مقدمة
أُجريت انتخابات برلمانية في الفلبين في 7 أبريل 1978 لانتخاب 165 ممثلاً إقليمياً إلى المجلس الوطني المؤقت ( interim Batasang Pambansa). كانت هذه الانتخابات هي الأولى منذ إعلان الأحكام العرفية في عام 1972. وقد تميزت بسيطرة حزب الرئيس فرديناند ماركوس، حركة المجتمع الجديد (Kilusang Bagong Lipunan أو KBL)، على الحملة الانتخابية والنتائج.
خلفية الأحداث
في عام 1972، أعلن الرئيس فرديناند ماركوس الأحكام العرفية، مستندًا إلى تهديدات الشيوعيين والمتمردين الانفصاليين. تم حل الكونغرس الفلبيني، وتم اعتقال العديد من الشخصيات المعارضة، بمن فيهم أعضاء مجلس الشيوخ والنواب. تم تبرير الأحكام العرفية على أنها ضرورية للحفاظ على السلام والنظام، ولكنها سمحت لماركوس أيضًا بتعزيز سلطته.
في عام 1976، أجرى ماركوس استفتاءً لسؤال الشعب عما إذا كانوا يريدون الاستمرار في الأحكام العرفية. أظهرت النتائج الرسمية تأييدًا ساحقًا للأحكام العرفية، على الرغم من الادعاءات واسعة النطاق بالتزوير والتخويف. بعد ذلك، دعا ماركوس إلى انتخابات للمجلس الوطني المؤقت، وهو هيئة تشريعية مؤقتة ستحل محل الكونغرس القديم.
العملية الانتخابية
تم تقسيم الفلبين إلى مناطق انتخابية، حيث يتم تمثيل كل منطقة بعدد معين من المقاعد في المجلس الوطني المؤقت. تم استخدام نظام التصويت الكتلي على مستوى المنطقة، حيث يمكن للناخبين التصويت لعدد من المرشحين يساوي عدد المقاعد المتاحة في منطقتهم. كان يُنظر إلى هذا النظام على أنه يفضل حزب KBL الحاكم، حيث يمكنه حشد الدعم لجميع مرشحيه في كل منطقة.
سمحت الانتخابات بمشاركة أحزاب سياسية أخرى غير حزب KBL، ولكن واجهت هذه الأحزاب صعوبات كبيرة في التنافس مع الحزب الحاكم. سيطر حزب KBL على وسائل الإعلام، وكان لديه موارد مالية أكبر بكثير، واستخدم سلطة الحكومة لصالحه.
الحملة الانتخابية
تميزت الحملة الانتخابية لعام 1978 بهيمنة حزب KBL. استخدم الحزب جميع الموارد المتاحة له، بما في ذلك وسائل الإعلام الحكومية والشبكات الإعلانية الواسعة، لترويج مرشحيه. غالبًا ما تم تصوير ماركوس على أنه المنقذ والقائد القوي الذي يمكنه توحيد البلاد وتحديثها.
واجهت أحزاب المعارضة صعوبات كبيرة في الوصول إلى الناخبين. غالبًا ما تم منعهم من عقد التجمعات، وتعرض أعضاؤهم للمضايقات والاعتقالات. على الرغم من هذه الصعوبات، تمكنت بعض أحزاب المعارضة من تنظيم حملات نشطة، وخاصة في منطقة العاصمة مانيلا.
النتائج والجدل
أظهرت النتائج الرسمية فوزًا ساحقًا لحزب KBL، الذي فاز بـ 151 مقعدًا من أصل 165 مقعدًا. فازت أحزاب المعارضة بـ 14 مقعدًا فقط، معظمها في منطقة العاصمة مانيلا. كان أبرز مرشحي المعارضة هو بينينو “نينوي” أكينو جونيور، الذي كان مسجونًا في ذلك الوقت. ترشح أكينو من السجن وفاز بمقعد في منطقة العاصمة مانيلا، على الرغم من أنه لم يُسمح له بأداء اليمين.
أثارت نتائج الانتخابات جدلاً واسع النطاق. اتهمت أحزاب المعارضة حزب KBL بالتزوير والتخويف. تم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المتعلقة بسرقة صناديق الاقتراع وحشوها، بالإضافة إلى ترهيب الناخبين. رفضت الحكومة هذه الادعاءات، وأصرت على أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة.
على الرغم من الادعاءات بالتزوير، تم إعلان نتائج الانتخابات رسمياً، وتولى أعضاء المجلس الوطني المؤقت المنتخبون مناصبهم. كان المجلس الوطني المؤقت هيئة تشريعية ضعيفة نسبيًا، حيث احتفظ ماركوس بالسلطة النهائية في اتخاذ القرار.
تأثير الانتخابات
كانت انتخابات عام 1978 بمثابة أداة في يد ماركوس لتعزيز سلطته وإضفاء الشرعية على حكمه. على الرغم من أنها كانت تهدف إلى إظهار أن الفلبين كانت تتحرك نحو الديمقراطية، إلا أنها كانت في الواقع وسيلة لإبقاء ماركوس في السلطة.
ومع ذلك، كان للانتخابات أيضًا بعض العواقب غير المقصودة. سمحت لأحزاب المعارضة بتنظيم وتعبئة الدعم، وكشفت عن مدى الاستياء من نظام ماركوس. كانت الحملة الانتخابية لأكينو من السجن بمثابة مصدر إلهام للكثيرين، وساعدت في إبقاء قضية الديمقراطية حية.
في السنوات التي تلت انتخابات عام 1978، استمرت المعارضة لنظام ماركوس في النمو. في عام 1983، اغتيل أكينو عند عودته إلى الفلبين، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق. في عام 1986، أُطيح بماركوس في ثورة شعبية، واستعيدت الديمقراطية في الفلبين.
دور وسائل الإعلام
لعبت وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في انتخابات عام 1978. سيطر حزب KBL على معظم وسائل الإعلام الرئيسية، بما في ذلك الصحف والإذاعة والتلفزيون. تم استخدام هذه الوسائل لترويج مرشحي الحزب الحاكم وتشويه سمعة المعارضة.
ومع ذلك، تمكنت بعض وسائل الإعلام المستقلة من لعب دور في كشف الحقائق وفضح التجاوزات. غالبًا ما واجهت هذه الوسائل المضايقات والرقابة، لكنها استمرت في تقديم معلومات بديلة للجمهور.
الشخصيات الرئيسية
- فرديناند ماركوس: رئيس الفلبين في ذلك الوقت، وقائد حزب KBL الحاكم.
- إيميلدا ماركوس: زوجة فرديناند ماركوس، وشخصية قوية في حد ذاتها.
- بينينو “نينوي” أكينو جونيور: زعيم معارض مسجون، ترشح للانتخابات من السجن.
الدروس المستفادة
تعتبر انتخابات عام 1978 بمثابة تذكير بأهمية الديمقراطية والانتخابات الحرة والنزيهة. كما أنها تظهر كيف يمكن استخدام السلطة لإفساد العملية الانتخابية وقمع المعارضة. من الضروري أن يكون هناك رقابة مستقلة على الانتخابات، وأن تكون وسائل الإعلام حرة في الإبلاغ عن الحقائق دون خوف من الانتقام.
خاتمة
كانت انتخابات برلمان الفلبين عام 1978 حدثًا مهمًا في تاريخ الفلبين. كانت بمثابة محاولة من قبل الرئيس ماركوس لتعزيز سلطته وإضفاء الشرعية على حكمه. على الرغم من أن الانتخابات كانت معيبة بسبب التزوير والتخويف، إلا أنها ساعدت أيضًا في إبقاء قضية الديمقراطية حية وألهمت الكثيرين لمواصلة النضال من أجل الحرية.