مقدمة
البراء بن مالك الأنصاري، صحابي جليل من الأنصار، ينتمي إلى بني النجار من قبيلة الخزرج. عُرف بشجاعته النادرة وإقدامه في المعارك، وكان له دور بارز في الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين. يعتبر البراء بن مالك رمزًا للتضحية والفداء في سبيل الله، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.
نسبه ونشأته
هو البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن كعب بن غنم بن سلمة بن النجار الأنصاري الخزرجي. أخوه هو أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهما هي أم سليم بنت ملحان. نشأ البراء في المدينة المنورة في كنف أسرته الأنصارية الكريمة، وتربى على مبادئ الإسلام وقيمه.
كان البراء أصغر من أخيه أنس، وعاش في فترة شهدت تحولات كبيرة في المجتمع المدني، من فترة الجاهلية إلى نور الإسلام. تأثر البراء بتعاليم الإسلام السمحة، ونشأ محبًا للخير، ساعيًا لنصرة الحق.
إسلامه
أسلم البراء بن مالك في وقت مبكر من الدعوة الإسلامية، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الغزوات والمعارك. كان من السابقين إلى الإسلام من الأنصار، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره.
لقد كان إسلامه إضافة قوية للمسلمين في المدينة، حيث تميز بشجاعته وإيمانه القوي، مما جعله من المقربين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الصحابة الكرام.
صفاته ومناقبه
اشتهر البراء بن مالك بشجاعته النادرة وإقدامه في المعارك، وكان لا يهاب الموت في سبيل الله. كان فارسًا مغوارًا، وسيفًا مسلولًا على أعداء الإسلام. كان أيضًا متواضعًا وزاهدًا في الدنيا، ومحبًا للفقراء والمساكين.
- الشجاعة والإقدام: كان البراء من أشجع الصحابة، وقد تجلت شجاعته في العديد من المعارك، حيث كان يقتحم صفوف الأعداء دون تردد.
- الزهد والتواضع: رغم شجاعته وبسالته، كان البراء متواضعًا وزاهدًا في الدنيا، لا يكترث للمال أو الجاه.
- حب الفقراء والمساكين: كان البراء يحب الفقراء والمساكين، ويتصدق عليهم من ماله، ويسعى لقضاء حوائجهم.
- الإيمان القوي: كان البراء يتمتع بإيمان قوي بالله ورسوله، وكان ذلك الإيمان يدفعه إلى التضحية والفداء في سبيل الله.
مشاركته في الغزوات والمعارك
شارك البراء بن مالك في العديد من الغزوات والمعارك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين. وكان له دور بارز في تلك المعارك، حيث أظهر شجاعة فائقة وإقدامًا نادرًا. من أبرز المعارك التي شارك فيها:
- غزوة أحد: شهد البراء غزوة أحد، ودافع عن النبي صلى الله عليه وسلم ببسالة، وأبلى بلاءً حسنًا.
- غزوة الخندق: شارك البراء في غزوة الخندق، وكان من المرابطين على الخندق، يدافعون عن المدينة المنورة.
- فتح مكة: شهد البراء فتح مكة، وكان من الذين دخلوا مكة المكرمة مع جيش المسلمين، وأعان على تطهيرها من الأصنام.
- معركة اليمامة: كانت معركة اليمامة من أبرز المعارك التي شارك فيها البراء، وقد أظهر فيها شجاعة فائقة، وبذل جهدًا كبيرًا في القضاء على فتنة مسيلمة الكذاب.
دوره في معركة اليمامة
تعتبر معركة اليمامة من أهم المعارك في التاريخ الإسلامي، حيث كانت تهدف إلى القضاء على فتنة مسيلمة الكذاب، الذي ادعى النبوة. لعب البراء بن مالك دورًا حاسمًا في هذه المعركة، وأظهر شجاعة وبسالة منقطعة النظير.
عندما اشتد القتال بين المسلمين وجيش مسيلمة، وتحصن أتباع مسيلمة في حديقة مسورة، اقترح البراء على الصحابة أن يحملوه على ترس ويرموه داخل الحديقة ليفتح لهم الباب. ففعلوا ذلك، فاقتحم البراء الحديقة وحده، وقاتل بشجاعة حتى تمكن من فتح الباب للمسلمين. وقد أصيب البراء في هذه المعركة ببضعة وثمانين جرحًا، ولكنه لم يمت واستمر في القتال حتى تحقق النصر للمسلمين.
كانت هذه الواقعة دليلًا قاطعًا على شجاعة البراء وإقدامه، وتضحيته بنفسه في سبيل الله. وقد خلدت هذه المعركة اسمه في التاريخ الإسلامي، وجعلته رمزًا للتضحية والفداء.
وفاته
توفي البراء بن مالك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد اختلف المؤرخون في تحديد سنة وفاته، ولكن الأرجح أنها كانت في حدود سنة عشرين للهجرة. توفي البراء متأثرًا بجراحه التي أصيب بها في معركة اليمامة، وغيرها من المعارك التي شارك فيها.
لقد فقد المسلمون بوفاة البراء بن مالك فارسًا شجاعًا، وبطلًا مغوارًا، ورجلًا صالحًا، كان له دور كبير في نصرة الإسلام والدفاع عنه. رحم الله البراء بن مالك، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
أقوال العلماء فيه
أثنى العديد من العلماء والمؤرخين على البراء بن مالك، وأشادوا بشجاعته وإقدامه، وتضحيته في سبيل الله. من أقوالهم فيه:
- قال عنه الذهبي في “سير أعلام النبلاء”: “البراء بن مالك الأنصاري، الشجاع المشهور، بطل اليمامة”.
- قال عنه ابن حجر في “الإصابة في تمييز الصحابة”: “البراء بن مالك الأنصاري، أخو أنس بن مالك، شهد أحدًا وما بعدها، وكان شجاعًا مقدامًا”.
- قال عنه ابن الأثير في “أسد الغابة في معرفة الصحابة”: “البراء بن مالك الأنصاري، من بني النجار، وهو أخو أنس بن مالك لأمه، كان من شجعان الصحابة وفرسانهم”.
خاتمة
البراء بن مالك الأنصاري، صحابي جليل من الأنصار، اشتهر بشجاعته النادرة وإقدامه في المعارك. كان له دور بارز في الفتوحات الإسلامية، وخاصة في معركة اليمامة، حيث أظهر شجاعة فائقة وتضحية كبيرة. يعتبر البراء بن مالك رمزًا للتضحية والفداء في سبيل الله، وقدوة حسنة للمسلمين في كل زمان ومكان. لقد ترك البراء بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي، وسيبقى اسمه خالدًا في ذاكرة الأمة.