التكوين الجيولوجي
تتألف مجموعة بوفورت من تسلسل سميك من الصخور الرسوبية، بشكل أساسي من الحجر الطيني (Mudstone) والحجر الرملي (Sandstone) والحجر الغريني (Siltstone)، بالإضافة إلى بعض تداخلات الحجر الجيري والكونغلوميرات. تترسب هذه الصخور في بيئات متنوعة تتراوح بين السهول الفيضية الواسعة وأنظمة الأنهار المتعرجة والبحيرات الضحلة. يعكس هذا التنوع البيئي التغيرات المناخية والجيولوجية التي شهدتها المنطقة خلال العصرين البرمي والترياسي.
تتشكل الصخور الطينية من تراكم الطين والرواسب الدقيقة في المياه الهادئة للسهول الفيضية والبحيرات. أما الأحجار الرملية، فتتشكل من تراكم الرمال في قنوات الأنهار وضفافها. وتعكس الأحجار الغرينية ظروفًا انتقالية بين البيئتين. وتوفر هذه التكوينات الرسوبية معلومات قيمة حول الظروف البيئية القديمة وأنظمة التصريف المائي التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
تعتبر الدورة الرسوبية في مجموعة بوفورت دورة متكررة، حيث تتناوب طبقات الحجر الطيني والحجر الرملي والحجر الغريني بشكل منتظم. يعكس هذا التناوب دورات الفيضانات والجفاف، والتغيرات في مستوى سطح البحر، والتغيرات في المناخ. وتعتبر دراسة هذه الدورات الرسوبية أداة هامة لفهم التغيرات البيئية التي حدثت خلال العصرين البرمي والترياسي.
التقسيمات الفرعية لمجموعة بوفورت
تنقسم مجموعة بوفورت إلى عدة وحدات صخرية فرعية، تعرف بالتكوينات (Formations)، والتي تتميز بخصائص صخرية وحفرية محددة. من أهم هذه التكوينات:
- مجموعة أديليد (Adelaide Subgroup): وهي الوحدة السفلى من مجموعة بوفورت، وتتكون من تكوينات صخرية تعود إلى العصر البرمي المتأخر. تتميز هذه المجموعة بوفرة أحافير ثيرابسيدات (Therapsids)، وهي مجموعة من الزواحف الثديية الشكل التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
- مجموعة بوفورت العليا: تشمل هذه المجموعة التكوينات الصخرية التي تعود إلى العصر الترياسي المبكر. تتميز هذه المجموعة بتنوع أكبر في الأحافير، بما في ذلك الثيرابسيدات والبرمائيات والزواحف المبكرة.
- تكوين تاركا (Tarkastad Formation): يقع ضمن مجموعة أديليد، ويشتهر بوفرة أحافير الديسينودونتات (Dicynodonts)، وهي مجموعة من الثيرابسيدات العاشبة ذات الأنياب البارزة.
- تكوين سينيماني (Cynemani Formation): يقع ضمن مجموعة بوفورت العليا، ويشتهر بأحافير السينودونتات (Cynodonts)، وهي مجموعة من الثيرابسيدات التي تعتبر أسلاف الثدييات الحديثة.
الأهمية الأحفورية
تعتبر مجموعة بوفورت من أغنى المناطق الأحفورية في العالم، حيث تحتوي على مجموعة واسعة من أحافير الفقاريات التي تعود إلى العصرين البرمي والترياسي. توفر هذه الأحافير معلومات قيمة حول تطور الفقاريات، والتغيرات البيئية التي حدثت خلال هذه الفترة الزمنية الهامة، وعملية الانقراض الجماعي التي حدثت في نهاية العصر البرمي.
تشمل الأحافير الموجودة في مجموعة بوفورت مجموعة متنوعة من الحيوانات، بما في ذلك:
- ثيرابسيدات (Therapsids): وهي المجموعة الأكثر شيوعًا في مجموعة بوفورت، وتشمل مجموعة واسعة من الحيوانات العاشبة واللاحمة. تعتبر الثيرابسيدات مهمة لأنها تمثل خطًا تطوريًا رئيسيًا أدى إلى ظهور الثدييات.
- برمائيات (Amphibians): توجد أيضًا أحافير للبرمائيات في مجموعة بوفورت، وتشمل مجموعة متنوعة من الحيوانات المائية وشبه المائية.
- زواحف (Reptiles): توجد أحافير للزواحف المبكرة في مجموعة بوفورت، وتشمل مجموعة متنوعة من الحيوانات البرية والمائية.
- أسماك (Fish): توجد أيضًا أحافير للأسماك في مجموعة بوفورت، وتشمل مجموعة متنوعة من الأسماك العظمية والغضروفية.
- لافقاريات (Invertebrates): توجد أيضًا أحافير لبعض اللافقاريات في مجموعة بوفورت، ولكنها أقل شيوعًا من أحافير الفقاريات.
تعتبر أحافير الثيرابسيدات من أهم الاكتشافات في مجموعة بوفورت. تشمل هذه المجموعة حيوانات مثل الديسينودونتات، وهي حيوانات عاشبة ضخمة ذات أنياب بارزة، والسينودونتات، وهي حيوانات لاحمة صغيرة تعتبر أسلاف الثدييات الحديثة. توفر أحافير الثيرابسيدات معلومات قيمة حول تطور الثدييات، بما في ذلك تطور الفك والأسنان، وتطور الجهاز العصبي، وتطور التنظيم الحراري.
بالإضافة إلى ذلك، توفر أحافير مجموعة بوفورت معلومات قيمة حول الانقراض الجماعي الذي حدث في نهاية العصر البرمي، وهو أكبر حدث انقراض في تاريخ الأرض. أدى هذا الانقراض إلى انقراض حوالي 96% من الأنواع البحرية و70% من الأنواع البرية. تساعد دراسة الأحافير الموجودة في مجموعة بوفورت العلماء على فهم أسباب هذا الانقراض وتأثيراته على الحياة على الأرض.
الظروف البيئية القديمة
تشير الدراسات الجيولوجية والأحفورية إلى أن منطقة مجموعة بوفورت كانت تتميز بمناخ دافئ ورطب خلال العصرين البرمي والترياسي. كانت المنطقة عبارة عن سهل فيضي واسع تتخلله أنهار متعرجة وبحيرات ضحلة. كانت النباتات تتكون بشكل أساسي من السرخسيات والأشجار الصنوبرية المبكرة.
كانت الحيوانات العاشبة، مثل الديسينودونتات، هي المهيمنة على النظام البيئي. كانت هذه الحيوانات الضخمة تتغذى على النباتات الوفيرة في السهول الفيضية. كانت الحيوانات اللاحمة، مثل الجورجونوبسيدات (Gorgonopsids)، تتغذى على الحيوانات العاشبة. كانت البرمائيات والزواحف المبكرة شائعة أيضًا في المنطقة.
حدثت تغيرات مناخية كبيرة خلال العصرين البرمي والترياسي، بما في ذلك فترات من الجفاف الشديد. أدت هذه التغيرات المناخية إلى تغيرات في النظم البيئية، مما أثر على توزيع الحيوانات والنباتات. لعبت هذه التغيرات المناخية أيضًا دورًا في الانقراض الجماعي الذي حدث في نهاية العصر البرمي.
الأهمية الاقتصادية
بالإضافة إلى أهميتها العلمية، تعتبر مجموعة بوفورت ذات أهمية اقتصادية أيضًا. تحتوي بعض التكوينات الصخرية في مجموعة بوفورت على رواسب من اليورانيوم. يتم استخراج اليورانيوم من هذه الرواسب لاستخدامه في إنتاج الطاقة النووية.
تعتبر الأحجار الرملية في مجموعة بوفورت أيضًا مادة بناء قيمة. يتم استخدام هذه الأحجار في بناء المنازل والمباني الأخرى.
خاتمة
تعتبر مجموعة بوفورت نافذة هامة على تاريخ الحياة على الأرض. توفر هذه المجموعة معلومات قيمة حول تطور الفقاريات، والتغيرات البيئية التي حدثت خلال العصرين البرمي والترياسي، والانقراض الجماعي الذي حدث في نهاية العصر البرمي. تعتبر دراسة مجموعة بوفورت ضرورية لفهم تاريخ الحياة وتطورها، وللتنبؤ بالتغيرات البيئية المستقبلية.