<![CDATA[
مقدمة
مارك ج. هيثرنجتون (Marc J. Hetherington) هو عالم سياسة أمريكي بارز وأستاذ في العلوم السياسية بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل. يُعرف هيثرنجتون على نطاق واسع بأبحاثه المتعمقة حول الاستقطاب السياسي، وثقة الجمهور في الحكومة، وتأثير العواطف على السلوك السياسي. يتميز عمله بالدقة المنهجية والرؤى الثاقبة التي يقدمها حول تعقيدات السياسة الأمريكية المعاصرة.
التعليم والمسيرة المهنية
حصل هيثرنجتون على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة ميامي في عام 1990. ثم أكمل دراسته العليا في جامعة ولاية فلوريدا، حيث حصل على درجة الماجستير في عام 1993 والدكتوراه في عام 1996، وكلاهما في العلوم السياسية. بعد حصوله على الدكتوراه، انضم إلى هيئة التدريس في جامعة أوبرن كأستاذ مساعد. في عام 2002، انتقل إلى جامعة فاندربيلت، حيث شغل منصب أستاذ مشارك ثم أستاذًا كاملاً. في عام 2013، انتقل إلى جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، حيث يشغل حاليًا منصب أستاذ في العلوم السياسية.
خلال مسيرته المهنية اللامعة، حصل هيثرنجتون على العديد من الجوائز والتقديرات لأبحاثه المتميزة. كما شغل مناصب قيادية في العديد من الجمعيات المهنية، مما يعكس مكانته الرفيعة في مجال العلوم السياسية.
أبحاثه وإسهاماته العلمية
تركز أبحاث مارك هيثرنجتون بشكل أساسي على فهم الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، والعوامل التي تساهم فيه، وتأثيره على النظام السياسي والمجتمع. كما يدرس بعمق ثقة الجمهور في الحكومة، وكيف تتأثر هذه الثقة بالأحداث السياسية والأداء الحكومي. بالإضافة إلى ذلك، يستكشف هيثرنجتون دور العواطف، مثل الخوف والغضب، في تشكيل المواقف السياسية والسلوك الانتخابي.
من أبرز إسهاماته العلمية:
- الاستقطاب السياسي: قدم هيثرنجتون تحليلات معمقة حول كيفية تزايد الاستقطاب بين الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة على مدى العقود الأخيرة. يرى أن هذا الاستقطاب لا يقتصر على النخب السياسية، بل يمتد ليشمل عامة الناس، مما يؤثر على كيفية تفاعلهم مع السياسة واتخاذ القرارات الانتخابية.
- ثقة الجمهور في الحكومة: أظهرت أبحاثه أن ثقة الجمهور في الحكومة قد تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأن هذا التراجع يرتبط بعوامل مثل الأداء الاقتصادي، والفضائح السياسية، والشعور بعدم الاستماع إلى آراء المواطنين.
- دور العواطف في السياسة: يوضح هيثرنجتون كيف يمكن للعواطف، مثل الخوف والغضب، أن تؤثر على المواقف السياسية والسلوك الانتخابي. على سبيل المثال، وجد أن الخوف يمكن أن يدفع الناس إلى دعم سياسات أكثر تحفظًا، في حين أن الغضب يمكن أن يحفزهم على المشاركة السياسية.
أهم مؤلفاته
نشر مارك هيثرنجتون العديد من الكتب والمقالات العلمية التي لاقت استحسانًا واسعًا في مجال العلوم السياسية. من بين أبرز مؤلفاته:
- Why Trust Matters: Declining Political Trust and the Demise of American Virtue (2005): في هذا الكتاب، يستكشف هيثرنجتون أسباب تراجع ثقة الجمهور في الحكومة الأمريكية، ويناقش العواقب المحتملة لهذا التراجع على الديمقراطية.
- Authoritarianism and Polarization in American Politics (2009) (مع جوناثان ويدر): يحلل هذا الكتاب العلاقة بين النزعات السلطوية والاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، ويظهر كيف يمكن لهذه النزعات أن تؤدي إلى تعميق الانقسامات السياسية.
- Open Versus Closed: Personality, Politics, and the Future of America (2018) (مع جون ألزين): يقدم هذا الكتاب منظورًا جديدًا حول الاستقطاب السياسي، حيث يربط بين السمات الشخصية والمواقف السياسية، ويناقش كيف يمكن لهذه العلاقة أن تشكل مستقبل أمريكا.
تتميز مؤلفات هيثرنجتون بالعمق والتحليل الدقيق، وتقدم رؤى قيمة حول الديناميكيات المعقدة للسياسة الأمريكية.
نظرية “الشخصية المنفتحة مقابل الشخصية المنغلقة”
إحدى النظريات البارزة التي طورها هيثرنجتون بالتعاون مع جون ألزين هي نظرية “الشخصية المنفتحة مقابل الشخصية المنغلقة”. تفترض هذه النظرية أن الأفراد يختلفون في مدى انفتاحهم على التجارب الجديدة وتقبلهم للتغيير. يميل الأفراد ذوو الشخصية المنفتحة إلى أن يكونوا أكثر ليبرالية وانفتاحًا على الأفكار الجديدة، في حين يميل الأفراد ذوو الشخصية المنغلقة إلى أن يكونوا أكثر تحفظًا وتشبثًا بالتقاليد.
وفقًا لهيثرنجتون وألزين، يلعب هذا الاختلاف في الشخصية دورًا مهمًا في تفسير الاستقطاب السياسي. مع تزايد التغيرات الاجتماعية والثقافية في المجتمع، يميل الأفراد ذوو الشخصية المنفتحة إلى الترحيب بهذه التغييرات، في حين يشعر الأفراد ذوو الشخصية المنغلقة بالتهديد ويسعون إلى الحفاظ على الوضع الراهن. هذا الاختلاف في الاستجابة للتغيير يمكن أن يؤدي إلى تعميق الانقسامات السياسية بين المجموعات المختلفة.
لقد حظيت هذه النظرية باهتمام واسع في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، وأثارت نقاشات مهمة حول دور الشخصية في تشكيل المواقف السياسية.
تأثيره على الخطاب العام والسياسة
لا يقتصر تأثير أبحاث مارك هيثرنجتون على الأوساط الأكاديمية، بل يمتد ليشمل الخطاب العام والسياسة. غالبًا ما تتم دعوته للتعليق على الأحداث السياسية في وسائل الإعلام المختلفة، ويستشهد صانعو السياسات بأبحاثه لفهم التحديات التي تواجه النظام السياسي الأمريكي.
تساهم أبحاث هيثرنجتون في فهم أعمق للاستقطاب السياسي وثقة الجمهور في الحكومة، مما يمكن صانعي السياسات من اتخاذ قرارات أكثر استنارة لمعالجة هذه التحديات. كما تساعد أبحاثه الجمهور على فهم الديناميكيات المعقدة للسياسة الأمريكية، وتمكنهم من المشاركة بشكل أكثر فاعلية في العملية الديمقراطية.
من خلال أبحاثه وكتاباته ومشاركته في الخطاب العام، يساهم مارك هيثرنجتون بشكل كبير في تعزيز الفهم العام للسياسة الأمريكية وتعزيز الديمقراطية.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماته العلمية المتميزة، حصل مارك هيثرنجتون على العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها:
- جائزة Philip E. Converse Book Award من قسم الاتصالات السياسية التابع للجمعية الأمريكية للعلوم السياسية عن كتابه “Why Trust Matters”.
- جائزة Pi Sigma Alpha Best Paper Award من الجمعية الجنوبية للعلوم السياسية.
- العديد من المنح البحثية من مؤسسة العلوم الوطنية وغيرها من المنظمات المرموقة.
خاتمة
مارك هيثرنجتون هو عالم سياسة مرموق يتمتع بمسيرة مهنية متميزة وإسهامات علمية كبيرة في فهم الاستقطاب السياسي، وثقة الجمهور في الحكومة، وتأثير العواطف على السلوك السياسي. من خلال أبحاثه وكتاباته ومشاركته في الخطاب العام، يساهم هيثرنجتون بشكل كبير في تعزيز الفهم العام للسياسة الأمريكية وتعزيز الديمقراطية. يعتبر مرجعاً هاماً للباحثين وصناع القرار والجمهور على حد سواء لفهم تعقيدات المشهد السياسي الأمريكي المعاصر.