نظرة عامة على الكتاب
يقدم كتاب “إطاحة” سرداً تاريخياً شاملاً لدور الولايات المتحدة في الإطاحة بالعديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم على مدار القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين. يركز كينزر على الحالات التي تدخلت فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر أو غير مباشر لتغيير الأنظمة، وغالباً ما يكون ذلك بدوافع اقتصادية أو استراتيجية أو أيديولوجية. يجادل الكتاب بأن هذه التدخلات، على الرغم من أنها غالباً ما تم تبريرها بالدفاع عن المصالح الأمريكية أو تعزيز الديمقراطية، فقد أدت في كثير من الأحيان إلى نتائج عكسية، مما تسبب في عدم الاستقرار والصراع والمعاناة الإنسانية.
يستعرض الكتاب مجموعة واسعة من الحالات، بدءاً من الإطاحة بالنظام الملكي في هاواي في عام 1893، مروراً بتدخلات الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية (مثل الإطاحة بحكومة جاكوبو أربينز في غواتيمالا عام 1954، وسلفادور أليندي في تشيلي عام 1973)، وصولاً إلى الشرق الأوسط (مثل الإطاحة بمحمد مصدق في إيران عام 1953) وانتهاءً بالغزو الأمريكي للعراق عام 2003. يحلل كينزر الدوافع الكامنة وراء هذه التدخلات، والتكتيكات المستخدمة، والعواقب المترتبة عليها على المدى الطويل.
الحالات الرئيسية التي يغطيها الكتاب
- هاواي (1893): يصف الكتاب كيف أطاح رجال الأعمال الأمريكيون، بدعم من القوات البحرية الأمريكية، بالنظام الملكي في هاواي وأقاموا جمهورية، مما أدى لاحقاً إلى ضم هاواي إلى الولايات المتحدة.
- كوبا (1898): يتناول الكتاب التدخل الأمريكي في حرب الاستقلال الكوبية ضد إسبانيا، والذي أدى إلى احتلال الولايات المتحدة لكوبا وإنشاء قاعدة غوانتانامو البحرية.
- الفلبين (1899-1902): يحلل الكتاب الحرب الفلبينية الأمريكية، التي اندلعت بعد أن رفض الفلبينيون قبول الحكم الأمريكي بعد طرد إسبانيا.
- بنما (1903): يستعرض الكتاب دور الولايات المتحدة في دعم استقلال بنما عن كولومبيا من أجل بناء قناة بنما.
- المكسيك (1910s): يتناول الكتاب التدخلات الأمريكية المتعددة في الثورة المكسيكية.
- نيكاراجوا (1912-1933): يصف الكتاب الاحتلال الأمريكي لنيكاراجوا ودعم الولايات المتحدة لحكومة موالية لها.
- إيران (1953): يحلل الكتاب دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الإطاحة بمحمد مصدق، رئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطياً، وإعادة الشاه إلى السلطة.
- غواتيمالا (1954): يتناول الكتاب دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الإطاحة بحكومة جاكوبو أربينز، الذي كان يسعى إلى إصلاح زراعي.
- فيتنام (1960s-1970s): يحلل الكتاب التدخل الأمريكي في حرب فيتنام ودعم الولايات المتحدة لحكومة فيتنام الجنوبية.
- تشيلي (1973): يصف الكتاب دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في دعم الانقلاب العسكري الذي أطاح بسلفادور أليندي، الرئيس التشيلي المنتخب ديمقراطياً.
- العراق (2003): يتناول الكتاب الغزو الأمريكي للعراق والإطاحة بصدام حسين.
الأهداف والدوافع
يستكشف كينزر الأهداف والدوافع المتنوعة التي دفعت الولايات المتحدة إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وتشمل هذه الدوافع:
- المصالح الاقتصادية: حماية الاستثمارات الأمريكية في الخارج، والسيطرة على الموارد الطبيعية (مثل النفط)، وفتح أسواق جديدة للسلع الأمريكية.
- المصالح الاستراتيجية: منع انتشار الشيوعية خلال الحرب الباردة، والحفاظ على النفوذ الأمريكي في مناطق استراتيجية، ومحاربة الإرهاب.
- الأيديولوجية: نشر الديمقراطية والقيم الأمريكية، ومحاربة الأنظمة الاستبدادية.
- النفوذ السياسي: تعزيز مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى، والتأثير على السياسات الدولية.
التكتيكات المستخدمة
يصف كينزر مجموعة متنوعة من التكتيكات التي استخدمتها الولايات المتحدة للإطاحة بالأنظمة، بما في ذلك:
- العمليات السرية: دعم الميليشيات المتمردة، وتمويل الأحزاب السياسية المعارضة، وتنفيذ عمليات التخريب والتجسس.
- العقوبات الاقتصادية: فرض عقوبات اقتصادية على الدول المستهدفة لإضعاف اقتصاداتها وتقويض دعمها الشعبي.
- الدعم العسكري: تقديم الدعم العسكري للحكومات الصديقة أو المجموعات المتمردة، والتدخل العسكري المباشر في بعض الحالات.
- الدبلوماسية: ممارسة الضغط الدبلوماسي على الدول المستهدفة، وتقديم الدعم السياسي للمعارضة.
- الدعاية: شن حملات دعائية لتشويه سمعة الحكومات المستهدفة وكسب الدعم الشعبي للتدخل الأمريكي.
العواقب
يؤكد كينزر على العواقب الوخيمة التي غالباً ما تترتب على التدخلات الأمريكية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وتشمل هذه العواقب:
- عدم الاستقرار السياسي: الإطاحة بالأنظمة غالباً ما تؤدي إلى فترات من عدم الاستقرار السياسي والعنف، مما يجعل من الصعب على الدول المستهدفة تحقيق الديمقراطية والتنمية المستدامة.
- الصراع: التدخلات الأمريكية يمكن أن تؤدي إلى اندلاع الحروب الأهلية والصراعات الإقليمية.
- المعاناة الإنسانية: التدخلات الأمريكية غالباً ما تتسبب في معاناة إنسانية واسعة النطاق، بما في ذلك الوفيات والإصابات والنزوح.
- تدهور العلاقات الأمريكية: التدخلات الأمريكية يمكن أن تضر بالعلاقات بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، وتزيد من المشاعر المعادية لأمريكا في جميع أنحاء العالم.
- نتائج عكسية: التدخلات الأمريكية يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث أن الأنظمة التي يتم الإطاحة بها غالباً ما يتم استبدالها بأنظمة أسوأ.
التحليل والانتقادات
يتعرض كتاب “إطاحة” لانتقادات من بعض المراقبين الذين يجادلون بأنه يقدم صورة أحادية الجانب للتدخلات الأمريكية في الخارج. يجادل هؤلاء المنتقدون بأن كينزر يبالغ في تقدير الآثار السلبية لهذه التدخلات ويتجاهل الفوائد المحتملة التي قد تعود على الولايات المتحدة وعلى الدول المستهدفة. على سبيل المثال، يجادلون بأن بعض التدخلات الأمريكية قد ساعدت في منع انتشار الشيوعية أو محاربة الإرهاب، وأن بعض الأنظمة التي تم الإطاحة بها كانت أنظمة قمعية تستحق الإطاحة بها.
ومع ذلك، يرى معظم النقاد أن الكتاب يمثل إضافة قيمة إلى النقاش الدائر حول دور الولايات المتحدة في العالم. إنه يوفر سرداً مفصلاً وموثقاً جيداً للتدخلات الأمريكية في الخارج، ويثير أسئلة مهمة حول الدوافع والعواقب المترتبة على هذه التدخلات.
أهمية الكتاب
يعد كتاب “إطاحة” عملاً مهماً لأنه يلقي الضوء على جانب مظلم من تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية. إنه يذكرنا بأن التدخلات الأمريكية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى غالباً ما تكون لها عواقب وخيمة، وأن الولايات المتحدة يجب أن تكون حذرة للغاية قبل التدخل في شؤون الدول الأخرى. الكتاب مهم بشكل خاص في ضوء التدخلات الأمريكية المستمرة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى في العالم. إنه يوفر منظوراً تاريخياً قيماً حول هذه التدخلات ويساعدنا على فهم المخاطر المحتملة المترتبة عليها.
تأثير الكتاب
كان لكتاب “إطاحة” تأثير كبير على النقاش العام حول السياسة الخارجية الأمريكية. لقد تم الاستشهاد به على نطاق واسع من قبل الصحفيين والباحثين وصانعي السياسات، وساهم في زيادة الوعي بالعواقب السلبية المحتملة للتدخلات الأمريكية في الخارج. ساعد الكتاب أيضاً في إلهام جيل جديد من النشطاء والمنظمات التي تعمل على تعزيز سياسة خارجية أمريكية أكثر سلاماً وعدلاً.
خاتمة
“إطاحة” لستيفن كينزر هو تحليل نقدي للدور الذي لعبته الولايات المتحدة في تغيير الأنظمة حول العالم على مدار القرن الماضي. يسلط الكتاب الضوء على التدخلات المتكررة للولايات المتحدة، مدفوعة بمصالح اقتصادية واستراتيجية وأيديولوجية، وكيف أدت هذه التدخلات في كثير من الأحيان إلى عدم الاستقرار والمعاناة. بينما يثير الكتاب جدلاً ويواجه انتقادات، إلا أنه يظل مساهمة قيمة في فهم السياسة الخارجية الأمريكية وعواقبها على الصعيد العالمي.