مقدمة
بزمي عالم سلطان، ويعني اسمها “زينة العالم” أو “جوهرة العالم”، هي إحدى زوجات السلطان العثماني محمود الثاني ووالدة السلطان عبد المجيد الأول. ولدت عام 1807 وتوفيت في الثاني من مايو عام 1853. اشتهرت بزمي عالم سلطان بأعمالها الخيرية ومساهماتها في تطوير البنية التحتية في إسطنبول، إضافة إلى تأثيرها السياسي والثقافي في فترة حكمها.
حياتها المبكرة
على الرغم من أن تفاصيل حياة بزمي عالم سلطان المبكرة شحيحة، إلا أن المعروف أنها لم تكن من أصول نبيلة. تشير بعض الروايات إلى أنها كانت جارية شركسية أو جورجية تم تقديمها إلى القصر السلطاني في إسطنبول. بفضل جمالها وذكائها، سرعان ما لفتت انتباه السلطان محمود الثاني وأصبحت إحدى محظياته.
ارتقاؤها في القصر
بعد أن أصبحت محظية للسلطان محمود الثاني، حظيت بزمي عالم سلطان بمكانة مرموقة في القصر. تميزت بفطنتها السياسية وقدرتها على التأثير في قرارات السلطان. يُقال إنها لعبت دورًا هامًا في العديد من الإصلاحات التي قام بها السلطان محمود الثاني، خاصة تلك المتعلقة بالتعليم والصحة. كما عُرفت بدعمها للفنون والثقافة، وتشجيعها للشعراء والفنانين.
ولادة السلطان عبد المجيد الأول
في عام 1823، أنجبت بزمي عالم سلطان ابنها عبد المجيد، الذي أصبح فيما بعد السلطان العثماني. كان لولادة عبد المجيد تأثير كبير على مكانة بزمي عالم سلطان في القصر، حيث أصبحت والدة الأمير الوريث. عزز هذا مكانتها ونفوذها، وجعلها شخصية محورية في الحياة السياسية والاجتماعية للدولة العثمانية.
دورها في الإصلاحات
كانت بزمي عالم سلطان من المؤيدين المتحمسين للإصلاحات التي قام بها السلطان محمود الثاني. دعمت جهوده لتحديث الجيش والإدارة والقانون. يُنسب إليها الفضل في تشجيع السلطان على تبني أساليب التعليم الحديثة، وإنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية الجديدة. كما ساهمت في تطوير نظام الرعاية الصحية، وبناء المستشفيات والملاجئ.
أعمالها الخيرية
اشتهرت بزمي عالم سلطان بأعمالها الخيرية الواسعة النطاق. قامت بتمويل بناء العديد من المساجد والمدارس والمستشفيات ودور الأيتام في إسطنبول وغيرها من المدن العثمانية. كان من أبرز أعمالها الخيرية:
- مستشفى والده سلطان (Valide Sultan Hospital): تأسس هذا المستشفى في إسطنبول عام 1846، وكان مخصصًا لتقديم الرعاية الصحية المجانية للمحتاجين. يعتبر المستشفى من أقدم وأهم المؤسسات الصحية في تركيا حتى اليوم.
- جامع والده سلطان (Valide Sultan Mosque): يقع هذا الجامع في منطقة أكسراي في إسطنبول، ويعتبر من أجمل المساجد العثمانية. تم بناؤه بأمر من بزمي عالم سلطان، ويتميز بتصميمه المعماري الفريد وزخارفه الرائعة.
- نافورة والده سلطان (Valide Sultan Fountain): تنتشر العديد من النوافير التي أمرت ببنائها بزمي عالم سلطان في مختلف أنحاء إسطنبول، وكانت تهدف إلى توفير المياه النظيفة للمواطنين.
عكس اهتمام بزمي عالم سلطان بالأعمال الخيرية إيمانها بأهمية خدمة المجتمع ومساعدة المحتاجين. كانت تعتبر أن الثروة والنفوذ يجب أن يُستخدما لتحسين حياة الناس وتخفيف معاناتهم.
تأثيرها السياسي
على الرغم من أن بزمي عالم سلطان لم تكن تشغل منصبًا رسميًا في الحكومة، إلا أنها مارست تأثيرًا سياسيًا كبيرًا من خلال علاقتها بالسلطان محمود الثاني وابنها السلطان عبد المجيد الأول. يُقال إنها كانت تلعب دورًا هامًا في تعيين المسؤولين الحكوميين، والتأثير في السياسات الداخلية والخارجية للدولة العثمانية. كما عُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة، وتشجيعها لتعليم الفتيات.
فترة حكم ابنها عبد المجيد الأول
بعد وفاة السلطان محمود الثاني عام 1839، اعتلى ابنها عبد المجيد الأول العرش. استمرت بزمي عالم سلطان في لعب دور هام في الحياة السياسية للدولة العثمانية خلال فترة حكم ابنها. كانت تعتبر مستشارة رئيسية له، وكانت تؤثر في قراراته وسياساته. يُنسب إليها الفضل في تشجيع ابنها على مواصلة الإصلاحات التي بدأها والده، وتبني المزيد من الأفكار الحديثة.
وفاتها
توفيت بزمي عالم سلطان في الثاني من مايو عام 1853 في إسطنبول، عن عمر يناهز 46 عامًا. دُفنت في ضريح خاص في جامع والده سلطان الذي بنته. حظيت بجنازة مهيبة حضرها كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الدين والشخصيات البارزة في المجتمع. تركت وراءها إرثًا كبيرًا من الأعمال الخيرية والإصلاحات التي ساهمت في تطوير الدولة العثمانية.
إرثها
تعتبر بزمي عالم سلطان شخصية بارزة في التاريخ العثماني. يُذكرها الناس بأعمالها الخيرية الواسعة النطاق، ومساهماتها في تطوير البنية التحتية في إسطنبول، وتأثيرها السياسي والثقافي في فترة حكمها. تعتبر مستشفى والده سلطان وجامع والده سلطان من أبرز المعالم التي تحمل اسمها، وتخلد ذكراها حتى اليوم.
خاتمة
بزمي عالم سلطان، زوجة السلطان محمود الثاني ووالدة السلطان عبد المجيد الأول، كانت شخصية مؤثرة في تاريخ الدولة العثمانية. من خلال دعمها للإصلاحات وأعمالها الخيرية، تركت بصمة واضحة على المجتمع. لا تزال ذكراها حية من خلال المؤسسات التي أسستها وإرثها الذي ألهم الكثيرين.