مقدمة
مركز تطوير العلوم السليمة (TASSC)، والذي كان يُعرف سابقًا باسم تحالف تطوير العلوم السليمة (The Advancement of Sound Science Coalition)، هو منظمة ممولة من الصناعة تهدف إلى التأثير على السياسات العامة المتعلقة بالصحة والبيئة. تأسست المنظمة في عام 1993، وأثارت جدلاً واسعاً بسبب تكتيكاتها التي يُنظر إليها على أنها تهدف إلى تقويض الأبحاث العلمية التي تدعم التنظيمات الحكومية.
تاريخ التأسيس والأهداف
تأسس تحالف تطوير العلوم السليمة (TASSC) في عام 1993 بدعم مالي من شركات صناعية مختلفة، بما في ذلك شركات التبغ وشركات الكيماويات. كان الهدف المعلن للمنظمة هو تعزيز “العلوم السليمة” في صنع السياسات، ولكن المنتقدين يرون أن هدفها الحقيقي هو تقويض الأبحاث العلمية التي قد تؤدي إلى تنظيمات أكثر صرامة على الصناعات الملوثة.
ركزت TASSC في البداية على معارضة تنظيم التدخين السلبي، بحجة أن الأدلة العلمية التي تربط التدخين السلبي بالصحة كانت ضعيفة. توسعت المنظمة لاحقًا لتشمل قضايا أخرى، مثل تغير المناخ والتلوث الكيميائي.
التمويل والهيكل التنظيمي
تلقى مركز تطوير العلوم السليمة (TASSC) تمويلاً من مجموعة واسعة من الشركات الصناعية والمنظمات التجارية. لم تكن TASSC شفافة بشأن مصادر تمويلها، مما أثار تساؤلات حول استقلاليتها ومصداقيتها. وقد تم انتقاد المنظمة لعدم الكشف عن مصادر تمويلها بشكل كامل وشفاف.
تتكون TASSC من مجلس إدارة وموظفين، بالإضافة إلى شبكة من العلماء والخبراء الذين يقدمون المشورة والدعم للمنظمة. يعمل هؤلاء العلماء والخبراء غالبًا كمستشارين مدفوعي الأجر، ويشاركون في المؤتمرات وورش العمل التي تنظمها TASSC، ويساهمون في منشوراتها.
استراتيجيات التأثير والتكتيكات
استخدمت TASSC مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات والتكتيكات للتأثير على السياسات العامة. وشملت هذه الاستراتيجيات والتكتيكات:
- نشر تقارير ودراسات: تنتج TASSC تقارير ودراسات تزعم أنها تدعم موقفها بشأن القضايا المختلفة. غالبًا ما تنتقد هذه التقارير والدراسات الأبحاث العلمية التي تدعم التنظيمات الحكومية، وتسلط الضوء على أوجه القصور المزعومة في هذه الأبحاث.
- تنظيم مؤتمرات وورش عمل: تنظم TASSC مؤتمرات وورش عمل تجمع بين العلماء والخبراء وصناع السياسات لمناقشة القضايا المتعلقة بالعلوم والسياسة. غالبًا ما تستخدم هذه المؤتمرات وورش العمل كمنصة لعرض وجهات نظر TASSC وتحدي الإجماع العلمي.
- ممارسة الضغط على صانعي السياسات: تمارس TASSC الضغط على صانعي السياسات على المستويين الحكومي والفيدرالي للتأثير على القرارات المتعلقة بالصحة والبيئة. تشمل جهود الضغط التي تبذلها TASSC الاجتماع مع صانعي السياسات وتقديم شهادات أمام اللجان التشريعية وكتابة مقالات افتتاحية في الصحف.
- حملات العلاقات العامة: تشن TASSC حملات علاقات عامة لتشكيل الرأي العام بشأن القضايا المختلفة. غالبًا ما تستخدم هذه الحملات الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي والمواد الأخرى للترويج لوجهات نظر TASSC وتشويه سمعة منتقديها.
الانتقادات والجدل
واجهت TASSC انتقادات وجدلاً واسعاً بسبب تكتيكاتها التي يُنظر إليها على أنها تهدف إلى تقويض الأبحاث العلمية التي تدعم التنظيمات الحكومية. اتهم النقاد TASSC بنشر معلومات مضللة، وتضليل الجمهور، وتقويض ثقة الجمهور في العلوم.
تتعرض TASSC لانتقادات بشكل خاص بسبب علاقاتها بصناعة التبغ وجهودها المبكرة لإنكار المخاطر الصحية للتدخين السلبي. كما تم انتقاد المنظمة بسبب موقفها من تغير المناخ والقضايا البيئية الأخرى.
أظهرت دراسات مختلفة أن TASSC كانت جزءًا من جهد منظم من قبل الشركات الصناعية لتقويض العلم والتأثير على السياسات العامة. غالبًا ما تركز هذه الجهود على خلق حالة من عدم اليقين حول القضايا العلمية المعقدة، مما يسمح للصناعات بتأخير أو منع التنظيمات التي قد تؤثر على أرباحها.
أثر TASSC على السياسات العامة
من الصعب تحديد التأثير الدقيق الذي أحدثته TASSC على السياسات العامة. ومع ذلك، يُعتقد أن المنظمة لعبت دوراً في تأخير أو منع التنظيمات الحكومية المتعلقة بالتدخين السلبي وتغير المناخ والتلوث الكيميائي.
كما ساهمت TASSC في خلق مناخ من الشك وعدم الثقة في العلوم، مما يجعل من الصعب على صانعي السياسات اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن القضايا المعقدة.
دراسات حالة محددة
- التدخين السلبي: كانت TASSC من أشد المعارضين لتنظيم التدخين السلبي، بحجة أن الأدلة العلمية التي تربط التدخين السلبي بالصحة كانت ضعيفة. بذلت المنظمة جهودًا كبيرة للتشكيك في الدراسات التي أظهرت أن التدخين السلبي يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والرئة والسرطان.
- تغير المناخ: تلعب TASSC دورًا نشطًا في إنكار تغير المناخ، بحجة أن الأدلة العلمية التي تدعم هذه الظاهرة غير مؤكدة. نشرت المنظمة تقارير ودراسات تنتقد علم المناخ، وتنظم مؤتمرات وورش عمل تجمع بين العلماء المشككين في تغير المناخ.
- التلوث الكيميائي: تعارض TASSC التنظيمات الحكومية المتعلقة بالتلوث الكيميائي، بحجة أن هذه التنظيمات مكلفة للغاية وغير ضرورية. نشرت المنظمة تقارير ودراسات تنتقد الدراسات التي أظهرت أن التعرض للمواد الكيميائية يمكن أن يضر بالصحة.
الدفاع عن “العلوم السليمة”
تدعي TASSC أنها تدافع عن “العلوم السليمة”، ولكن هذا المصطلح نفسه مثير للجدل. غالبًا ما يُستخدم مصطلح “العلوم السليمة” من قبل الصناعات لتقويض الأبحاث العلمية التي تدعم التنظيمات الحكومية. ما تعتبره TASSC “علومًا سليمة” غالبًا ما يكون علمًا مدفوعًا بمصالح صناعية وليس علمًا موضوعيًا ومستقلاً.
مستقبل TASSC
لا يزال مستقبل TASSC غير مؤكد. تواجه المنظمة تحديات متزايدة بسبب التدقيق العام المتزايد والضغط المالي. ومع ذلك، لا تزال TASSC قوة مؤثرة في السياسة العامة، ومن المرجح أن تستمر في لعب دور في تشكيل النقاش حول القضايا العلمية والبيئية.
تأثير مماثل لمنظمات أخرى
TASSC ليست المنظمة الوحيدة التي تمولها الصناعة والتي تهدف إلى التأثير على السياسات العامة المتعلقة بالصحة والبيئة. هناك العديد من المنظمات الأخرى التي تعمل بشكل مماثل، وغالبًا ما تستخدم تكتيكات مماثلة لتقويض العلم والتأثير على صانعي السياسات.
من المهم أن يكون الجمهور على دراية بهذه المنظمات وتكتيكاتها، وأن يفهم كيف يمكن لمصالح الصناعة أن تؤثر على العلم والسياسة.
خاتمة
مركز تطوير العلوم السليمة (TASSC) هي منظمة ممولة من الصناعة تثير الجدل بسبب تكتيكاتها التي يُنظر إليها على أنها تهدف إلى تقويض الأبحاث العلمية التي تدعم التنظيمات الحكومية. على الرغم من أن المنظمة تدعي أنها تدافع عن “العلوم السليمة”، إلا أن النقاد يتهمونها بنشر معلومات مضللة، وتضليل الجمهور، وتقويض ثقة الجمهور في العلوم. يبقى تأثير TASSC على السياسات العامة موضوع نقاش، ولكن من الواضح أن المنظمة لعبت دورًا في تشكيل النقاش حول القضايا العلمية والبيئية. من المهم أن يكون الجمهور على دراية بدور هذه المنظمات وأن يفهم كيف يمكن لمصالح الصناعة أن تؤثر على العلم والسياسة.