نشأة وحياة أوغست ولويس لوميير
ولد أوغست ولويس لوميير في بيزانسون، فرنسا، وهما ابنا تشارلز أنطوان لوميير، وهو مصور ورسام. انتقلت العائلة إلى ليون في عام 1870، حيث افتتح تشارلز استوديو تصوير. درس الأخوان في مدرسة مارتينيير التقنية في ليون. لعب لويس، الأصغر بينهما، دورًا حاسمًا في تطوير العديد من الاختراعات التي ساهمت في نجاح أعمال العائلة.
بدأ الأخوان لوميير العمل في مصنع التصوير الفوتوغرافي الذي يملكه والدهما. اكتشف لويس طريقة جديدة لتطوير اللوحات الفوتوغرافية، مما أدى إلى تحسين كبير في عملية التصوير. هذا النجاح المبكر مهد الطريق لمزيد من الابتكارات في مجال التصوير المتحرك.
اختراع جهاز التصوير السينمائي
في عام 1894، شاهد الأخوان لوميير عرضًا لجهاز كينتوسكوب الذي اخترعه توماس إديسون، وهو جهاز يسمح لشخص واحد بمشاهدة فيلم قصير من خلال عدسة. أدرك الأخوان لوميير الإمكانات الهائلة للتصوير المتحرك وقررا تطوير جهاز خاص بهما يكون أكثر تطوراً وعملية.
النتيجة كانت جهاز التصوير السينمائي، وهو جهاز متعدد الاستخدامات يمكنه تسجيل الصور المتحركة وعرضها وطباعتها. كان هذا الجهاز خفيف الوزن نسبيًا ومحمولًا، مما سمح للأخوين بتصوير الأفلام في مواقع مختلفة. كان آلية عمل الجهاز تعتمد على نظام ميكانيكي يستخدم مخلبًا لتحريك الفيلم بشكل متقطع، مما يسمح بتسجيل الصور وعرضها بدقة.
حصل الأخوان لوميير على براءة اختراع جهاز التصوير السينمائي في عام 1895. كان هذا الاختراع بمثابة قفزة نوعية في تكنولوجيا السينما، حيث سمح بإنتاج وعرض الأفلام لجمهور كبير، مما أدى إلى ظهور السينما كشكل من أشكال الترفيه الشعبي.
أول عرض سينمائي مدفوع الأجر
في 28 ديسمبر 1895، أقام الأخوان لوميير أول عرض سينمائي مدفوع الأجر في قاعة غراند كافيه في باريس. تضمن العرض سلسلة من الأفلام القصيرة التي تم تصويرها باستخدام جهاز التصوير السينمائي. من بين هذه الأفلام: “العمال يغادرون مصنع لوميير”، و”وصول قطار إلى محطة لاسيوتا”، و”سقي البستاني”.
أثار هذا العرض ضجة كبيرة وأذهل الجمهور بقدرة الجهاز على التقاط وعرض الحركة بشكل واقعي. سرعان ما انتشرت أخبار هذا الاختراع الجديد، وبدأ الناس يتوافدون لمشاهدة الأفلام التي أنتجها الأخوان لوميير. كان هذا الحدث بمثابة بداية العصر الذهبي للسينما.
أفلام الأخوان لوميير
أنتج الأخوان لوميير عددًا كبيرًا من الأفلام القصيرة، والتي كانت تصور في الغالب جوانب من الحياة اليومية. تميزت هذه الأفلام ببساطتها وواقعيتها، حيث كانت تصور مشاهد حقيقية بدون مؤثرات خاصة أو حبكات معقدة. كانت الأفلام بمثابة تسجيلات بصرية للحياة في أواخر القرن التاسع عشر، وتضمنت مشاهد من المصانع والشوارع والمناظر الطبيعية.
من بين أشهر أفلام الأخوان لوميير:
- العمال يغادرون مصنع لوميير (La Sortie de l’usine Lumière à Lyon): يعتبر هذا الفيلم أول فيلم يتم عرضه تجارياً. يصور الفيلم العمال وهم يغادرون مصنع العائلة في ليون.
- وصول قطار إلى محطة لاسيوتا (L’Arrivée d’un train en gare de La Ciotat): أثار هذا الفيلم ردود فعل قوية من الجمهور، حيث قيل إن بعض المشاهدين اعتقدوا أن القطار قادم نحوهم مباشرة.
- سقي البستاني (L’Arroseur Arrosé): يعتبر هذا الفيلم أول فيلم كوميدي في التاريخ. يصور الفيلم بستانيًا يتعرض للمقالب من قبل صبي.
- وجبة الطفل (Le Repas de bébé): يصور هذا الفيلم الأخوان لوميير وهما يطعمان طفلهما.
تتميز أفلام الأخوان لوميير بواقعيتها وبساطتها، وقد لعبت دورًا مهمًا في تطوير لغة السينما. كما أنها توفر نظرة فريدة على الحياة في أواخر القرن التاسع عشر.
تأثير الأخوان لوميير على السينما
كان للأخوان لوميير تأثير كبير على تطور السينما كشكل فني وترفيهي. لقد اخترعوا جهاز التصوير السينمائي، الذي سمح بتسجيل وعرض الأفلام لجمهور كبير. كما أنهم أنتجوا عددًا كبيرًا من الأفلام القصيرة التي ساهمت في تطوير لغة السينما. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بتدريب العديد من المصورين السينمائيين الذين ساهموا في انتشار السينما في جميع أنحاء العالم.
على الرغم من أن الأخوان لوميير لم يستمروا في إنتاج الأفلام لفترة طويلة، إلا أن إرثهم لا يزال قائماً حتى اليوم. لقد وضعوا الأساس للسينما الحديثة، ولا تزال أفلامهم تعتبر من الكلاسيكيات.
التحول إلى التصوير الفوتوغرافي الملون
بعد نجاحهما في مجال السينما، اتجه الأخوان لوميير إلى تطوير تقنيات التصوير الفوتوغرافي الملون. في عام 1903، حصلوا على براءة اختراع عملية Autochrome Lumière، وهي أول عملية تصوير فوتوغرافي ملونة عملية. كانت هذه العملية تعتمد على استخدام لوحات زجاجية مغطاة بحبيبات دقيقة من النشا الملون، والتي تعمل كمرشحات للألوان.
أصبحت عملية Autochrome Lumière شائعة بين المصورين الهواة والمحترفين، وساهمت في نشر التصوير الفوتوغرافي الملون على نطاق واسع. على الرغم من أن العملية كانت معقدة ومكلفة، إلا أنها قدمت صورًا ملونة حقيقية وجميلة.
إرث الأخوان لوميير
يُعتبر الأخوان لوميير من رواد صناعة السينما والمصورين الفوتوغرافيين الملونين. لقد اخترعوا جهاز التصوير السينمائي، الذي سمح بتسجيل وعرض الأفلام لجمهور كبير. كما أنهم طوروا عملية Autochrome Lumière، وهي أول عملية تصوير فوتوغرافي ملونة عملية. لقد كان لهما تأثير كبير على تطور السينما والتصوير الفوتوغرافي، ولا يزال إرثهما قائماً حتى اليوم.
خاتمة
الأخوان لوميير، أوغست ولويس، هما شخصيتان بارزتان في تاريخ السينما والتصوير الفوتوغرافي. بفضل اختراعهما لجهاز التصوير السينمائي وعرضهما الأول للأفلام، وضعا الأساس للسينما الحديثة. كما ساهمت جهودهما في تطوير التصوير الفوتوغرافي الملون في تقدم هذا المجال. يُعتبر الأخوان لوميير من الرواد الذين غيروا طريقة رؤيتنا للعالم من خلال الصورة المتحركة والثابتة.