيقي الأسطوري راي تشارلز. ساعدت هذه الخطوة مايفيلد على تجديد مسيرته الفنية، حيث أصدر العديد من الأغاني الناجحة، بما في ذلك “Hit the Road Jack” التي كتبها في الأصل.
أتاحت له “Tangerine Records” فرصة أكبر للتركيز على كتابة الأغاني، وهو جانب كان شغوفًا به دائمًا. كتب مايفيلد العديد من الأغاني الناجحة لفنانين آخرين خلال هذه الفترة، مما عزز مكانته كواحد من أهم مؤلفي الأغاني في موسيقى البلوز.
السنوات اللاحقة وإرثه
واصل مايفيلد تسجيل الأغاني وتقديم العروض الحية حتى وفاته في عام 1984. على الرغم من أنه لم يحقق نفس النجاح التجاري الذي حققه في الخمسينيات، إلا أنه ظل شخصية محبوبة ومحترمة في عالم موسيقى البلوز. تميزت عروضه الحية بشغفه وحماسه، واستمر جمهوره في تقدير أسلوبه الفريد.
يعتبر إرث بيرسي مايفيلد كبيرًا ودائمًا. لقد أثر على العديد من الفنانين الآخرين، ولا تزال أغانيه تُستمع إليها وتُحتفل بها حتى اليوم. يعتبره الكثيرون أحد أعظم مؤلفي الأغاني في تاريخ موسيقى البلوز، ولا يزال صوته وأسلوبه الغنائي يلهمان الموسيقيين وعشاق الموسيقى على حد سواء.
أشهر أغانيه
- Please Send Me Someone to Love
- Hit the Road Jack
- River’s Invitation
- Lost Love
- Strange Things Happening
أسلوبه الموسيقي
تميز أسلوب بيرسي مايفيلد الموسيقي بمزيج فريد من موسيقى البلوز والجاز والبوب. كان يتمتع بصوت ناعم وحساس، وقدرة استثنائية على التعبير عن المشاعر الإنسانية في أغانيه. كانت كلماته غالبًا ما تكون شعرية وكئيبة، وتتناول موضوعات مثل الحب والفقدان والوحدة.
بالإضافة إلى مهاراته الصوتية، كان مايفيلد أيضًا عازف بيانو موهوبًا. كان يعزف على البيانو في العديد من أغانيه، وكان أسلوبه العزفي يتميز بالبساطة والأناقة. كان مايفيلد فنانًا متكاملًا، وقد ساهمت موهبته في الغناء وكتابة الأغاني والعزف على البيانو في نجاحه وشهرته.
جوائز وتكريمات
- تم إدخاله في قاعة مشاهير البلوز في عام 1998.
- حصل على جائزة Pioneer Award من مؤسسة Rhythm and Blues في عام 1996.
خاتمة
كان بيرسي مايفيلد فنانًا استثنائيًا ترك بصمة لا تُمحى في عالم موسيقى البلوز. بفضل صوته الفريد وأغانيه المؤثرة، استطاع أن يلامس قلوب الملايين من الناس حول العالم. على الرغم من التحديات التي واجهها في حياته، إلا أنه لم يستسلم أبدًا وواصل مسيرته الفنية بشغف وتفانٍ. سيظل إرث بيرسي مايفيلد حيًا للأجيال القادمة، وستبقى أغانيه مصدر إلهام ومتعة لعشاق الموسيقى في كل مكان.