أصل التسمية والتاريخ
يعود أصل تسمية “سكريش” إلى قصة غير مؤكدة، ولكنها متداولة على نطاق واسع. يُقال إن عاملًا أمريكيًا كان يشرف على تفريغ شحنة من دبس السكر، وعندما سُئل عن ماهية هذا السائل اللزج، صرخ قائلاً: “إنها صرخة!” (It’s screech!). ومع مرور الوقت، أُطلق هذا الاسم على الروم المنتج من دبس السكر، وأصبح مرادفًا له في نيوفاوندلاند. على الرغم من أن هذه القصة قد تكون مجرد أسطورة، إلا أنها تضفي طابعًا فولكلوريًا على العلامة التجارية.
تاريخيًا، لعب الروم دورًا مهمًا في اقتصاد نيوفاوندلاند. خلال فترة تجارة سمك القد، كانت نيوفاوندلاند مركزًا حيويًا لتبادل السلع بين أوروبا ومنطقة البحر الكاريبي. كان الروم أحد السلع الهامة التي يتم استيرادها من منطقة البحر الكاريبي، حيث كان يُستخدم كجزء من نظام المقايضة مع الأسماك المجففة وغيرها من المنتجات. هذا التبادل التجاري ساهم في ترسيخ ثقافة الروم في نيوفاوندلاند.
عملية الإنتاج
يُصنع نيوفاوندلاند سكريش من دبس السكر المستورد، والذي يتم تخميره وتقطيره لإنتاج الروم. تختلف التفاصيل الدقيقة لعملية الإنتاج بين الشركات المصنعة، ولكن بشكل عام، يتم اتباع نفس الخطوات الأساسية. بعد التقطير، يتم تعتيق الروم في براميل خشبية لفترة زمنية محددة، مما يساهم في تطوير نكهته ولونه المميزين. فترة التعتيق تختلف من نوع لآخر من سكريش.
يخضع إنتاج نيوفاوندلاند سكريش لمعايير صارمة لضمان جودته وسلامته. تلتزم الشركات المصنعة باللوائح الحكومية المتعلقة بإنتاج المشروبات الكحولية، وتخضع لعمليات تفتيش منتظمة. يتم اختبار الروم للتأكد من مطابقته للمعايير المحددة للمحتوى الكحولي والشوائب وغيرها من العوامل التي تؤثر على الجودة.
طقس “الصراخ” (Screech-in)
طقس “الصراخ” (Screech-in) هو تقليد فريد من نوعه في نيوفاوندلاند، يهدف إلى الترحيب بالزوار وجعلهم “نيوفاوندلانديين فخريين”. يتضمن هذا الطقس عادةً عدة خطوات، بما في ذلك تلاوة قسم معين، وشرب رشفة من نيوفاوندلاند سكريش، وتقبيل سمكة القد الميتة. يعتبر هذا الطقس تجربة ممتعة وغريبة الأطوار، ويحظى بشعبية كبيرة بين السياح.
- تلاوة القسم: يتضمن القسم عادةً تعهدًا بالولاء لنيوفاوندلاند وثقافتها.
- شرب رشفة من سكريش: يعتبر شرب الروم جزءًا أساسيًا من الطقس.
- تقبيل سمكة القد: قد تبدو هذه الخطوة غريبة، ولكنها جزء لا يتجزأ من التجربة.
يعتبر طقس “الصراخ” وسيلة للاحتفال بثقافة نيوفاوندلاند الفريدة، ولتعزيز روح الضيافة والكرم التي يتميز بها سكان المقاطعة. غالبًا ما يتم إجراء هذا الطقس في الحانات والمطاعم المحلية، ويشارك فيه السكان المحليون والسياح على حد سواء.
أنواع نيوفاوندلاند سكريش
تتوفر عدة أنواع من نيوفاوندلاند سكريش، تختلف في نكهتها وقوتها. بعض الأنواع تكون أكثر اعتدالًا وحلاوة، بينما تكون أنواع أخرى أقوى وأكثر حدة. تتضمن بعض العلامات التجارية الأكثر شهرة من نيوفاوندلاند سكريش ما يلي:
- Newfoundland Screech Rum: هو النوع الأكثر شيوعًا وانتشارًا، ويتميز بنكهته الكلاسيكية.
- Dark Screech: يتميز بلونه الداكن ونكهته الغنية، نتيجة لعملية تعتيق أطول.
- Premium Screech: يعتبر من الأنواع الفاخرة، ويتميز بجودته العالية ونكهته المميزة.
يمكن الاستمتاع بنيوفاوندلاند سكريش بمفرده، أو استخدامه في تحضير مجموعة متنوعة من الكوكتيلات. يتناسب الروم بشكل جيد مع العصائر والفواكه والخلاطات الأخرى، مما يجعله مكونًا متعدد الاستخدامات في عالم المشروبات.
الأهمية الثقافية والاقتصادية
نيوفاوندلاند سكريش ليس مجرد مشروب كحولي، بل هو رمز ثقافي واقتصادي مهم للمقاطعة. يمثل الروم جزءًا من تاريخ نيوفاوندلاند الغني، ويعكس روح المغامرة والابتكار التي يتميز بها سكانها. تساهم صناعة الروم في توفير فرص العمل وتعزيز السياحة في المقاطعة.
تستخدم العديد من الشركات المحلية نيوفاوندلاند سكريش في منتجاتها الأخرى، مثل الحلويات والمربيات وغيرها من المواد الغذائية. هذا يعزز العلامة التجارية للروم، ويساهم في دعم الاقتصاد المحلي. كما يتم تسويق نيوفاوندلاند سكريش كهدية تذكارية للزوار، مما يزيد من شعبيته وجاذبيته.
تحديات تواجه صناعة سكريش
تواجه صناعة نيوفاوندلاند سكريش بعض التحديات، مثل المنافسة من العلامات التجارية الأخرى للروم، والتغيرات في أذواق المستهلكين، والقيود التنظيمية. يجب على الشركات المصنعة أن تبتكر باستمرار وتتكيف مع هذه التحديات للحفاظ على قدرتها التنافسية.
تستثمر الشركات المصنعة في البحث والتطوير لإنتاج أنواع جديدة ومبتكرة من نيوفاوندلاند سكريش، تلبي احتياجات المستهلكين المتغيرة. كما تعمل على تحسين عمليات الإنتاج لتقليل التكاليف وزيادة الكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، تشارك الشركات في حملات تسويقية لتعزيز العلامة التجارية وزيادة الوعي بها.
خاتمة
نيوفاوندلاند سكريش هو أكثر من مجرد روم؛ إنه جزء من هوية نيوفاوندلاند وتراثها. من أصوله المتواضعة كجزء من تجارة سمك القد إلى مكانته الحالية كرمز ثقافي، يمثل سكريش روح المقاطعة وشعبها. سواء كنت تستمتع به في طقس “الصراخ” أو ببساطة تتذوقه في كوكتيل، فإن نيوفاوندلاند سكريش يقدم لك لمحة عن تاريخ وثقافة فريدة من نوعها.