حياته المبكرة وتعليمه
ولد تشارلز جيننز عام 1700، وهو الابن الأكبر لـ همفري جيننز (توفي عام 1703) وزوجته ماري، ابنة جورج سمولبروك من برمنغهام. كانت عائلة جيننز ثرية، بفضل نجاحات الأجداد في صناعة الحديد. تلقى تعليمه في كلية باليول بأكسفورد، لكنه لم يحصل على شهادة. كان جيننز من غير المحلفين، مما يعني أنه رفض القسم بالولاء للعاهل البريطاني، بسبب معتقداته اليعقوبية (Jacobitism). أدى هذا الرفض إلى استبعاده من المناصب العامة، لكنه لم يمنعه من متابعة اهتماماته الفنية والأدبية.
رعاية الفنون وعلاقته بهاندل
اشتهر تشارلز جيننز برعايته للفنون، وخاصة الموسيقى. كان صديقًا مقربًا للملحن جورج فريدريك هاندل، ولعب دورًا حاسمًا في مسيرة هاندل المهنية. قدم جيننز لهاندل العديد من النصوص الليبرالية للأعمال الأوراتورية، بما في ذلك أشهرها “المسيح” (Messiah).
تعاون جيننز وهاندل في العديد من الأعمال الأخرى، مثل “شاول” (Saul)، و”إسرائيل في مصر” (Israel in Egypt)، و”بيلشاصر” (Belshazzar). لم يكن جيننز مجرد مزود للنصوص، بل كان أيضًا مستشارًا أدبيًا لهاندل، حيث قدم له ملاحظات واقتراحات حول الموسيقى. كان جيننز يتمتع بذوق رفيع في الأدب والموسيقى، وكان له تأثير كبير على الأسلوب الفني لهاندل.
“المسيح” (Messiah)
تعتبر أوراتوريو “المسيح” أشهر أعمال هاندل، ويعود الفضل الكبير في نجاحها إلى النص الذي كتبه تشارلز جيننز. قام جيننز بتجميع النص من الكتاب المقدس، واختار بعناية المقاطع التي تصور حياة يسوع المسيح، من النبوءات عن مجيئه إلى قيامته وصعوده. يتميز النص بالبلاغة والجمال، ويعكس فهم جيننز العميق للكتاب المقدس.
كانت العلاقة بين جيننز وهاندل معقدة في بعض الأحيان، حيث كان جيننز ينتقد هاندل أحيانًا بسبب التغييرات التي كان يجريها على نصوصه. ومع ذلك، ظل الاثنان صديقين مقربين، واستمر تعاونهما لسنوات عديدة. لا شك أن مساهمة جيننز في “المسيح” كانت حاسمة في جعله تحفة فنية خالدة.
إسهاماته الأخرى في الموسيقى
بالإضافة إلى تعاونه مع هاندل، كان جيننز راعيًا للعديد من الموسيقيين والفنانين الآخرين. كان يمتلك مكتبة واسعة من الكتب والموسيقى، وكان يستضيف بانتظام حفلات موسيقية في منزله. كان جيننز شخصية مؤثرة في الحياة الثقافية في إنجلترا في القرن الثامن عشر، وساهم في تعزيز الفنون والموسيقى.
كما كان جيننز من أوائل المدافعين عن موسيقى هنري بورسيل، وقام بجمع ونشر العديد من أعماله. كان يعتقد أن موسيقى بورسيل كانت من أعظم الإنجازات الفنية في إنجلترا، وعمل على ضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة.
شخصيته وآراؤه
كان تشارلز جيننز شخصية مثيرة للجدل في عصره. كان معروفًا بآرائه القوية وشخصيته المستقلة. كان لديه آراء محافظة حول السياسة والدين، وكان ينتقد بشدة التغيرات التي كانت تحدث في المجتمع الإنجليزي. ومع ذلك، كان أيضًا رجلًا يتمتع بالكثير من الكرم واللطف، وكان محبوبًا من قبل العديد من أصدقائه ومعارفه.
كان جيننز يعتقد أن الفن يجب أن يكون ذا قيمة أخلاقية وروحية، وأنه يجب أن يلهم الناس لعيش حياة أفضل. كان ينتقد الأعمال الفنية التي اعتبرها مبتذلة أو تافهة، وكان يؤمن بأن الفن يجب أن يكون هادفًا وذا مغزى.
ميراثه
توفي تشارلز جيننز في 20 نوفمبر 1773، وترك وراءه إرثًا كبيرًا كراعٍ للفنون وكمساهم في الموسيقى. لا تزال أعماله، وخاصة “المسيح”، تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم، وتُعرض في جميع أنحاء العالم. يُذكر جيننز كشخصية مهمة في تاريخ الموسيقى الإنجليزية، وكواحد من أعظم رعاة الفنون في عصره.
تعتبر مكتبته الضخمة، التي تحتوي على العديد من المخطوطات النادرة والمطبوعات المبكرة، مصدرًا قيمًا للعلماء والباحثين. يتم الاحتفاظ بمجموعته الآن في مكتبة جون ريلاندز بجامعة مانشستر.
خاتمة
كان تشارلز جيننز شخصية بارزة في القرن الثامن عشر، اشتهر برعايته للفنون ودوره في إنشاء تحفة “المسيح” لهاندل. بصفته صديقًا ومستشارًا أدبيًا لهاندل، لعب جيننز دورًا حاسمًا في تشكيل الأسلوب الفني للملحن. بالإضافة إلى ذلك، كان جيننز راعيًا للعديد من الموسيقيين والفنانين الآخرين، وساهم في الحياة الثقافية في إنجلترا. على الرغم من آرائه المحافظة، كان جيننز شخصية محبوبة ومحترمة، ولا يزال إرثه حيًا حتى اليوم.