الأصول والتأسيس
تعود أصول تشالوكياس الشرقية إلى سلالة تشالوكياس بادامي، التي حكمت منطقة واسعة في جنوب الهند. في القرن السابع الميلادي، قام بولاكشين الثاني بتعيين شقيقه، كوبرجا فيشنوفاردهانا، حاكمًا على منطقة فينجي، التي كانت تُعد جزءًا استراتيجيًا وهامًا من إمبراطوريته. بعد وفاة بولاكشين الثاني وتراجع قوة تشالوكياس بادامي، استغل فيشنوفاردهانا الفرصة وأعلن استقلاله، مؤسسًا بذلك سلالة تشالوكياس الشرقية. اتخذ فيشنوفاردهانا مدينة فينجي عاصمة لمملكته، ومن هنا جاء اسم “تشالوكياس فينجي”.
التوسع والصراعات
بعد تأسيس المملكة، انخرط تشالوكياس الشرقية في سلسلة من الصراعات والتحالفات مع القوى المجاورة. سعوا إلى توسيع نفوذهم وسيطرتهم على المناطق المحيطة بفينجي. من بين أبرز منافسيهم كانوا سلالة الراشتراكوتا، وسلالة تشولا، وسلالات أخرى أصغر. خاض تشالوكياس الشرقية حروبًا عديدة ضد الراشتراكوتا للسيطرة على منطقة فينجي، وتمكنوا في بعض الأحيان من الحفاظ على استقلالهم، بينما كانوا في أحيان أخرى تحت سيطرة الراشتراكوتا.
في وقت لاحق، دخل تشالوكياس الشرقية في صراع طويل الأمد مع سلالة تشولا القوية. كانت سلالة تشولا تسعى إلى توسيع إمبراطوريتها جنوبًا، وشكل تشالوكياس الشرقية عقبة أمام طموحاتهم. استمرت هذه الصراعات لعدة قرون، وشهدت فترات من التحالفات والحروب المتقطعة. في النهاية، تمكنت سلالة تشولا من إخضاع تشالوكياس الشرقية، ودمجت مملكتهم في إمبراطوريتهم.
العلاقات مع سلالة تشولا
كانت العلاقات بين تشالوكياس الشرقية وسلالة تشولا معقدة ومتغيرة. في البداية، كانتا قوتين متنافستين تتصارعان على النفوذ في منطقة جنوب الهند. ومع ذلك، مع مرور الوقت، أدرك الحكام من كلا السلالتين أن التحالف قد يكون أكثر فائدة من الحرب المستمرة. في القرن الحادي عشر الميلادي، تزوج الملك تشولا راجراجا الأول ابنته من الأمير تشالوكيا فيمالاديتيا. أدى هذا الزواج إلى توثيق العلاقات بين السلالتين، ومهد الطريق لدمج مملكة تشالوكياس الشرقية في إمبراطورية تشولا.
بعد عدة أجيال، اعتلى كولوتونجا تشولا الأول، حفيد راجراجا الأول وفيمالاديتيا، العرش. كان كولوتونجا تشولا الأول سليلًا لكلتا السلالتين، مما جعله وريثًا شرعيًا لكل من إمبراطورية تشولا ومملكة تشالوكياس الشرقية. قام كولوتونجا تشولا الأول بدمج مملكة تشالوكياس الشرقية في إمبراطورية تشولا، منهيًا بذلك وجود سلالة تشالوكياس الشرقية كسلالة مستقلة.
الإدارة والمجتمع
اعتمدت إدارة تشالوكياس الشرقية على نظام حكم مركزي، حيث كان الملك يتمتع بسلطة كبيرة. كان الملك يساعده مجلس من الوزراء والمسؤولين الذين يتولون إدارة مختلف جوانب الدولة. قسمت المملكة إلى مقاطعات ووحدات إدارية أصغر، وكان يحكم كل منها مسؤول يعينه الملك. تميز المجتمع في مملكة تشالوكياس الشرقية بالتنوع، حيث كانت هناك طبقات اجتماعية مختلفة. كان البراهمة يحتلون مكانة مرموقة في المجتمع، وكانوا يلعبون دورًا هامًا في الحياة الدينية والثقافية. كان هناك أيضًا طبقات أخرى من التجار والحرفيين والمزارعين والعمال.
اعتمد الاقتصاد في مملكة تشالوكياس الشرقية على الزراعة بشكل أساسي. كانت الأراضي خصبة، وكانت تنتج مجموعة متنوعة من المحاصيل، مثل الأرز والقمح والبقوليات. لعبت التجارة أيضًا دورًا هامًا في الاقتصاد، حيث كانت هناك علاقات تجارية مع مناطق أخرى في الهند وخارجها. كانت مدينة فينجي مركزًا تجاريًا هامًا، وكانت تستقبل التجار من مختلف أنحاء العالم.
الدين والثقافة
كان تشالوكياس الشرقية رعاة للفنون والعلوم، وقد تركوا وراءهم إرثًا ثقافيًا غنيًا. كانت الهندوسية هي الديانة الرئيسية في المملكة، وكان تشالوكياس الشرقية يعبدون مجموعة متنوعة من الآلهة الهندوسية، مثل شيفا وفيشنو وديفي. قاموا ببناء العديد من المعابد والمزارات تكريمًا لهذه الآلهة. كما شجعوا الأدب والفنون، وازدهرت اللغة التيلوجوية في عهدهم.
كانت المعابد تلعب دورًا هامًا في الحياة الدينية والثقافية في مملكة تشالوكياس الشرقية. كانت المعابد ليست مجرد أماكن للعبادة، بل كانت أيضًا مراكز للتعليم والفنون. كانت المعابد تستضيف العديد من المهرجانات والاحتفالات الدينية، وكانت تجذب الحجاج من مختلف أنحاء المملكة. قام تشالوكياس الشرقية ببناء العديد من المعابد الجميلة والمزخرفة، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، وتشهد على عظمة فنهم المعماري.
الفن المعماري
تميز الفن المعماري في عهد تشالوكياس الشرقية بأسلوبه الفريد، الذي جمع بين عناصر من أساليب تشالوكياس بادامي وأساليب سلالات أخرى في جنوب الهند. استخدموا الحجر الرملي كمادة بناء رئيسية، وقاموا بتزيين المعابد والقصور بمنحوتات دقيقة وتصاميم معقدة. من بين أبرز الأمثلة على الفن المعماري لتشالوكياس الشرقية معبد بهيميسفارا في دراكشاراما، ومعبد عمارافاتي، والعديد من المعابد الأخرى في منطقة أندرا براديش.
تتميز معابد تشالوكياس الشرقية بتصميمها الفريد، الذي يجمع بين عناصر من أساليب مختلفة. عادة ما تكون المعابد مبنية على شكل مربع أو مستطيل، وتحتوي على غرفة مقدسة (غاربهاغريها) حيث يوضع المعبود الرئيسي. يحيط بالغرفة المقدسة ممر دائري (براداكشيناباثا) حيث يمكن للمصلين السير حول المعبود. عادة ما يكون للمعبد برج (شيكارا) يرتفع فوق الغرفة المقدسة، ويكون مزينًا بالمنحوتات والتصاميم. غالبًا ما تحتوي المعابد أيضًا على قاعة تجميع (ماندابا) حيث يمكن للمصلين الاجتماع والصلاة.
أهم الحكام
- كوبرجا فيشنوفاردهانا الأول (624-641 م): مؤسس السلالة.
- جاياسيمها الأول (641-673 م): وسع المملكة وقام بتوحيد أراضيها.
- فيشنوفاردهانا الثالث (709-752 م): شهد عهده ازدهارًا ثقافيًا وفنيًا.
- راجراجا ناريندرا (1019-1061 م): لعب دورًا حاسمًا في توحيد تشالوكياس الشرقية مع سلالة تشولا.
خاتمة
تشالوكياس الشرقية كانوا سلالة مهمة حكمت منطقة فينجي في جنوب الهند لعدة قرون. لعبوا دورًا حيويًا في تاريخ المنطقة، وتركوا وراءهم إرثًا ثقافيًا وفنيًا ومعماريًا غنيًا. على الرغم من أنهم أصبحوا في النهاية جزءًا من إمبراطورية تشولا، إلا أن تشالوكياس الشرقية تركوا بصمة لا تُمحى على تاريخ جنوب الهند.