مقدمة
ويليام كولي (1602 – يناير 1667) كان سياسيًا إنجليزيًا من القرن السابع عشر وأحد الموقعين على وثيقة إعدام الملك تشارلز الأول. ولد في تشيتشيستر عام 1602، ولعب دورًا بارزًا في الأحداث السياسية التي شهدتها إنجلترا خلال فترة الحرب الأهلية الإنجليزية والكومنولث.
حياته المبكرة وتعليمه
على الرغم من أن التفاصيل الدقيقة حول حياة ويليام كولي المبكرة محدودة، إلا أنه من المعروف أنه ولد في تشيتشيستر، وهي مدينة تاريخية في مقاطعة ساسكس. لم تتوفر معلومات كثيرة عن عائلته أو تعليمه المبكر، ولكن من الواضح أنه تلقى تعليمًا جيدًا بما يكفي ليتمكن من الانخراط في الحياة السياسية والقانونية لاحقًا. من المحتمل أنه درس القانون، حيث كانت هذه هي المهنة الشائعة للرجال الطموحين في ذلك الوقت.
دخوله البرلمان
بدأ ويليام كولي مسيرته السياسية بانتخابه عضوًا في البرلمان عن دائرة ميدهرست في عام 1628. وقد شهدت هذه الفترة توترات متزايدة بين الملك تشارلز الأول والبرلمان، بسبب قضايا مثل الضرائب والامتيازات الملكية. كان كولي جزءًا من البرلمان الذي سعى إلى تقييد سلطة الملك، والمطالبة بحقوق أكبر للشعب.
في عام 1640، انتخب كولي مرة أخرى عضوًا في البرلمان، هذه المرة عن دائرة تشيتشيستر. كان هذا البرلمان يعرف باسم “البرلمان الطويل”، واستمر في الانعقاد لسنوات عديدة، وشهد أحداثًا تاريخية مثل الحرب الأهلية الإنجليزية وإعدام الملك.
الحرب الأهلية الإنجليزية
خلال الحرب الأهلية الإنجليزية (1642-1651)، انحاز ويليام كولي إلى جانب البرلمان ضد الملك تشارلز الأول. كانت هذه الفترة من تاريخ إنجلترا مليئة بالصراعات والانقسامات، حيث قاتل أنصار الملك (الملكيون) ضد أنصار البرلمان (البرلمانيون) للسيطرة على البلاد. لعب كولي دورًا نشطًا في دعم المجهود الحربي للبرلمان، وساهم في جمع الأموال وتجنيد الجنود.
كان كولي مؤيدًا قويًا للقضية البرلمانية، ويعتقد أن الملك قد تجاوز سلطاته ويجب محاسبته. كان يعتقد أيضًا أن البرلمان يجب أن يكون له دور أكبر في حكم البلاد، وأن حقوق الشعب يجب أن تحترم.
محاكمة الملك وإعدامه
بعد هزيمة الملكيين في الحرب الأهلية، قرر البرلمان محاكمة الملك تشارلز الأول بتهمة الخيانة العظمى. كان ويليام كولي أحد القضاة الذين شاركوا في محاكمة الملك، وأصدروا حكمًا بإعدامه. وقع كولي على وثيقة الإعدام، مما جعله أحد “قتلة الملك”.
كان إعدام الملك تشارلز الأول حدثًا تاريخيًا غير مسبوق، حيث أظهر أن الملك يمكن أن يخضع للمساءلة أمام شعبه. كان هذا الحدث بمثابة نقطة تحول في تاريخ إنجلترا، ومهد الطريق لإقامة الكومنولث الإنجليزي تحت حكم أوليفر كرومويل.
الكومنولث الإنجليزي
خلال فترة الكومنولث الإنجليزي (1649-1660)، شغل ويليام كولي مناصب مختلفة في الحكومة. كان عضوًا في مجلس الدولة، وهي الهيئة التنفيذية التي حكمت البلاد بعد إعدام الملك. كما كان عضوًا في عدة لجان برلمانية، ولعب دورًا في صياغة القوانين والسياسات الجديدة.
كان كولي مؤيدًا قويًا لأوليفر كرومويل، الزعيم العسكري والسياسي الذي أصبح اللورد الحامي لإنجلترا. كان يعتقد أن كرومويل هو الشخص المناسب لقيادة البلاد خلال هذه الفترة المضطربة، وأنه كان قادرًا على الحفاظ على الاستقرار والنظام.
استعادة الملكية وعواقبه
في عام 1660، تمت استعادة الملكية في إنجلترا، وعاد تشارلز الثاني، ابن تشارلز الأول، إلى العرش. كان هذا بمثابة نهاية للكومنولث الإنجليزي، وعودة إلى النظام الملكي.
واجه ويليام كولي، مثل غيره من قتلة الملك، عواقب وخيمة لاستعادة الملكية. أعتبر عمله خيانة عظمى، وصدر بحقه حكم بالإعدام. هرب كولي إلى سويسرا لتجنب القبض عليه. توفي في المنفى في يناير 1667.
إرثه
يعتبر ويليام كولي شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الإنجليزي. يعتبره البعض بطلاً دافع عن حقوق البرلمان والشعب ضد طغيان الملك. بينما يعتبره آخرون خائنًا تسبب في إعدام الملك وتدمير النظام الملكي.
بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن ويليام كولي لعب دورًا مهمًا في الأحداث السياسية التي شهدتها إنجلترا في القرن السابع عشر. كان أحد الشخصيات البارزة في الحرب الأهلية الإنجليزية والكومنولث، وساهم في تشكيل مسار التاريخ الإنجليزي.
خاتمة
كان ويليام كولي شخصية بارزة في التاريخ الإنجليزي، حيث شارك في الأحداث السياسية الهامة التي شهدتها البلاد في القرن السابع عشر. بدءًا من دخوله البرلمان، مرورًا بدوره في الحرب الأهلية الإنجليزية ومحاكمة الملك وإعدامه، وصولًا إلى فترة الكومنولث الإنجليزي، ترك كولي بصمة واضحة على تاريخ إنجلترا. على الرغم من الجدل المحيط بشخصيته وأفعاله، إلا أنه يظل شخصية محورية في فهم هذه الفترة المضطربة من التاريخ الإنجليزي.