<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد جون هربرت همفري في 16 ديسمبر 1915. تلقى تعليمه المبكر في مدرسة مرموقة، حيث أظهر تفوقًا في العلوم. التحق بكلية الثالوث، كامبريدج، حيث درس العلوم الطبيعية. خلال فترة وجوده في كامبريدج، أظهر اهتمامًا خاصًا بالكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الدقيقة، وهما المجالان اللذان سيشكلان مسيرته المهنية لاحقًا.
بعد حصوله على درجة البكالوريوس، واصل همفري دراساته العليا في كامبريدج، حيث حصل على درجة الدكتوراه في علم الأحياء الدقيقة. ركزت أبحاث الدكتوراه الخاصة به على دراسة البكتيريا والفيروسات، مما أرسى الأساس لعمله المستقبلي في علم المناعة.
مسيرته المهنية
بعد الانتهاء من الدكتوراه، انضم همفري إلى المجلس الطبي للأبحاث (Medical Research Council – MRC) في بريطانيا. عمل في وحدة الأبحاث المناعية التابعة للمجلس، حيث بدأ في إجراء أبحاث رائدة في مجال علم المناعة. خلال فترة وجوده في المجلس الطبي للأبحاث، عمل همفري تحت إشراف العديد من العلماء البارزين، مما ساعده على تطوير خبراته ومهاراته في هذا المجال.
في عام 1961، عُين همفري رئيسًا لقسم علم المناعة في المعهد الوطني للبحوث الطبية (National Institute for Medical Research – NIMR). قاد همفري القسم لأكثر من عقدين، وخلال هذه الفترة، حوله إلى مركز عالمي رائد لأبحاث المناعة. تحت قيادته، حقق القسم العديد من الاكتشافات الهامة في فهم الاستجابات المناعية والأمراض المناعية.
بالإضافة إلى عمله في المعهد الوطني للبحوث الطبية، شغل همفري أيضًا مناصب أكاديمية في العديد من الجامعات البريطانية. كان أستاذًا زائرًا في جامعة كامبريدج وجامعة أكسفورد، حيث ألقى محاضرات وأشرف على طلاب الدراسات العليا.
إسهاماته العلمية
قدم جون همفري إسهامات كبيرة في مجال علم المناعة. تشمل بعض إسهاماته البارزة ما يلي:
- اكتشاف آليات عمل الأجسام المضادة: قام همفري بأبحاث رائدة في فهم كيفية ارتباط الأجسام المضادة بالمستضدات وكيفية تنشيطها للاستجابات المناعية. ساعدت أبحاثه في توضيح الآليات الجزيئية التي تكمن وراء وظيفة الأجسام المضادة.
- تحديد دور الخلايا الليمفاوية في المناعة: كان همفري من أوائل العلماء الذين أدركوا أهمية الخلايا الليمفاوية في الاستجابات المناعية. أظهرت أبحاثه أن الخلايا الليمفاوية تلعب دورًا حاسمًا في التعرف على المستضدات وتنسيق الاستجابات المناعية.
- تطوير لقاحات جديدة: ساهم همفري في تطوير لقاحات جديدة ضد العديد من الأمراض المعدية. عمل على تحسين فعالية اللقاحات وتقليل آثارها الجانبية.
- فهم الأمراض المناعية: أجرى همفري أبحاثًا مكثفة حول الأمراض المناعية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد. ساعدت أبحاثه في فهم الآليات المسببة لهذه الأمراض وتطوير علاجات جديدة لها.
أبحاثه حول فرط الحساسية: كان له دور فعال في فهم آليات فرط الحساسية الفورية، وخاصة تلك المتعلقة بالغلوبيولين المناعي E (IgE). ساهم عمله في فهم أفضل لأسباب الحساسية والربو.
دراساته حول استقلاب المستضدات: قام همفري بدراسات مهمة حول كيفية معالجة الخلايا للمستضدات وتقديمها للجهاز المناعي، مما أدى إلى فهم أفضل لبداية الاستجابات المناعية.
الجوائز والتكريمات
حصل جون همفري على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته العلمية. تشمل بعض الجوائز البارزة التي حصل عليها ما يلي:
- رتبة الإمبراطورية البريطانية (CBE): مُنح همفري رتبة الإمبراطورية البريطانية تقديرًا لخدماته في مجال علم المناعة.
- زمالة الجمعية الملكية (FRS): انتخب همفري زميلًا في الجمعية الملكية، وهي أعلى هيئة علمية في المملكة المتحدة.
- زمالة الكلية الملكية للأطباء (FRCP): حصل همفري على زمالة الكلية الملكية للأطباء، وهي اعتراف بمساهماته في الطب.
- جائزة بول إيرليش ولودفيج دارمشتيتر: حصل على هذه الجائزة المرموقة في عام 1970 تقديراً لأبحاثه المتميزة في مجال المناعة.
حياته الشخصية
كان جون همفري يتمتع بشخصية محبوبة ومحترمة بين زملائه وطلابه. كان يتميز بالتواضع والتفاني في عمله. كان لديه أيضًا اهتمام كبير بالفنون والموسيقى، وكان يعزف على البيانو بمهارة.
تزوج همفري وله أطفال. كان يتمتع بحياة أسرية سعيدة، وكان يقضي وقت فراغه مع عائلته وأصدقائه.
وفاته
توفي جون همفري في 25 ديسمبر 1987، عن عمر يناهز 72 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا كبيرًا، وسيظل يذكره العلماء والباحثون في مجال علم المناعة.
خاتمة
كان جون هـ. همفري عالم مناعة بريطانيًا بارزًا ساهم بشكل كبير في فهم الاستجابات المناعية. من خلال أبحاثه الرائدة، ساعد في توضيح آليات عمل الأجسام المضادة، ودور الخلايا الليمفاوية في المناعة، وتطوير لقاحات جديدة. حصل همفري على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته العلمية، وسيظل يذكره العلماء والباحثون في مجال علم المناعة كواحد من الرواد في هذا المجال.