<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد جيرهاردوس فوس في هيرينفين، هولندا، في عام 1862، لعائلة متدينة للغاية. كان والده، يوهانس هندريكوس فوس، قسًا في الكنيسة الإصلاحية المسيحية (Christelijke Gereformeerde Kerk). هاجرت عائلة فوس إلى الولايات المتحدة في عام 1881، واستقرت في جراند رابيدز، ميشيغان. هناك، التحق جيرهاردوس بكلية كالفين، حيث درس الكلاسيكيات والفلسفة واللاهوت. بعد تخرجه من كلية كالفين، درس فوس لمدة عام في معهد اللاهوت في الكنيسة الإصلاحية المسيحية في جراند رابيدز. ثم سافر إلى أوروبا، حيث درس في جامعة أمستردام وجامعة برلين. حصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية من جامعة ستراسبورغ عام 1885. كان تخصصه هو العلاقة بين الإسلام والإنجيل.
مسيرته المهنية
بعد عودته إلى الولايات المتحدة، عُين فوس أستاذًا للغات الكتاب المقدس واللاهوت النظامي في معهد اللاهوت في الكنيسة الإصلاحية المسيحية في عام 1888. وفي عام 1893، انتقل إلى جامعة برينستون اللاهوتية، حيث أصبح أستاذًا للاهوت الكتابي. بقي فوس في برينستون حتى تقاعده في عام 1932. خلال فترة وجوده في برينستون، قام بتدريس مجموعة متنوعة من الدورات التدريبية في الكتاب المقدس واللاهوت، وأشرف على عمل العديد من الطلاب الذين أصبحوا قادة بارزين في الكنيسة. كان فوس عضوًا مؤسسًا في جمعية الأدب الكتابي.
كان فوس عالمًا غزير الإنتاج، كتب العديد من الكتب والمقالات حول مجموعة واسعة من الموضوعات. تشمل أشهر أعماله:
- اللاهوت الكتابي: الوحي الذاتي لله (Biblical Theology: Systematic Theology). يعتبر هذا الكتاب عملًا كلاسيكيًا في اللاهوت الكتابي، ويقدم عرضًا شاملاً لتطور الوحي في الكتاب المقدس.
- Pauline Eschatology (أخرويات بولس). يدرس هذا الكتاب تعاليم بولس الرسول حول الأمور الأخيرة، مثل القيامة والدينونة الأبدية.
- The Self-Disclosure of Jesus (الإعلان الذاتي ليسوع). يركز هذا الكتاب على كيفية كشف يسوع المسيح عن هويته ورسالته من خلال كلماته وأفعاله في الأناجيل.
- Redemptive History and Biblical Interpretation: The Shorter Writings of Geerhardus Vos (تاريخ الفداء والتفسير الكتابي: كتابات جيرهاردوس فوس القصيرة). عبارة عن مجموعة مقالات ومراجعات لـ فوس تغطي مجموعة متنوعة من الموضوعات اللاهوتية والكتابية.
لاهوته
كان فوس عالمًا لاهوتيًا كالفينيًا، والتزم بشدة بسلطة الكتاب المقدس. كان يعتقد أن الكتاب المقدس هو الكلمة الموحى بها من الله، وأنه معصوم عن الخطأ. كان فوس أيضًا مدافعًا قويًا عن العقيدة الإصلاحية، التي تؤكد على سيادة الله في الخلاص.
كان عمل فوس في مجال اللاهوت الكتابي ذا تأثير كبير على الدراسات الكتابية اللاهوتية. لقد ساعد في إحياء الاهتمام باللاهوت الكتابي كعلم متميز عن اللاهوت النظامي، وأكد على أهمية فهم الكتاب المقدس في سياقه التاريخي والخلاصي. لقد كان منهجه في اللاهوت الكتابي تاريخيًا خلاصيًا، حيث سعى إلى فهم كيفية الكشف عن خطة الله للخلاص تدريجيًا عبر تاريخ الكتاب المقدس. لقد رأى الوحدة العضوية للكتاب المقدس، حيث ترتبط جميع أجزائه ببعضها البعض وتساهم في القصة الكبرى للفداء.
تأثر فوس بشدة باللاهوتيين الهولنديين مثل هيرمان بافينك وأبراهام كويبر، لكنه طور أيضًا أفكاره الخاصة والمميزة. كان يتميز باهتمامه الشديد بالتفاصيل الكتابية، وقدرته على ربط أجزاء مختلفة من الكتاب المقدس ببعضها البعض، وقناعته الراسخة بسلطة الكتاب المقدس. كان فوس يعتقد أن اللاهوت الكتابي يجب أن يسبق اللاهوت النظامي ويشكله، وأنه يجب على اللاهوتيين أن يسعوا إلى فهم الكتاب المقدس على أسس الكتاب المقدس الخاصة قبل محاولة صياغة العقائد اللاهوتية.
تأثيره وإرثه
لا يزال عمل فوس يدرس على نطاق واسع ويحظى بتقدير كبير من قبل علماء اللاهوت وعلماء الكتاب المقدس اليوم. لقد أثر عمله على عدد لا يحصى من علماء اللاهوت والقساوسة والمعلمين، ولا يزال يلهم ويشكل التفكير اللاهوتي اليوم. يعتبره الكثيرون أحد أهم علماء الكتاب المقدس اللاهوتيين في القرن العشرين.
لقد ساهم في تعزيز فهم أعمق لتاريخ الخلاص، ووحدة الكتاب المقدس، وأهمية تفسير الكتاب المقدس في سياقه التاريخي. لقد شجع على العودة إلى الكتاب المقدس كمصدر أساسي للاهوت، وأكد على أهمية الانخراط في الكتاب المقدس بعقل منفتح وقلب خاضع.
كما كان له تأثير كبير على تطوير اللاهوت الكتابي الإصلاحي، والذي يسعى إلى فهم تطور الوحي في الكتاب المقدس من خلال تتبع الموضوعات والعهود الرئيسية عبر تاريخ الخلاص. غالبًا ما يُنسب إليه الفضل في كونه مؤسس هذا النهج في اللاهوت الكتابي.
أهميته اليوم
تظل أعمال جيرهاردوس فوس ذات صلة اليوم لعدة أسباب:
- التركيز على الكتاب المقدس: في عالم غالبًا ما يتم فيه تهميش الكتاب المقدس أو تفسيره بشكل خاطئ، يذكرنا عمل فوس بأهمية السماح للكتاب المقدس بالتحدث عن نفسه.
- العمق اللاهوتي: يوفر عمل فوس أساسًا قويًا للتفكير اللاهوتي السليم، ويساعدنا على فهم الحقائق العميقة للكتاب المقدس.
- الأهمية العملية: يمكن أن يساعدنا عمل فوس على تطبيق الكتاب المقدس على حياتنا اليومية، وفهم كيف ينطبق إيماننا على كل جانب من جوانب وجودنا.
خاتمة
كان جيرهاردوس فوس عالم لاهوت كتابي بارزًا، ترك إرثًا دائمًا في مجال الدراسات الكتابية واللاهوتية. كان عمله ذا تأثير كبير على فهمنا للكتاب المقدس وتاريخ الخلاص واللاهوت المسيحي. لا تزال كتاباته تدرس على نطاق واسع وتحظى بتقدير كبير من قبل علماء اللاهوت وعلماء الكتاب المقدس اليوم، ولا يزال عمله يلهم ويشكل التفكير اللاهوتي. لقد كان مساهمًا رئيسيًا في اللاهوت الكتابي الإصلاحي، ويُذكر لالتزامه بالكتاب المقدس، وعمقه اللاهوتي، وأهميته العملية.