<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد يوجين هيلجارد في تسفايبروكن، وهي بلدة صغيرة في مملكة بافاريا (ألمانيا حاليًا). كان والده، تيودور إيراسموس هيلجارد، محاميًا وقاضيًا يتمتع بآراء تقدمية، بينما كانت والدته، إليزابيث فون فيملفن، امرأة متعلمة ومثقفة. تلقى يوجين تعليمه الأولي في المنزل من قبل والديه، اللذين غرسوا فيه حب المعرفة والتعلم. أظهر اهتمامًا مبكرًا بالعلوم الطبيعية، وخاصة الكيمياء والجيولوجيا.
في عام 1848، هاجرت عائلة هيلجارد إلى الولايات المتحدة واستقرت في بيلفيل، إلينوي. التحق يوجين بجامعة إلينوي في شامبين-أوربانا، حيث درس الكيمياء والجيولوجيا وعلم النبات. بعد تخرجه في عام 1853، عاد إلى ألمانيا لمواصلة دراسته في جامعة هايدلبرغ، حيث حصل على درجة الدكتوراه في عام 1855. أشرف روبرت بنسن، عالم الكيمياء الشهير، على أطروحته.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، عاد هيلجارد إلى الولايات المتحدة وانضم إلى هيئة المسح الجيولوجي في ولاية ميسيسيبي في عام 1857. كانت هذه بداية مسيرة مهنية طويلة ومتميزة في مجال علوم التربة. خلال فترة عمله في ميسيسيبي، قام بدراسة شاملة لتربة الولاية، مع التركيز بشكل خاص على التربة المستخدمة في زراعة القطن. أدت أبحاثه إلى تطوير فهم أفضل للعلاقة بين نوع التربة وإنتاجية المحاصيل، وساعدت المزارعين على تحسين ممارساتهم الزراعية.
في عام 1875، تم تعيين هيلجارد أستاذًا للكيمياء الزراعية وعلم النبات في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. شغل هذا المنصب حتى تقاعده في عام 1904. خلال فترة عمله في جامعة كاليفورنيا، أسس هيلجارد برنامجًا بحثيًا وتعليميًا رائدًا في مجال علوم التربة. قام بتدريب جيل من علماء التربة الذين لعبوا دورًا مهمًا في تطوير الزراعة في كاليفورنيا والولايات المتحدة بأكملها.
بالإضافة إلى عمله في جامعة كاليفورنيا، قدم هيلجارد أيضًا خدمات استشارية للحكومة الفيدرالية والعديد من الحكومات الولائية. كان خبيرًا مطلوبًا في قضايا التربة والمياه، وقدم المشورة بشأن مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالزراعة وإدارة الموارد.
إسهاماته في علوم التربة
قدم يوجين هيلجارد العديد من الإسهامات الهامة في مجال علوم التربة، بما في ذلك:
- تطوير الأسس العلمية لمسح التربة وتصنيفها: أدرك هيلجارد أهمية فهم الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة من أجل إدارة الأراضي بشكل فعال. طور نظامًا لتصنيف التربة يعتمد على خصائصها الجوهرية، مثل الملمس واللون والمحتوى العضوي. كان هذا النظام أساسًا لأنظمة تصنيف التربة الحديثة المستخدمة اليوم.
- دراسة العلاقة بين التربة والمناخ والنباتات: كان هيلجارد مهتمًا بفهم كيفية تأثير المناخ والغطاء النباتي على تكوين التربة وخصائصها. أجرى أبحاثًا مكثفة حول تأثيرات الأمطار ودرجة الحرارة على تحلل المعادن العضوية وتكوين الدبال. كما درس العلاقة بين أنواع التربة وتوزيع الأنواع النباتية المختلفة.
- تطوير أساليب لتحسين خصوبة التربة: سعى هيلجارد إلى إيجاد طرق لتحسين خصوبة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل. أوصى باستخدام الأسمدة العضوية والمعدنية، وكذلك بتقنيات الحراثة المناسبة. كما دعا إلى استخدام الري والصرف لتحسين خصائص التربة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.
- الدعوة إلى الحفاظ على التربة: كان هيلجارد مدافعًا قويًا عن الحفاظ على التربة. حذر من مخاطر تآكل التربة والإفراط في استغلال الأراضي، ودعا إلى تبني ممارسات زراعية مستدامة تحمي التربة وتحافظ عليها للأجيال القادمة.
أهم أعماله
نشر هيلجارد العديد من الكتب والمقالات العلمية خلال مسيرته المهنية. من بين أهم أعماله:
- “تقرير عن العلاقة العامة بين التربة والزراعة في جنوب الولايات المتحدة” (1880): يعتبر هذا الكتاب عملاً كلاسيكيًا في مجال علوم التربة، ويقدم وصفًا شاملاً لتربة الجنوب وتأثيرها على الزراعة.
- “التربة: تكوينها وخصائصها وعلاقاتها بالمناخ والنباتات” (1906): هذا الكتاب هو عمل شامل آخر يغطي جميع جوانب علوم التربة. كان له تأثير كبير على تطوير هذا المجال في أوائل القرن العشرين.
تكريمه
حصل يوجين هيلجارد على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لإسهاماته في علوم التربة. تم انتخابه عضوًا في الأكاديمية الوطنية للعلوم في عام 1872، وحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة ميشيغان في عام 1903. سميت العديد من المباني والمختبرات والمواقع الجغرافية باسمه تكريما له.
إرثه
يعتبر يوجين هيلجارد أحد رواد علم التربة الحديث. ساهمت أبحاثه وتعليمه وكتاباته في تطوير فهمنا للتربة وأهميتها للزراعة والبيئة. لا تزال أعماله ذات صلة اليوم، وتستمر في إلهام علماء التربة والمزارعين وصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم.
حياته الشخصية
تزوج هيلجارد من جوهانا سيزارا بوهي، وأنجبا ستة أطفال. كان رجلاً مثقفًا وواسع المعرفة، وكان يتحدث بطلاقة عدة لغات. استمتع بقراءة الأدب والموسيقى، وكان مهتمًا بالتاريخ والفلسفة.
خاتمة
يوجين دبليو. هيلجارد، عالم رائد في مجال علوم التربة، ترك إرثًا دائمًا من خلال أبحاثه وتعليمه وجهوده في الحفاظ على التربة. ساهم بشكل كبير في فهمنا للعلاقة بين التربة والمناخ والنباتات، ووضع الأسس العلمية لمسح التربة وتصنيفها. تظل أعماله مصدر إلهام لعلماء التربة والمزارعين في جميع أنحاء العالم، ويظل اسمه مرادفًا للتميز في هذا المجال.