مقدمة
إس إم إس زيدلر (بالألمانية: SMS Seeadler، وتعني “نسر البحر”) كانت سفينة شراعية فولاذية ثلاثية الصواري تابعة للبحرية الإمبراطورية الألمانية. تم بناؤها في الأصل كسفينة تجارية، وتم تحويلها لاحقًا إلى سفينة حربية مساعدة خلال الحرب العالمية الأولى. اشتهرت زيدلر بكونها واحدة من آخر السفن الشراعية القتالية.
الخلفية والتصميم
تم بناء السفينة في الأصل باسم “باسيلاك” (Passat) عام 1888 في حوض بناء السفن ريكمرز في بريمرهافن، ألمانيا. كانت سفينة تجارية مصممة لنقل البضائع حول العالم. تميزت بتصميم قوي وهيكل فولاذي جعلها قادرة على تحمل الظروف الجوية القاسية في البحار المفتوحة. كانت الصواري الثلاثة تحمل أشرعة كبيرة تتيح لها الإبحار بسرعات جيدة في ظل ظروف الرياح المناسبة. في عام 1916، وخلال الحرب العالمية الأولى، استحوذت عليها البحرية الألمانية وحولتها إلى سفينة حربية مساعدة.
التحويل إلى سفينة حربية مساعدة
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، واجهت ألمانيا حصارًا بحريًا من قبل قوات الحلفاء، مما أدى إلى نقص حاد في السفن الحربية. قررت البحرية الألمانية تحويل بعض السفن التجارية إلى سفن حربية مساعدة لتعزيز قدراتها. تم تجهيز زيدلر بمدفعين مخفيين عيار 105 ملم ورشاشات، وتم تغيير اسمها إلى إس إم إس زيدلر. كان الهدف من هذا التحويل هو استخدامها كطارد تجاري، وهو نوع من السفن الحربية المتخفية التي تهدف إلى مهاجمة السفن التجارية التابعة للعدو.
القيادة والطاقم
تم تعيين الكابتن فيليكس فون لوكنر لقيادة إس إم إس زيدلر. كان فون لوكنر ضابطًا بحريًا ألمانيًا يتمتع بشخصية مغامرة ومهارات قيادية عالية. جمع فون لوكنر طاقمًا من البحارة المتطوعين ذوي الخبرة في الإبحار والقتال. تم تدريب الطاقم على استخدام الأسلحة الجديدة وصيانة السفينة الشراعية. تميزت القيادة تحت فون لوكنر بالانضباط والروح المعنوية العالية.
رحلة زيدلر
في ديسمبر 1916، انطلقت إس إم إس زيدلر في رحلتها الشهيرة. تمكنت السفينة من اختراق الحصار البحري للحلفاء والتجول في المحيط الأطلسي. تظاهرت زيدلر بأنها سفينة محايدة لتجنب اكتشافها من قبل السفن الحربية التابعة للحلفاء. استخدم فون لوكنر مهاراته في الخداع والتنكر للوصول إلى مناطق الشحن التابعة للعدو.
غرق السفن التجارية
خلال رحلتها، تمكنت إس إم إس زيدلر من أسر وإغراق عدد من السفن التجارية التابعة للحلفاء. استخدم فون لوكنر تكتيكًا فريدًا، حيث كان يقترب من السفن التجارية ويرفع العلم الألماني في اللحظة الأخيرة قبل الهجوم. تجنب فون لوكنر قتل أي من أفراد طاقم السفن التي تم أسرها، وعاملهم بإنسانية. كان ينقلهم إلى سفنه ويؤمن لهم الغذاء والمأوى حتى يتمكن من إنزالهم في أقرب ميناء.
الأسر والهروب
في أغسطس 1917، رست إس إم إس زيدلر في جزيرة موبيليا في المحيط الهادئ لإجراء بعض الإصلاحات. بينما كان الطاقم يعمل على إصلاح السفينة، ضرب إعصار الجزيرة ودمر زيدلر. تقطعت السبل بفون لوكنر وطاقمه على الجزيرة. قام فون لوكنر ببناء قارب صغير مع بعض أفراد طاقمه وانطلقوا في رحلة بحرية إلى جزيرة فيجي على أمل الاستيلاء على سفينة أخرى. تم القبض عليهم من قبل السلطات البريطانية في فيجي ونقلوا إلى معسكر أسرى الحرب في نيوزيلندا.
الهروب الثاني
لم يستسلم فون لوكنر للأسر، فقام بالتخطيط لعملية هروب جريئة من معسكر أسرى الحرب. تمكن فون لوكنر وعدد من الأسرى الألمان من الاستيلاء على قارب صغير والإبحار به إلى جزر كيرماديك. ثم استولوا على سفينة شراعية أخرى وأبحروا بها إلى أمريكا الجنوبية. تم القبض عليهم مرة أخرى في جزيرة إيستر ونقلوا إلى تشيلي، حيث تم احتجازهم حتى نهاية الحرب.
تأثير إس إم إس زيدلر
على الرغم من أن إس إم إس زيدلر لم تكن سفينة حربية كبيرة أو قوية، إلا أنها أحدثت تأثيرًا كبيرًا خلال الحرب العالمية الأولى. أثارت قصة فون لوكنر وزيدلر إعجاب العالم، وأصبح فون لوكنر بطلاً قوميًا في ألمانيا. أظهرت زيدلر أن السفن الشراعية لا تزال قادرة على لعب دور في الحرب البحرية، حتى في عصر السفن البخارية والمدمرات.
الإرث
تُعتبر إس إم إس زيدلر رمزًا للمغامرة والجرأة والابتكار في الحرب البحرية. تم تخليد قصة زيدلر في الكتب والأفلام والوثائقيات. لا تزال ذكرى فون لوكنر وزيدلر حية حتى اليوم، وتلهم الناس حول العالم.
تفاصيل تقنية
- نوع السفينة: سفينة شراعية فولاذية ثلاثية الصواري
- سنة الإطلاق: 1888 (باسم باسيلاك)
- التحويل إلى سفينة حربية مساعدة: 1916
- التسليح: مدفعين عيار 105 ملم، رشاشات
- الطاقم: حوالي 64 بحارًا وضابطًا
الكابتن فيليكس فون لوكنر
كان الكابتن فيليكس فون لوكنر شخصية بارزة في البحرية الألمانية خلال الحرب العالمية الأولى. اشتهر بمهاراته القيادية وشخصيته المغامرة. تمكن فون لوكنر من تحقيق نجاح كبير في قيادة إس إم إس زيدلر، على الرغم من محدودية موارد السفينة. أظهر فون لوكنر شجاعة كبيرة وإنسانية في تعامله مع أسرى الحرب. بعد الحرب، أصبح فون لوكنر كاتبًا ومتحدثًا مشهورًا، وشارك قصص مغامراته مع الجمهور.
خاتمة
كانت إس إم إس زيدلر سفينة شراعية فريدة من نوعها لعبت دورًا مهمًا في الحرب العالمية الأولى. تميزت السفينة بقيادة الكابتن فيليكس فون لوكنر وطاقمه الشجاع. على الرغم من أن زيدلر كانت سفينة صغيرة نسبيًا، إلا أنها تمكنت من تحقيق نجاح كبير في إغراق السفن التجارية التابعة للحلفاء. تُعتبر قصة زيدلر رمزًا للمغامرة والجرأة والابتكار في الحرب البحرية، ولا تزال تلهم الناس حول العالم حتى اليوم.