<![CDATA[
التاريخ والتأسيس
في أوائل السبعينيات، أدركت الحكومة الدنماركية الحاجة إلى تنسيق أفضل للتخطيط والتنمية في منطقة كوبنهاغن الكبرى، التي كانت تشهد نموًا سكانيًا واقتصاديًا سريعًا. قبل عام 1974، كانت مسؤولية التخطيط الإقليمي تقع على عاتق البلديات الفردية، مما أدى إلى عدم تناسق في السياسات والتنمية. ولذلك، تم إنشاء سلطة كوبنهاغن الكبرى بهدف توحيد جهود التخطيط وضمان التنمية المستدامة والمتوازنة في المنطقة.
تم تأسيس السلطة بموجب قانون خاص أقره البرلمان الدنماركي، وحدد القانون صلاحياتها ومسؤولياتها. كان الغرض الرئيسي من السلطة هو إنشاء خطة إقليمية شاملة تحدد اتجاه التنمية في منطقة كوبنهاغن الكبرى، بما في ذلك استخدام الأراضي والنقل والبنية التحتية والبيئة. كما كانت السلطة مسؤولة عن تنسيق استثمارات البنية التحتية الكبرى، مثل الطرق والسكك الحديدية والمرافق العامة.
الهيكل التنظيمي
تكونت سلطة كوبنهاغن الكبرى من ممثلين منتخبين من البلديات الأعضاء في المنطقة. كان عدد الممثلين من كل بلدية يتناسب مع عدد سكانها. تم اختيار رئيس السلطة من بين الأعضاء المنتخبين. عملت السلطة من خلال لجان مختلفة تركز على مجالات محددة من التخطيط والتنمية، مثل لجنة النقل ولجنة البيئة.
كانت الأمانة العامة للسلطة مسؤولة عن إدارة العمليات اليومية وتقديم الدعم الفني والإداري للأعضاء المنتخبين. كان يرأس الأمانة العامة مدير تنفيذي مسؤول أمام السلطة عن حسن سير العمل.
المسؤوليات والمهام
تولت سلطة كوبنهاغن الكبرى مجموعة واسعة من المسؤوليات والمهام المتعلقة بالتخطيط والتنمية في المنطقة، بما في ذلك:
- التخطيط الإقليمي: إعداد وتنفيذ خطة إقليمية شاملة تحدد اتجاه التنمية في منطقة كوبنهاغن الكبرى.
- النقل العام: التخطيط وتنسيق خدمات النقل العام في المنطقة، بما في ذلك الحافلات والقطارات والمترو.
- المسائل البيئية: حماية البيئة ومنع التلوث في المنطقة.
- استخدام الأراضي: تنظيم استخدام الأراضي وضمان التنمية المستدامة والمتوازنة.
- الإسكان: تعزيز الإسكان الميسور التكلفة وتوفير خيارات سكنية متنوعة.
- التنمية الاقتصادية: دعم التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل في المنطقة.
- البنية التحتية: تنسيق استثمارات البنية التحتية الكبرى، مثل الطرق والسكك الحديدية والمرافق العامة.
كانت السلطة تعمل أيضًا على تعزيز التعاون بين البلديات الأعضاء والجهات الحكومية الأخرى. كانت تجتمع بانتظام مع ممثلي البلديات والوزارات الحكومية لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتنسيق السياسات.
الإنجازات الرئيسية
خلال فترة وجودها، حققت سلطة كوبنهاغن الكبرى عددًا من الإنجازات الهامة، بما في ذلك:
- خطة إقليمية شاملة: وضعت السلطة خطة إقليمية شاملة حددت اتجاه التنمية في منطقة كوبنهاغن الكبرى. ساعدت الخطة على توجيه الاستثمارات في البنية التحتية وتنظيم استخدام الأراضي وتعزيز التنمية المستدامة.
- تحسين النقل العام: استثمرت السلطة بكثافة في تحسين خدمات النقل العام في المنطقة. وشمل ذلك توسيع شبكة المترو، وتحسين خدمات الحافلات، وبناء طرق جديدة للسكك الحديدية. ساعدت هذه الاستثمارات على تقليل الازدحام المروري وتحسين الوصول إلى خدمات النقل العام.
- حماية البيئة: اتخذت السلطة عددًا من الإجراءات لحماية البيئة ومنع التلوث في المنطقة. وشمل ذلك تنفيذ قوانين جديدة للحد من التلوث، والاستثمار في معالجة مياه الصرف الصحي، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة.
- تعزيز الإسكان الميسور التكلفة: عملت السلطة على تعزيز الإسكان الميسور التكلفة وتوفير خيارات سكنية متنوعة. وشمل ذلك دعم بناء وحدات سكنية ميسورة التكلفة، وتقديم المساعدة المالية للمستأجرين ذوي الدخل المنخفض، وتنظيم سوق الإيجارات.
النقد والخلافات
على الرغم من إنجازاتها، واجهت سلطة كوبنهاغن الكبرى أيضًا بعض الانتقادات والخلافات. جادل البعض بأن السلطة كانت بيروقراطية للغاية وغير فعالة. انتقد آخرون السلطة لعدم استشارتها بشكل كافٍ مع البلديات الأعضاء والجمهور عند اتخاذ القرارات. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك خلافات حول توزيع الموارد بين البلديات الأعضاء.
كان أحد الخلافات الرئيسية يتعلق بتطوير مشروع أوريسند للجسور، وهو مشروع ضخم لبناء جسر ونفق يربط بين كوبنهاغن ومالمو في السويد. كان هناك خلاف حول ما إذا كان يجب على سلطة كوبنهاغن الكبرى أن تدعم المشروع، حيث جادل البعض بأنه سيكون مكلفًا للغاية ولن يفيد المنطقة بأكملها بالتساوي. في النهاية، تم دعم المشروع من قبل السلطة وتم الانتهاء منه في عام 2000.
الحل والإرث
في عام 1989، تم حل سلطة كوبنهاغن الكبرى كجزء من إصلاح حكومي أوسع. تم نقل مسؤوليات السلطة إلى مناطق جديدة تم إنشاؤها حديثًا. ومع ذلك، لا يزال إرث السلطة محسوسًا اليوم في منطقة كوبنهاغن الكبرى. ساعدت الخطة الإقليمية التي وضعتها السلطة على توجيه التنمية في المنطقة، وساهمت الاستثمارات التي قامت بها في تحسين النقل العام وحماية البيئة وتعزيز الإسكان الميسور التكلفة.
على الرغم من أن سلطة كوبنهاغن الكبرى لم تعد موجودة، إلا أن تجربتها توفر دروسًا قيمة حول أهمية التخطيط الإقليمي والتعاون بين البلديات والجهات الحكومية الأخرى. تظل الحاجة إلى التنسيق والتعاون في منطقة كوبنهاغن الكبرى قائمة، وهناك عدد من المنظمات والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات مثل النقل والتنمية الاقتصادية والبيئة.
خاتمة
كانت سلطة كوبنهاغن الكبرى هيئة حكم سياسي إقليمية لعبت دورًا هامًا في التخطيط والتنمية في منطقة كوبنهاغن الكبرى من عام 1974 إلى عام 1989. على الرغم من أنها واجهت بعض الانتقادات والخلافات، إلا أنها حققت عددًا من الإنجازات الهامة، بما في ذلك وضع خطة إقليمية شاملة وتحسين النقل العام وحماية البيئة وتعزيز الإسكان الميسور التكلفة. لا يزال إرث السلطة محسوسًا اليوم، وتوفر تجربتها دروسًا قيمة حول أهمية التخطيط الإقليمي والتعاون.