مقدمة
لو كونسير دي ناسيون (بالفرنسية: Le Concert des Nations) هي فرقة أوركسترا تعتمد على الآلات الموسيقية التاريخية القديمة لتقديم روائع الأعمال السمفونية والأوركسترالية. تأسست هذه الفرقة على يد كل من جوردي سافال وزوجته الراحلة مونتسيرات فيجويراس في عام 1989، وسرعان ما اكتسبت شهرة واسعة بفضل أدائها المتميز وإحيائها للتراث الموسيقي الأوروبي.
نشأة وتأسيس الفرقة
في أواخر الثمانينيات، كانت فكرة إحياء الموسيقى القديمة باستخدام الآلات الأصلية أو نسخ طبق الأصل منها في أوج ازدهارها. جوردي سافال، الموسيقي وعازف الكمان الفيولا المتميز، ومونتسيرات فيجويراس، سوبرانو ذات صوت آخاذ، كانا من بين رواد هذا التيار. قررا تأسيس فرقة أوركسترا تجمع بين عازفين من مختلف الجنسيات، متخصصين في عزف الموسيقى القديمة بأسلوب أصيل. وهكذا، ولد “لو كونسير دي ناسيون” ليجسد فكرة الوحدة الثقافية من خلال الموسيقى.
الأهداف والرؤية
تهدف الفرقة إلى تقديم تفسيرات جديدة ومستنيرة للموسيقى الكلاسيكية، مع التركيز على الأصالة التاريخية. تسعى إلى فهم السياق التاريخي والاجتماعي الذي نشأت فيه هذه الموسيقى، واستخدام هذه المعرفة لإحياء الأعمال الموسيقية بطريقة تعكس روح العصر الذي كتبت فيه. بالإضافة إلى ذلك، تهدف الفرقة إلى تعزيز الحوار الثقافي بين مختلف البلدان والشعوب من خلال الموسيقى.
الآلات الموسيقية المستخدمة
تعتبر الآلات الموسيقية المستخدمة في “لو كونسير دي ناسيون” جزءًا أساسيًا من هويتها. تستخدم الفرقة آلات أصلية تعود إلى العصور التي كتبت فيها الموسيقى، أو نسخًا طبق الأصل منها صنعت بعناية فائقة. تشمل هذه الآلات الكمان الفيولا الباروكية، والتشيلو الباروكية، والفلوت الباروكية، والأوبوا الباروكية، والباسون الباروكية، وغيرها. يتميز استخدام هذه الآلات بإضفاء طابع صوتي فريد على الأداء، يختلف عن الصوت المعتاد للأوركسترا الحديثة.
أشهر الأعمال التي قدمتها الفرقة
قدمت الفرقة مجموعة واسعة من الأعمال الموسيقية التي تنتمي إلى فترات زمنية مختلفة، بدءًا من عصر النهضة وصولًا إلى العصر الرومانسي. من بين أشهر الأعمال التي قدمتها الفرقة:
- أعمال يوهان سباستيان باخ: بما في ذلك “قداس العيد الميلاد”، و”المتتالية براندنبورغية”.
- أعمال جورج فريدريك هاندل: مثل أوراتوريو “شمشون”، و”موسيقى الألعاب النارية الملكية”.
- أعمال فولفغانغ أماديوس موزارت: بما في ذلك “السيمفونية رقم 40″، و”حفل كورونايشن”.
- أعمال لودفيج فان بيتهوفن: مثل “السيمفونية رقم 5″، و”السيمفونية الرعوية”.
- أعمال فرانز شوبرت: مثل “السيمفونية غير المكتملة”، و”القداس رقم 6”.
جوردي سافال ومونتسيرات فيجويراس: قصة نجاح
يعتبر جوردي سافال ومونتسيرات فيجويراس ثنائيًا فنيًا فريدًا من نوعه. سافال، بعزفه المتقن وقيادته الحكيمة، وفيجويراس بصوتها الساحر وحضورها الطاغي، شكّلا معًا قوة دافعة وراء نجاح “لو كونسير دي ناسيون”. رحلت فيجويراس في عام 2011، لكن إرثها الفني لا يزال حيًا في تسجيلات الفرقة وأدائها المستمر.
التأثير على عالم الموسيقى الكلاسيكية
كان لـ “لو كونسير دي ناسيون” تأثير كبير على عالم الموسيقى الكلاسيكية. ساهمت الفرقة في إحياء الاهتمام بالموسيقى القديمة، وشجعت المزيد من الفرق الموسيقية على استخدام الآلات التاريخية القديمة. كما ألهمت الفرقة العديد من الموسيقيين الشباب لدراسة الموسيقى القديمة وتخصصوا فيها. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الفرقة في تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الموسيقى الكلاسيكية، من خلال التأكيد على أهمية الأصالة التاريخية والتفسير المستنير.
الجوائز والتكريمات
حصلت الفرقة على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماتها في عالم الموسيقى الكلاسيكية. من بين هذه الجوائز:
- جائزة غرامي للموسيقى الكلاسيكية.
- جائزة جراموفون للموسيقى القديمة.
- جائزة ميديمونت الدولية.
أماكن الأداء
قامت الفرقة بجولات عالمية واسعة، وقدمت حفلات في أشهر قاعات الحفلات الموسيقية في العالم. من بين هذه القاعات:
- قاعة كارنيجي في نيويورك.
- قاعة فيينا الموسيقية.
- قاعة برلين الفيلهارمونية.
- قاعة ديز شامب إليزيه في باريس.
التسجيلات
أصدرت الفرقة العديد من التسجيلات التي لاقت استحسان النقاد والجمهور على حد سواء. تتضمن هذه التسجيلات أعمالًا موسيقية من مختلف العصور، وتتميز بجودتها العالية وأدائها المتقن. تتوفر هذه التسجيلات على أقراص مدمجة وأقراص فينيل ومنصات البث الرقمي.
مستقبل الفرقة
تواصل الفرقة مسيرتها الفنية تحت قيادة جوردي سافال، وتسعى إلى تقديم المزيد من الأعمال الموسيقية الجديدة والمثيرة. تخطط الفرقة أيضًا إلى توسيع نطاق أنشطتها التعليمية، من خلال تنظيم ورش عمل وندوات للشباب المهتمين بالموسيقى القديمة.
أسلوب العزف
تتميز الفرقة بأسلوب عزف فريد يجمع بين الدقة التاريخية والحيوية العاطفية. يولي الموسيقيون اهتمامًا كبيرًا للتفاصيل الصغيرة في النوتة الموسيقية، ويسعون إلى فهم النوايا الأصلية للملحن. في الوقت نفسه، يضفون على الأداء لمسة شخصية تجعله حيويًا ومؤثرًا.
التحديات التي تواجه الفرقة
تواجه الفرقة بعض التحديات، مثل ارتفاع تكلفة الآلات التاريخية القديمة، وصعوبة العثور على موسيقيين متخصصين في عزف هذه الآلات. ومع ذلك، تظل الفرقة ملتزمة برسالتها الفنية، وتعمل بجد للتغلب على هذه التحديات.
الجمهور
تتمتع الفرقة بقاعدة جماهيرية واسعة ومتنوعة، تضم محبي الموسيقى الكلاسيكية من جميع الأعمار والخلفيات. تحظى حفلات الفرقة بشعبية كبيرة، وغالبًا ما تباع التذاكر بالكامل قبل وقت طويل من موعد الحفل.
خاتمة
لو كونسير دي ناسيون هي فرقة أوركسترا فريدة من نوعها، قدمت مساهمات كبيرة في عالم الموسيقى الكلاسيكية. من خلال استخدام الآلات التاريخية القديمة والأداء المتقن، تمكنت الفرقة من إحياء روائع الأعمال السمفونية والأوركسترالية بطريقة جديدة ومثيرة. تواصل الفرقة مسيرتها الفنية بنجاح، وتسعى إلى تقديم المزيد من الأعمال الموسيقية الرائعة في المستقبل.