أصل التسمية
اسم “آشور” مشتق من اسم عاصمتها القديمة، مدينة آشور، والتي سميت على اسم إلهها الرئيسي، آشور. في النصوص المسمارية، كانت تُكتب عادةً 𒀸𒋗𒁺 (Aš-šur). يشير الاسم أيضًا إلى المنطقة الجغرافية التي حكمتها الإمبراطورية الآشورية.
التاريخ
يمكن تقسيم تاريخ آشور إلى عدة فترات رئيسية:
- الفترة الآشورية القديمة (حوالي 2500 – 2025 قبل الميلاد): في هذه الفترة، كانت آشور دولة مدينة صغيرة تسيطر على منطقة محدودة حول مدينة آشور. كانت التجارة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي، وكانت آشور مركزًا تجاريًا مهمًا يربط بين الأناضول وبلاد الرافدين.
- الفترة الآشورية الوسطى (حوالي 2025 – 911 قبل الميلاد): شهدت هذه الفترة توسعًا تدريجيًا في نفوذ آشور. تمكنت آشور من إخضاع بعض المناطق المجاورة، وأصبحت قوة إقليمية مهمة. من أبرز ملوك هذه الفترة شمشي أدد الأول، وتوكلتي ننورتا الأول.
- الفترة الآشورية الحديثة (911 – 609 قبل الميلاد): تعتبر هذه الفترة العصر الذهبي للإمبراطورية الآشورية. شهدت آشور توسعًا هائلاً، وتمكنت من السيطرة على معظم أنحاء الشرق الأدنى القديم، بما في ذلك بلاد الرافدين والشام ومصر. من أبرز ملوك هذه الفترة آشور ناصربال الثاني، وشلمنصر الثالث، وتغلات بلاصر الثالث، وسرجون الثاني، وسنحاريب، وآشوربانيبال. تميزت هذه الفترة بالقوة العسكرية والتنظيم الإداري الفعال، فضلاً عن الازدهار الثقافي والفني.
الدولة والمجتمع
كانت الإمبراطورية الآشورية دولة مركزية قوية، يحكمها ملك يتمتع بسلطة مطلقة. كان الملك يعتبر ممثل الإله آشور على الأرض، وكان مسؤولاً عن قيادة الجيش وإدارة الدولة وتنفيذ العدالة. كانت الإدارة الآشورية تتميز بالكفاءة والتنظيم، حيث تم تقسيم الإمبراطورية إلى مقاطعات يحكمها حكام يعينهم الملك. كان الجيش الآشوري من أقوى الجيوش في العالم القديم، وكان يعتمد على التنظيم الجيد والتدريب المكثف واستخدام أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية.
كان المجتمع الآشوري مجتمعًا طبقيًا، حيث كان ينقسم إلى عدة طبقات اجتماعية. كان الملك والنبلاء والكهنة يشكلون الطبقة العليا، بينما كان الجنود والتجار والحرفيون يشكلون الطبقة الوسطى، وكان الفلاحون والعبيد يشكلون الطبقة الدنيا. كانت العائلة هي الوحدة الأساسية في المجتمع الآشوري، وكان الأب يتمتع بسلطة كبيرة على أفراد أسرته.
الاقتصاد
اعتمد الاقتصاد الآشوري على الزراعة والتجارة والصناعة. كانت الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي، حيث كان الفلاحون يزرعون الحبوب والخضروات والفواكه. كانت التجارة نشاطًا اقتصاديًا مهمًا أيضًا، حيث كانت آشور تتاجر مع المناطق المجاورة بالمنتجات الزراعية والمصنوعات اليدوية. كانت الصناعة متطورة أيضًا، حيث كان الحرفيون يصنعون الأسلحة والأدوات والمجوهرات والمنسوجات.
الثقافة والفنون
تركت الحضارة الآشورية إرثًا ثقافيًا وفنيًا غنيًا. اشتهر الآشوريون بفن النحت، حيث كانوا ينحتون تماثيل ضخمة للآلهة والملوك والحيوانات. كما اشتهروا بفن العمارة، حيث كانوا يبنون القصور والمعابد والأسوار الضخمة. كانت الكتابة المسمارية هي نظام الكتابة المستخدم في آشور، وقد تم استخدامها لتدوين الأدب والتاريخ والقانون.
كانت اللغة الآشورية لهجة من اللغة الأكادية، وهي لغة سامية شرقية. كانت الأدب الآشوري يتضمن الأساطير والقصص التاريخية والأناشيد الدينية. كانت الفنون الآشورية تعبر عن القوة والعظمة، وكانت تستخدم لتخليد ذكرى الملوك والآلهة.
الدين
كان الدين الآشوري دينًا وثنيًا، حيث كان الآشوريون يعبدون مجموعة متنوعة من الآلهة. كان الإله آشور هو الإله الرئيسي في الدين الآشوري، وكان يعتبر إله الحرب والسماء. كانت الآلهة الأخرى المهمة تشمل عشتار (إلهة الحب والحرب)، وشماش (إله الشمس)، وسين (إله القمر). كانت المعابد هي المراكز الدينية في آشور، وكان الكهنة يقومون بالطقوس الدينية وتقديم القرابين للآلهة.
أبرز الملوك الآشوريين
- شمشي أدد الأول: ملك آشوري حكم في الفترة (1813-1781 ق.م)، قام بتوحيد شمال بلاد ما بين النهرين تحت حكمه.
- آشور ناصربال الثاني: ملك آشوري حكم في الفترة (883-859 ق.م)، اشتهر بحملاته العسكرية الواسعة وقسوته في التعامل مع الأعداء. بنى مدينة كالح (نمرود) وجعلها عاصمة للإمبراطورية.
- شلمنصر الثالث: ملك آشوري حكم في الفترة (859-824 ق.م)، واصل التوسع العسكري للإمبراطورية، وقام بحملات ضد بلاد الشام وإسرائيل.
- تغلات بلاصر الثالث: ملك آشوري حكم في الفترة (745-727 ق.م)، قام بإصلاحات إدارية وعسكرية ساهمت في تعزيز قوة الإمبراطورية. قام بغزو بابل وبلاد الشام.
- سرجون الثاني: ملك آشوري حكم في الفترة (722-705 ق.م)، قام بتأسيس سلالة جديدة، وقام بحملات عسكرية واسعة. بنى مدينة دور شروكين (خرسباد) وجعلها عاصمة للإمبراطورية.
- سنحاريب: ملك آشوري حكم في الفترة (705-681 ق.م)، قام بتدمير بابل، وقام بحملة ضد مملكة يهوذا. جعل نينوى عاصمة للإمبراطورية.
- آشوربانيبال: آخر ملوك آشور الأقوياء، حكم في الفترة (668-631 ق.م)، قام بتوسيع الإمبراطورية، واهتم بالثقافة والفنون. قام بتجميع مكتبة ضخمة في نينوى تحتوي على آلاف الألواح الطينية.
نهاية الإمبراطورية الآشورية
في نهاية القرن السابع قبل الميلاد، ضعفت الإمبراطورية الآشورية بسبب الصراعات الداخلية والحروب الخارجية. تمكنت مملكة بابل ومملكة ميديا من التحالف ضد آشور، وتمكنتا من إسقاط الإمبراطورية الآشورية في عام 609 قبل الميلاد. تم تدمير المدن الآشورية الرئيسية، مثل آشور ونينوى، وتم تقسيم الأراضي الآشورية بين بابل وميديا.
خاتمة
كانت آشور حضارة عظيمة تركت إرثًا ثقافيًا وفنيًا غنيًا. كانت الإمبراطورية الآشورية قوة عسكرية وسياسية واقتصادية مؤثرة في الشرق الأدنى القديم لعدة قرون. على الرغم من قسوتها في بعض الأحيان، ساهمت آشور في تطور الحضارة الإنسانية في مجالات مختلفة، مثل الإدارة والقانون والفن والأدب.