نشأته وتعليمه
نشأ فريد فيلدمان في نيوارك، نيو جيرسي، وتلقى تعليمه المبكر هناك. وقد أظهر اهتمامًا مبكرًا بالفلسفة والأخلاق، وهو ما دفعه إلى مواصلة دراسته في هذا المجال. حصل فيلدمان على درجة البكالوريوس من جامعة بنسلفانيا، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة برينستون عام 1966. كان لأساتذته في برينستون، بمن فيهم والتر ستيس وريتشارد براندت، تأثير كبير على تطوره الفكري.
مسيرته الأكاديمية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه، بدأ فيلدمان مسيرته الأكاديمية في التدريس في جامعات مختلفة. انضم إلى قسم الفلسفة في جامعة ماساتشوستس أمهيرست في عام 1969، حيث قضى معظم حياته المهنية. خلال فترة وجوده في جامعة ماساتشوستس أمهيرست، قام بتدريس مجموعة واسعة من الدورات في الفلسفة الأخلاقية والميتا-أخلاقية ونظرية القيمة. وقد أشرف على العديد من طلاب الدراسات العليا الذين أصبحوا فيما بعد باحثين بارزين في مجال الأخلاق.
تميزت مسيرة فيلدمان الأكاديمية بالتفاني في التدريس والبحث. كان يعتبر أستاذاً ملهماً، وقام بتوجيه العديد من الطلاب نحو التفوق في الفلسفة الأخلاقية. كما أنه كان باحثًا نشطًا، ونشر العديد من الكتب والمقالات المؤثرة في المجلات الفلسفية الرائدة.
مساهماته الفلسفية
تشتهر أعمال فريد فيلدمان بمساهماتها الهامة في مجالات الميتا-أخلاقية، والأخلاق المعيارية، ونظرية القيمة. يعتبر من أبرز المدافعين عن مذهب المتعة (Hedonism) في نظرية القيمة، والذي يرى أن المتعة هي الخير الجوهري الوحيد، وأن الألم هو الشر الجوهري الوحيد. دافع فيلدمان عن هذا المذهب في كتابه “Pleasure and the Good Life: Concerning the Nature, Varieties, and Plausibility of Hedonism” (2004).
بالإضافة إلى ذلك، قدم فيلدمان مساهمات كبيرة في مجال الميتا-أخلاقية، وخاصة في ما يتعلق بموضوع النسبية الأخلاقية (Moral Relativism). لقد انتقد النسبية الأخلاقية، وقدم حججًا قوية لصالح الموضوعية الأخلاقية (Moral Objectivism)، والتي ترى أن هناك حقائق أخلاقية موضوعية مستقلة عن الآراء الشخصية أو الثقافية.
في مجال الأخلاق المعيارية، استكشف فيلدمان مجموعة متنوعة من القضايا الأخلاقية، بما في ذلك العدالة، والمساواة، والحقوق. لقد دافع عن وجهات نظر ليبرالية بشأن هذه القضايا، مع التركيز على أهمية الحرية الفردية وحقوق الإنسان.
تشمل بعض أعماله الرئيسية:
- Doing the Best We Can (1986)
- Consequences (1990)
- Utilitarianism, Economics, and Democracy (1993)
- Pleasure and the Good Life: Concerning the Nature, Varieties, and Plausibility of Hedonism (2004)
- What is This Thing Called Metaethics? (2017)
أفكاره الرئيسية
يمكن تلخيص بعض الأفكار الرئيسية التي يطرحها فريد فيلدمان في أعماله الفلسفية على النحو التالي:
- مذهب المتعة (Hedonism): يدافع فيلدمان عن مذهب المتعة باعتباره النظرية الأكثر معقولية حول القيمة الجوهرية. يرى أن المتعة هي الشيء الوحيد الذي له قيمة جوهرية، وأن الألم هو الشيء الوحيد الذي له قيمة سلبية جوهرية.
- الموضوعية الأخلاقية (Moral Objectivism): يعتقد فيلدمان أن هناك حقائق أخلاقية موضوعية مستقلة عن الآراء الشخصية أو الثقافية. يرفض النسبية الأخلاقية، ويدافع عن فكرة أن بعض الأفعال والأحكام الأخلاقية صحيحة موضوعيًا، في حين أن البعض الآخر خاطئ موضوعيًا.
- أهمية الحرية الفردية: يؤكد فيلدمان على أهمية الحرية الفردية وحقوق الإنسان في الأخلاق السياسية. يدافع عن وجهات نظر ليبرالية بشأن العدالة والمساواة، مع التركيز على ضرورة حماية حقوق الأفراد وتمكينهم من اتخاذ خياراتهم الخاصة.
- الواقعية الأخلاقية (Moral Realism): يتفق فيلدمان مع الواقعية الأخلاقية، وهي الاعتقاد بأن الجمل الأخلاقية تعبر عن مقترحات يمكن أن تكون صحيحة أو خاطئة، وأن بعض هذه المقترحات صحيحة موضوعيًا.
- التأثير على الفلسفة الأخلاقية المعاصرة: كان لعمل فيلدمان تأثير كبير على الفلسفة الأخلاقية المعاصرة، وخاصة في مجالات نظرية القيمة والميتا-أخلاقية. لقد ألهم العديد من الفلاسفة الآخرين لاستكشاف هذه القضايا بعمق أكبر.
الجوائز والتكريمات
حصل فريد فيلدمان على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته الأكاديمية، تقديرًا لمساهماته البارزة في الفلسفة. تشمل هذه الجوائز:
- زمالة المؤسسة الوطنية للعلوم الإنسانية (National Endowment for the Humanities Fellowship)
- جائزة جامعة ماساتشوستس أمهيرست للتميز في التدريس (University of Massachusetts Amherst Distinguished Teaching Award)
- انتخابه رئيسًا للجمعية الفلسفية الأمريكية، القسم الشرقي (American Philosophical Association, Eastern Division)
تأثيره على طلابه
كان لفريد فيلدمان تأثير كبير على طلابه، حيث ألهمهم للتفكير النقدي في القضايا الأخلاقية المعقدة. كان أستاذاً ملتزماً بتعليم طلابه وتوجيههم نحو التفوق الأكاديمي. وقد أصبح العديد من طلابه باحثين بارزين في مجال الفلسفة الأخلاقية، ونشروا أعمالًا مؤثرة في هذا المجال.
انتقادات لأعماله
على الرغم من الاعتراف الواسع بأعمال فريد فيلدمان، إلا أنها لم تخل من الانتقادات. يرى بعض النقاد أن دفاعه عن مذهب المتعة مبالغ فيه، وأنه لا يأخذ في الاعتبار القيم الأخرى التي قد تكون مهمة للإنسان، مثل المعرفة، والصداقة، والإبداع. كما أنتقد البعض حججه لصالح الموضوعية الأخلاقية، وزعموا أنها لا تقدم دليلًا كافيًا لإثبات وجود حقائق أخلاقية موضوعية.
أعماله المنشورة
نشر فريد فيلدمان العديد من الكتب والمقالات المؤثرة في المجلات الفلسفية الرائدة. تشمل بعض أعماله المنشورة:
- Doing the Best We Can (1986)
- Consequences (1990)
- Utilitarianism, Economics, and Democracy (1993)
- Pleasure and the Good Life: Concerning the Nature, Varieties, and Plausibility of Hedonism (2004)
- What is This Thing Called Metaethics? (2017)
بالإضافة إلى هذه الكتب، نشر فيلدمان العديد من المقالات في مجلات فلسفية مرموقة مثل “Ethics”، و “Philosophical Studies”، و “The Journal of Philosophy”. تناولت هذه المقالات مجموعة واسعة من القضايا الأخلاقية والميتا-أخلاقية، وساهمت في تطوير الفكر الفلسفي في هذه المجالات.
حياته الشخصية
يعيش فريد فيلدمان حاليًا في ولاية ماساتشوستس مع زوجته. لديه أطفال وأحفاد. يواصل الكتابة والبحث في الفلسفة الأخلاقية حتى بعد تقاعده من التدريس.
خاتمة
فريد فيلدمان هو فيلسوف أمريكي بارز متخصص في النظرية الأخلاقية. لقد قدم مساهمات كبيرة في مجالات الميتا-أخلاقية، والأخلاق المعيارية، ونظرية القيمة. يشتهر بدفاعه عن مذهب المتعة والموضوعية الأخلاقية. كان له تأثير كبير على الفلسفة الأخلاقية المعاصرة، وألهم العديد من الطلاب والباحثين في هذا المجال. على الرغم من بعض الانتقادات الموجهة إليه، إلا أن أعماله لا تزال تعتبر ذات أهمية كبيرة في الفكر الفلسفي المعاصر.