<![CDATA[
مقدمة
فهميدة رياض (28 يوليو 1946 – 21 نوفمبر 2018) كانت كاتبة وشاعرة وناشطة أردية باكستانية بارزة. تركت بصمة واضحة في الأدب الأردي من خلال أعمالها الشعرية والنثرية التي تميزت بالجرأة والصراحة في تناول القضايا الاجتماعية والسياسية، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق المرأة والحريات المدنية. عُرفت رياض بموقفها النقدي تجاه الأنظمة السلطوية والدفاع عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مما جعلها شخصية مثيرة للجدل ومحط تقدير في آن واحد.
حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت فهميدة رياض في ميروت، الهند، في عام 1946. تلقت تعليمها المبكر في حيدر أباد، السند، بعد هجرة عائلتها إلى باكستان بعد التقسيم. نبغت في دراستها وحصلت على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة السند. أظهرت شغفًا مبكرًا بالأدب والشعر، وبدأت الكتابة في سن مبكرة، متأثرة بالأدب الكلاسيكي الأردي والفارسي، وكذلك بالأدب العالمي الحديث.
مسيرتها الأدبية
بدأت فهميدة رياض مسيرتها الأدبية في ستينيات القرن العشرين، وسرعان ما لفتت الأنظار إليها بأسلوبها المتميز ومواضيعها الجريئة. نشرت العديد من المجموعات الشعرية والروايات والمقالات التي أثارت نقاشات واسعة في الأوساط الأدبية والفكرية. من أبرز أعمالها:
- “بدن دريدة” (البدن الممزق): مجموعة شعرية نشرت عام 1973، وتعتبر من أهم أعمالها المبكرة.
- “دھوپ” (الشمس): مجموعة شعرية تعبر عن رؤيتها للعالم وقضايا المجتمع.
- “خطِ مرموز” (السطر المشفر): مجموعة شعرية أخرى تظهر تطورها الشعري.
- “كيا تم پورا تشاند نه ديكهو گے” (ألن ترى القمر كاملاً؟): مجموعة شعرية تعكس تجربتها في المنفى.
- “زندہ باد” (يعيش): رواية تستكشف قضايا الهوية والوطن والمنفى.
- “الله كي ديني” (هدية الله): رواية أخرى تتناول قضايا اجتماعية وسياسية حساسة.
تميزت كتابات فهميدة رياض بالصراحة والجرأة في تناول المواضيع المحظورة، مثل حقوق المرأة، والفساد السياسي، والتطرف الديني. لم تتردد في انتقاد الأنظمة السلطوية والدفاع عن حقوق الإنسان، مما جعلها عرضة للمضايقات والرقابة.
نشاطها السياسي والاجتماعي
لم تقتصر مساهمة فهميدة رياض على الأدب، بل كانت أيضًا ناشطة سياسية واجتماعية بارزة. انخرطت في الحركات الديمقراطية والنسوية في باكستان، ودافعت عن حقوق المرأة والمهمشين. تعرضت للاعتقال والمضايقات بسبب نشاطها السياسي، واضطرت إلى مغادرة باكستان في الثمانينيات والعيش في المنفى في الهند لعدة سنوات.
المنفى والعودة إلى باكستان
قضت فهميدة رياض عدة سنوات في المنفى في الهند خلال فترة حكم الجنرال ضياء الحق في باكستان. خلال فترة المنفى، واصلت الكتابة والنضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. عادت إلى باكستان بعد سقوط نظام ضياء الحق، وواصلت مسيرتها الأدبية والسياسية.
مواقفها الفكرية
اتسمت مواقف فهميدة رياض الفكرية بالوضوح والجرأة. كانت تؤمن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. انتقدت التطرف الديني والتعصب والتمييز ضد المرأة. دافعت عن حرية التعبير والإبداع، وعارضت الرقابة والقمع.
آمنت بأن الأدب يجب أن يكون أداة للتغيير الاجتماعي، وأن الكتاب والمفكرين يجب أن يلعبوا دورًا في الدفاع عن الحق والعدل. كانت تعتبر نفسها جزءًا من حركة التنوير في العالم الإسلامي، وتسعى إلى تحديث الفكر الديني وتطوير المجتمع.
تكريمها وجوائزها
حصلت فهميدة رياض على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لمساهماتها في الأدب والنشاط الاجتماعي. من بين هذه الجوائز:
- جائزة حبيب جالب الأدبية.
- جائزة كمالة ديفي تشاتوبادهياي.
- جائزة أحمد نديم قاسمي.
أثرها وإرثها
تركت فهميدة رياض إرثًا أدبيًا وفكريًا غنيًا. ألهمت كتاباتها وأفكارها أجيالًا من الكتاب والناشطين في باكستان وخارجها. تعتبر رياض رمزًا للمرأة القوية والمستقلة التي تدافع عن حقوقها وحقوق الآخرين. ستظل أعمالها محفورة في ذاكرة الأدب الأردي، وستستمر في إلهام القراء والمفكرين.
تعد فهميدة رياض من الأصوات النسوية الهامة في الأدب الأردي الحديث، حيث ساهمت في توسيع آفاق التعبير الأدبي وتعميق الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية. تميزت كتاباتها بالصدق والجرأة والإحساس العميق بالمسؤولية تجاه المجتمع. ستظل أعمالها مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بالأدب الأردي وقضايا المرأة وحقوق الإنسان.
أسلوبها الأدبي
تميز أسلوب فهميدة رياض الأدبي بالعديد من الخصائص التي جعلتها كاتبة متميزة ومؤثرة:
- الصراحة والجرأة: لم تتردد رياض في تناول المواضيع المحظورة والتعبير عن آرائها بصراحة ووضوح، حتى لو كان ذلك يعرضها للخطر.
- العمق الفكري: تميزت كتاباتها بالعمق الفكري والتحليل النقدي للقضايا الاجتماعية والسياسية.
- الجمال اللغوي: استخدمت رياض لغة أردية جميلة وسلسة، مع اهتمام خاص بالتعبير الشعري والتصوير الفني.
- الإحساس الإنساني: عكست كتاباتها إحساسًا عميقًا بالمعاناة الإنسانية، وتعاطفًا مع الضعفاء والمهمشين.
- الالتزام الاجتماعي: آمنت رياض بأن الأدب يجب أن يكون أداة للتغيير الاجتماعي، وعملت على توظيف كتاباتها لخدمة قضايا المجتمع.
وفاتها
توفيت فهميدة رياض في 21 نوفمبر 2018 في كراتشي، باكستان، عن عمر يناهز 72 عامًا. تركت وراءها إرثًا أدبيًا وفكريًا غنيًا سيظل يلهم الأجيال القادمة.
خاتمة
كانت فهميدة رياض كاتبة وشاعرة وناشطة أردية باكستانية بارزة، تميزت بالجرأة والصراحة في تناول القضايا الاجتماعية والسياسية، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق المرأة والحريات المدنية. تركت بصمة واضحة في الأدب الأردي من خلال أعمالها الشعرية والنثرية التي تميزت بالعمق الفكري والجمال اللغوي والالتزام الاجتماعي. ستظل فهميدة رياض رمزًا للمرأة القوية والمستقلة التي تدافع عن حقوقها وحقوق الآخرين، وستستمر أعمالها في إلهام القراء والمفكرين.