تعريف المست
المست ليس مجرد شخص مجنون أو غريب الأطوار. وفقًا لميهر بابا، المست هو شخص “سكران بالله”، أي أنه في حالة دائمة من الوجد الصوفي بسبب الحب الشديد لله. هذا الحب يستهلكه بالكامل، مما يجعله غير قادر على التركيز على أي شيء آخر. قد يظهر ذلك في سلوك غير منتظم، مثل:
- التجول بلا هدف
- عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية
- التحدث بكلام غير مفهوم أو بلغة غير مفهومة
- القيام بأفعال تبدو غير منطقية
ومع ذلك، يؤكد ميهر بابا أن هذه التصرفات ليست علامات على الجنون، بل هي تعبير عن حالة داخلية عميقة من الحب الإلهي. المست، في الواقع، أقرب إلى الله من الشخص العادي المنغمس في الحياة الدنيوية.
أصول المفهوم
يعود مفهوم “المست” إلى التقاليد الصوفية في الإسلام والهندوسية. في الصوفية، يُعرف الشخص الذي غمره الحب الإلهي بـ “المجذوب”، وهو الشخص الذي جذبه الله إليه. وبالمثل، في الهندوسية، هناك العديد من القديسين واليوغيين الذين يُظهرون سلوكًا غير تقليدي بسبب تركيزهم الكامل على الروحانية.
ميهر بابا استعار هذا المفهوم وطوره، مؤكدًا على أن المستين يمثلون قناة مهمة للطاقة الروحية في العالم. كان يعتقد أن خدمتهم ورعايتهم يمكن أن تجلب بركات روحية عظيمة.
أنواع المستين
صنف ميهر بابا المستين إلى عدة فئات، بناءً على درجة “سكرهم بالله” ودرجة ارتباطهم بالعالم الخارجي. بعض المستين أكثر وعيًا بمحيطهم من غيرهم، وقد يكونون قادرين على التواصل بشكل أكثر فعالية. ومع ذلك، يشترك جميع المستين في شيء واحد: الحب العميق لله الذي يستهلكهم بالكامل.
من بين التصنيفات المختلفة للمست، يمكن ذكر:
- المست الكامل: وهو المست الذي فقد كل وعي بالعالم الخارجي، ويعيش في حالة دائمة من الاتحاد مع الله.
- المست الجزئي: وهو المست الذي لا يزال لديه بعض الوعي بالعالم الخارجي، ولكنه لا يزال غارقًا في حب الله.
- المست المتنقل: وهو المست الذي يتجول من مكان إلى آخر، ولا يستقر في مكان واحد.
- المست المقيم: وهو المست الذي يعيش في مكان واحد، وغالبًا ما يكون في معبد أو ضريح.
أهمية خدمة المستين
أكد ميهر بابا على أهمية خدمة المستين ورعايتهم. كان يعتقد أن خدمتهم هي شكل من أشكال العبادة، وأنها يمكن أن تجلب بركات روحية عظيمة. كان يعتقد أيضًا أن المستين يمثلون قناة للطاقة الروحية، وأن رعايتهم يمكن أن تساعد في نشر هذه الطاقة في العالم.
غالبًا ما كان ميهر بابا يسافر للقاء المستين في جميع أنحاء الهند، ويقدم لهم الطعام والمأوى والرعاية. كان يعتقد أن خدمتهم هي واحدة من أهم مهامه.
كان ميهر بابا يرى أن خدمة المستين ليست مجرد عمل خيري، بل هي فرصة للنمو الروحي. من خلال خدمتهم، يمكننا أن نتعلم عن الحب الإلهي والتجرد من الذات والتضحية. يمكننا أيضًا أن نكتسب فهمًا أعمق لطبيعة الواقع.
المست في الأدب والفن
ظهر مفهوم المست في العديد من الأعمال الأدبية والفنية، خاصة في الأدب الصوفي والشعر. غالبًا ما يُنظر إلى المست على أنه رمز للحب الإلهي والحرية الروحية.
يمكن العثور على أمثلة للمست في قصائد جلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي وغيرهم من الشعراء الصوفيين. غالبًا ما يصور هؤلاء الشعراء المست على أنه شخص مجذوب إلى الله، وغير مكترث بالقيود الدنيوية.
في الفن، غالبًا ما يتم تصوير المستين على أنهم شخصيات ذات مظهر غير عادي، تعكس حالتهم الروحية الداخلية. قد يكونون يرتدون ملابس رثة، أو يحملون أشياء غريبة، أو يتصرفون بطرق غير متوقعة.
انتقادات للمفهوم
على الرغم من أن مفهوم المست يحظى بالتبجيل في بعض الدوائر الروحية، إلا أنه تعرض أيضًا لانتقادات. يجادل بعض النقاد بأن مفهوم المست يمكن أن يستخدم لتبرير السلوك غير المسؤول أو حتى الخطير. يجادلون بأن بعض الأفراد قد يدعون أنهم مستون لتجنب المسؤولية عن أفعالهم.
من المهم أن نلاحظ أن ميهر بابا نفسه كان حريصًا على التمييز بين المست الحقيقي والشخص الذي يتظاهر بأنه مست. كان يعتقد أن المست الحقيقي يتميز بالحب الإلهي الحقيقي والتجرد من الذات، وليس مجرد سلوك غريب الأطوار.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكد بعض النقاد أن مفهوم المست يعزز فكرة أن الجنون أو المرض العقلي يمكن أن يكون له قيمة روحية. يجادلون بأن هذا يمكن أن يكون ضارًا للأفراد الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية، حيث قد يتم تشجيعهم على رفض العلاج الطبي بدلاً من ذلك.
من المهم التعامل مع مفهوم المست بحذر، وأن نكون على دراية بالمخاطر المحتملة المرتبطة به. يجب أن نتذكر دائمًا أن الصحة العقلية مهمة، وأن العلاج الطبي يجب أن يكون متاحًا للأفراد الذين يحتاجون إليه.
المست في العصر الحديث
على الرغم من أن مفهوم المست قد يبدو قديمًا، إلا أنه لا يزال ذا صلة في العصر الحديث. في عالم غالبًا ما يكون مدفوعًا بالمادية والاستهلاك، يذكرنا المست بأهمية الروحانية والحب الإلهي.
يمكننا أن نتعلم من المستين عن التجرد من الذات والتضحية والتركيز على ما هو مهم حقًا. يمكننا أيضًا أن نتعلم عن قوة الحب الإلهي وقدرته على تحويل حياتنا.
في العصر الحديث، قد لا نلتقي بالعديد من المستين بالمعنى التقليدي للكلمة. ومع ذلك، يمكننا أن نجد أمثلة لأفراد يظهرون صفات مماثلة، مثل التفاني العميق للقضية، أو الحب غير المشروط للآخرين، أو التجرد من الارتباطات الدنيوية.
خاتمة
المست، في تعاليم ميهر بابا، هو شخص غمره الحب الإلهي، مما يؤدي إلى سلوك غير تقليدي. يمثل المستون قناة للطاقة الروحية، وخدمتهم تجلب بركات عظيمة. على الرغم من الانتقادات المحتملة، يظل مفهوم المست ذا صلة في العصر الحديث، حيث يذكرنا بأهمية الروحانية والحب الإلهي والتجرد من الذات.