نشأته وتعليمه
وُلد شلومو أفينر في فرنسا باسم كلود لانجيناو لعائلة يهودية. خلال الحرب العالمية الثانية، أخفته عائلة مسيحية لحمايته من الاضطهاد النازي. بعد الحرب، عاد إلى عائلته اليهودية الأصلية وأصبح أكثر انخراطًا في اليهودية. درس في يشيفات “ميركاز هاراف” المرموقة في القدس، حيث أصبح مقربًا من الحاخام تسفي يهودا كوك، الزعيم الروحي للحركة الدينية الصهيونية. تأثر أفينر بشدة بتعاليم الحاخام كوك، واعتبره مرشده الروحي.
مسيرته الحاخامية
بعد الانتهاء من دراسته في يشيفات “ميركاز هاراف”، شغل الحاخام أفينر مناصب حاخامية مختلفة. عمل كحاخام في مستوطنة بيت إيل في الضفة الغربية لعدة سنوات، ثم انتقل إلى القدس وأسس يشيفات “عاتيرات كوهانيم” في الحي الإسلامي. تهدف اليشيفا إلى تدريب الحاخامات والقادة الدينيين الذين يلتزمون بالصهيونية الدينية. يشتهر الحاخام أفينر بأسلوبه التعليمي الفريد، الذي يجمع بين التعمق في التلمود والفقه اليهودي مع الاهتمام بالقضايا المعاصرة.
آراؤه ومواقفه
يعتبر الحاخام أفينر شخصية مثيرة للجدل بسبب آرائه ومواقفه الصريحة في مختلف القضايا. فيما يلي بعض الجوانب الرئيسية في فكره:
- الصهيونية الدينية: يعتبر الحاخام أفينر من أشد المؤيدين للصهيونية الدينية، ويعتقد أن قيام دولة إسرائيل هو بداية الخلاص اليهودي. يؤكد على أهمية الاستيطان في جميع أنحاء أرض إسرائيل، ويعتبره واجبًا دينيًا.
- أرض إسرائيل: يؤمن الحاخام أفينر بحق الشعب اليهودي في جميع أنحاء أرض إسرائيل، ويعارض أي تنازلات إقليمية. يعتبر الضفة الغربية جزءًا لا يتجزأ من أرض إسرائيل، ويعارض إقامة دولة فلسطينية.
- العلاقات بين اليهود وغير اليهود: يتبنى الحاخام أفينر مواقف محافظة بشأن العلاقات بين اليهود وغير اليهود. يحذر من الاختلاط بالثقافات الأخرى، ويشجع على الحفاظ على الهوية اليهودية المتميزة.
- قضايا اجتماعية: للحاخام أفينر آراء محافظة بشأن القضايا الاجتماعية المختلفة، مثل الزواج والمثلية الجنسية ودور المرأة في المجتمع. يعارض الزواج المدني والمثليين، ويؤكد على أهمية القيم الأسرية التقليدية.
- الفقه اليهودي: يتمتع الحاخام أفينر بمعرفة واسعة بالفقه اليهودي، ويشتهر بآرائه الفقهية المتشددة في بعض القضايا. يعتبر مرجعًا هامًا للعديد من اليهود المتدينين الذين يسعون للحصول على إرشاده في مختلف جوانب حياتهم.
مؤلفاته
ألف الحاخام أفينر العديد من الكتب والمقالات حول مجموعة متنوعة من الموضوعات المتعلقة باليهودية والفقه اليهودي والصهيونية الدينية. من بين أبرز مؤلفاته:
- “أسئلة وأجوبة في العقيدة اليهودية” (She’eilot U’Teshuvot B’Emunah Yehudit): سلسلة من الكتب التي تتناول أسئلة شائعة حول العقيدة اليهودية.
- “تاليا أوروت” (Talelei Orot): مجموعة من المقالات حول التلمود والفقه اليهودي.
- “أرض إسرائيل” (Eretz Yisrael): كتاب يدافع عن حق الشعب اليهودي في جميع أنحاء أرض إسرائيل.
الجدل والانتقادات
أثارت آراء الحاخام أفينر ومواقفه جدلاً واسعًا، وتعرض لانتقادات من مختلف الأطراف. اتهمه البعض بالعنصرية والتعصب بسبب آرائه حول العلاقات بين اليهود وغير اليهود. انتقد آخرون مواقفه المتشددة بشأن القضايا الاجتماعية، واعتبروها تمييزية وغير متسامحة. ومع ذلك، يحظى الحاخام أفينر أيضًا بشعبية كبيرة بين أتباعه، الذين يعتبرونه قائدًا روحيًا وملهمًا.
على الرغم من الجدل المحيط به، يظل الحاخام أفينر شخصية مؤثرة في المجتمع الإسرائيلي، وخاصة في الحركة الدينية الصهيونية. تستمر آراؤه ومواقفه في تشكيل النقاش العام حول القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية في إسرائيل.
تأثيره
يمتد تأثير الحاخام أفينر إلى ما هو أبعد من أتباعه المباشرين. يعتبر مرجعًا هامًا للعديد من الحاخامات والقادة الدينيين في الحركة الدينية الصهيونية. يتم الاستشهاد بآرائه ومواقفه في العديد من المناقشات الفقهية والسياسية. كما أن لليشيفا التي يرأسها، “عاتيرات كوهانيم”، دورًا هامًا في تدريب الحاخامات والقادة الدينيين الذين يلتزمون بالصهيونية الدينية.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب الحاخام أفينر دورًا نشطًا في الحياة العامة الإسرائيلية. يشارك في المظاهرات والاحتجاجات المتعلقة بالقضايا التي تهمه، ويدلي بتصريحات علنية حول الأحداث الجارية. غالبًا ما تتم دعوته للتحدث في المؤتمرات والندوات، حيث يعبر عن آرائه حول مجموعة متنوعة من الموضوعات.
موقفه من الدولة
يرى الحاخام أفينر أن دولة إسرائيل هي بداية الخلاص اليهودي، وأنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق النبوءات الكتابية. يؤكد على أهمية الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة، ويعارض أي محاولات لتقويض أسسها الدينية. يعتبر الاستيطان في جميع أنحاء أرض إسرائيل واجبًا دينيًا، ويعتقد أن الدولة يجب أن تدعم وتشجع الاستيطان.
ومع ذلك، ينتقد الحاخام أفينر أيضًا بعض جوانب الدولة الحديثة. يعتقد أن الدولة يجب أن تكون أكثر استنادًا إلى الشريعة اليهودية، وأنها يجب أن تفعل المزيد لحماية القيم الدينية والأخلاقية. كما يعرب عن قلقه بشأن تزايد العلمانية في المجتمع الإسرائيلي، ويدعو إلى تعزيز التعليم الديني والقيم اليهودية.
خاتمة
شلومو أفينر هو حاخام إسرائيلي بارز وشخصية مؤثرة في الحركة الدينية الصهيونية. يشتهر بآرائه الفقهية المتشددة ومواقفه الصريحة في مختلف القضايا. على الرغم من الجدل المحيط به، يظل الحاخام أفينر مرجعًا هامًا للعديد من اليهود المتدينين في إسرائيل وخارجها. تستمر آراؤه ومواقفه في تشكيل النقاش العام حول القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية في إسرائيل.