نشأته وحياته المبكرة
ولد رونغفالد كالي كولسون في أوائل القرن الثاني عشر، وهو ابن كول كاليسون وغونيلهيلد، أخت القديس ماغنوس إيرل أوركني. نشأ في النرويج، وتلقى تعليماً جيداً، وأظهر اهتماماً كبيراً بالشعر والموسيقى. كان معروفًا بشخصيته الجذابة وشجاعته، مما جعله شخصية محبوبة بين أقرانه.
كانت أوركني في ذلك الوقت تحت الحكم النرويجي، وكانت تشهد صراعات داخلية على السلطة بين مختلف الفصائل. كان لوالدة رونغفالد، غونيلهيلد، دور كبير في تربيته وتوجيهه، حيث غرست فيه حب العدالة والشجاعة. كما لعبت علاقته بالقديس ماغنوس، خاله، دورًا مهمًا في تشكيل قيمه الدينية والأخلاقية.
المطالبة بإيرل أوركني
بعد وفاة إيرل أوركني، ماغنوس إيرليندسون (القديس ماغنوس)، اندلعت صراعات على السلطة بين ورثته. رأى كالي كولسون، والد رونغفالد، فرصة لابنه ليصبح إيرل أوركني. بدأ كالي في حشد الدعم لابنه، مستغلاً علاقته بـ القديس ماغنوس وشعبية رونغفالد بين النرويجيين.
في البداية، واجه رونغفالد معارضة قوية من بول هاکونسون، الذي كان بالفعل إيرل أوركني. ومع ذلك، تمكن رونغفالد من جمع قوة كبيرة بما يكفي لتحدي سلطة بول. بعد عدة معارك ومفاوضات، تم التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة بين رونغفالد وبول.
ومع ذلك، لم يدم هذا السلام طويلاً. استمر التوتر بين الرجلين، وبلغ ذروته باغتيال بول هاکونسون. أصبح رونغفالد الآن الإيرل الوحيد لأوركني.
فترة حكمه
تميزت فترة حكم رونغفالد بالسلام والازدهار. كان حاكماً عادلاً وحكيماً، واهتم برفاهية شعبه. قام بتحسين البنية التحتية في أوركني، وشجع التجارة والفنون. كما كان راعيًا للفنون والشعر، وشجع الفنانين والشعراء على القدوم إلى أوركني.
أحد أبرز إنجازات رونغفالد هو بناء كاتدرائية سانت ماغنوس في كيركوال. كان هذا المشروع بمثابة تكريم لخاله، القديس ماغنوس، وأصبح رمزًا لأهمية أوركني الدينية والثقافية. استغرق بناء الكاتدرائية سنوات عديدة، وكان مشروعًا مكلفًا، لكن رونغفالد كان مصممًا على إكماله.
خلال فترة حكمه، واجه رونغفالد أيضًا بعض التحديات. كان عليه أن يتعامل مع الغارات المتكررة من الفايكنج، وكذلك مع الصراعات الداخلية بين مختلف العشائر في أوركني. ومع ذلك، تمكن من التغلب على هذه التحديات بفضل حكمته وشجاعته.
الحملة الصليبية
في عام 1151، انضم رونغفالد إلى الحملة الصليبية النرويجية بقيادة سيغورد الثاني ملك النرويج. كانت هذه الحملة تهدف إلى دعم مملكة القدس الصليبية ومحاربة المسلمين. سافر رونغفالد ورجاله إلى الأراضي المقدسة، حيث شاركوا في عدة معارك ضد المسلمين.
خلال الحملة الصليبية، أظهر رونغفالد شجاعة كبيرة وقدرات قيادية. قاد رجاله في عدة انتصارات، واكتسب سمعة طيبة كمحارب قوي. كما زار العديد من الأماكن المقدسة في الأراضي المقدسة، وعزز إيمانه الديني.
بعد انتهاء الحملة الصليبية، عاد رونغفالد إلى أوركني. جلبت له هذه التجربة رؤى جديدة وتأثيرات ثقافية، مما أثر على حكمه وسياساته لاحقًا.
وفاته وتأثيره
توفي رونغفالد كالي كولسون في عام 1158، بعد صراع على السلطة مع أحد أقاربه. تم اغتياله، ودُفن في كاتدرائية سانت ماغنوس في كيركوال. بعد وفاته، تم تكريمه كقديس، وأصبح يُعرف باسم القديس رونالد من أوركني.
كان لرونغفالد كالي كولسون تأثير كبير على تاريخ أوركني والنرويج. كان حاكمًا عادلاً وحكيماً، وقام بتحسين البنية التحتية في أوركني، وشجع التجارة والفنون. كما كان راعيًا للفنون والشعر، وشجع الفنانين والشعراء على القدوم إلى أوركني. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر القديس رونالد رمزًا دينيًا مهمًا في أوركني.
تظل كاتدرائية سانت ماغنوس، التي بناها رونغفالد، معلمًا تاريخيًا وثقافيًا بارزًا في أوركني. وهي بمثابة شهادة على رؤيته وإيمانه، وتستمر في جذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
شعره
كان رونغفالد كالي كولسون شاعرًا موهوبًا، وقد نجا عدد قليل من قصائده حتى يومنا هذا. تتناول قصائده مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك الحب والطبيعة والدين. تتميز قصائده بجمالها وأصالتها، وتعتبر من أهم الأعمال الأدبية في العصر النرويجي القديم.
أحد أشهر قصائد رونغفالد هي قصيدة “رحلة إلى البحر”، التي يصف فيها رحلته إلى الأراضي المقدسة خلال الحملة الصليبية. تتميز هذه القصيدة بصورها الحية ووصفها التفصيلي للمناظر الطبيعية والثقافات التي واجهها رونغفالد خلال رحلته.
تعتبر قصائد رونغفالد مصدرًا قيمًا لفهم حياة وثقافة أوركني في القرن الثاني عشر. إنها تقدم لنا نظرة ثاقبة على أفكار ومشاعر هذا الإيرل الشاعر والمحارب.
إرثه
لا يزال رونغفالد كالي كولسون شخصية محبوبة في أوركني والنرويج. يُذكر بصفته حاكمًا عادلاً وحكيماً، وشاعرًا موهوبًا، وقديسًا تقيًا. يعتبر مثالًا يحتذى به في القيادة والشجاعة والإيمان.
تُقام احتفالات سنوية لإحياء ذكرى القديس رونالد في أوركني، وتجذب هذه الاحتفالات الزوار من جميع أنحاء العالم. كما توجد العديد من المعالم والمواقع في أوركني التي تحمل اسم رونغفالد، بما في ذلك كنيسة القديس رونالد في كيركوال.
إن قصة رونغفالد كالي كولسون هي قصة ملهمة عن رجل استطاع أن يجمع بين القوة والعدالة، والشعر والإيمان. إنه شخصية تاريخية تستحق التذكر والاحتفاء بها.
خاتمة
رونغفالد كالي كولسون، أو القديس رونالد من أوركني، شخصية تاريخية بارزة جمعت بين القيادة، والشعر، والإيمان. حكم أوركني بحكمة وعدل، وقاد حملة صليبية، وبنى كاتدرائية سانت ماغنوس. ترك إرثًا دائمًا كقديس وشاعر وقائد.