خلفية تاريخية
في عام 1707، انضمت اسكتلندا إلى مملكة إنجلترا لتشكيل مملكة بريطانيا العظمى. أدى هذا الاتحاد إلى إلغاء البرلمان الاسكتلندي، وانتقال السلطة السياسية إلى لندن. على الرغم من وجود هويات ثقافية واقتصادية مميزة، ظلت اسكتلندا جزءًا من المملكة المتحدة لقرون. في نهاية القرن العشرين، تصاعدت الدعوات لإعادة الحكم الذاتي الاسكتلندي، مدفوعة بالرغبة في استعادة السيطرة على الشؤون المحلية وتعزيز الهوية الوطنية.
شهدت سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين صعودًا للحركة القومية الاسكتلندية، التي دعت إلى الاستقلال التام. في عام 1979، أُجري استفتاء على إنشاء برلمان اسكتلندي، ولكن نتيجة التصويت لم تكن كافية لتحقيق ذلك. ومع ذلك، استمرت المطالبة بالحكم الذاتي في النمو، وأصبحت قضية رئيسية في السياسة الاسكتلندية.
بحلول التسعينيات، أصبح من الواضح أن هناك حاجة إلى تغيير دستوري في المملكة المتحدة. فازت حكومة حزب العمال بقيادة توني بلير في عام 1997، ووعدت بإجراء استفتاء على إنشاء برلمان اسكتلندي. في سبتمبر 1997، أُجري الاستفتاء، وأيد الناخبون بأغلبية ساحقة إنشاء برلمان اسكتلندي. كان هذا بمثابة فوز تاريخي للحركة المؤيدة للحكم الذاتي، ومهد الطريق لتشكيل حكومة ديفار.
تشكيل الحكومة
بعد الموافقة على إنشاء البرلمان الاسكتلندي، أُجريت انتخابات في مايو 1999. فاز حزب العمال بأكبر عدد من المقاعد، مما مهد الطريق لدونالد ديفار، الذي كان يشغل منصب وزير الدولة لشؤون اسكتلندا في حكومة بلير، لتولي منصب الوزير الأول. تم تعيين ديفار رسميًا في 13 مايو 1999، وشكل حكومة ائتلافية مع الديمقراطيين الليبراليين.
كان دونالد ديفار شخصية محورية في السياسة الاسكتلندية لسنوات عديدة. كان يتمتع بشخصية قوية، وكرس نفسه لخدمة اسكتلندا. كان يُنظر إليه على أنه مهندس الحكم الذاتي الحديث في اسكتلندا، وكان له دور أساسي في قيادة حملة الاستفتاء وتشكيل البرلمان والحكومة.
أهداف الحكومة
وضعت حكومة ديفار مجموعة من الأهداف الطموحة لإعادة تشكيل اسكتلندا. تضمنت هذه الأهداف:
- تعزيز الديمقراطية: من خلال نقل السلطة من لندن إلى إدنبرة، أرادت الحكومة جعل عملية صنع القرار أكثر قربًا من الشعب الاسكتلندي.
- تحسين الخدمات العامة: كان الهدف هو تحسين الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى، من خلال تصميم سياسات تلبي احتياجات اسكتلندا.
- دعم الاقتصاد الاسكتلندي: سعت الحكومة إلى تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، من خلال جذب الاستثمار وتشجيع ريادة الأعمال.
- الحفاظ على الثقافة والهوية الاسكتلندية: تم الاعتراف بأهمية الثقافة والتراث الاسكتلنديين، والتأكيد على ضرورة الحفاظ عليهما وتعزيزهما.
إنجازات الحكومة
حققت حكومة ديفار العديد من الإنجازات الهامة خلال فترة ولايتها القصيرة. وشملت هذه الإنجازات:
- إنشاء البرلمان الاسكتلندي: كان هذا هو الإنجاز الأكثر أهمية للحكومة، حيث أعاد الحكم الذاتي إلى اسكتلندا بعد قرون من غيابه.
- إصلاح نظام الرعاية الصحية: أُجريت إصلاحات كبيرة لتحسين جودة الرعاية الصحية وتوفير المزيد من الموارد.
- تحسين التعليم: تم التركيز على تحسين مستويات التعليم، وزيادة فرص الحصول على التعليم العالي.
- دعم الاقتصاد: تم تنفيذ سياسات لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وجذب الاستثمار الأجنبي.
- سن تشريعات جديدة: تم سن العديد من القوانين الجديدة التي تهدف إلى تحسين الحياة في اسكتلندا، بما في ذلك القوانين المتعلقة بالبيئة والرعاية الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت فترة ولاية ديفار بداية عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي لا تزال تؤثر على اسكتلندا حتى اليوم. ساهمت هذه الحكومة في بناء أسس مجتمع أكثر عدالة وازدهارًا.
التحديات والمشاكل
واجهت حكومة ديفار أيضًا العديد من التحديات والمشاكل. وشملت هذه التحديات:
- الخلافات السياسية: كان على الحكومة أن تتعامل مع الخلافات السياسية داخل الائتلاف الحاكم، وكذلك مع أحزاب المعارضة.
- المشاكل الاقتصادية: واجهت اسكتلندا بعض المشاكل الاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة في بعض المناطق.
- الوفاة المفاجئة لدونالد ديفار: في عام 2000، توفي دونالد ديفار بشكل مفاجئ، مما تسبب في صدمة كبيرة في اسكتلندا، وأحدث فجوة في القيادة.
إرث دونالد ديفار
ترك دونالد ديفار إرثًا دائمًا في السياسة الاسكتلندية. لقد كان رجلاً ذا رؤية، وكرس حياته لإعادة تشكيل اسكتلندا. يُنظر إليه على أنه أب اسكتلندا الحديثة، وشخصية محورية في عملية الحكم الذاتي. لقد كان له تأثير كبير على مستقبل اسكتلندا، وسيظل اسمه مرتبطًا إلى الأبد بإعادة بناء الديمقراطية في البلاد.
خاتمة
شكلت حكومة ديفار لحظة محورية في تاريخ اسكتلندا. لقد أعادت تشكيل الحكم الذاتي، ووضعت الأسس لمستقبل جديد. على الرغم من التحديات والمشاكل التي واجهتها، حققت الحكومة إنجازات كبيرة، وتركت إرثًا دائمًا. لا يزال دونالد ديفار يُذكر بأنه أحد أعظم الشخصيات في التاريخ الاسكتلندي الحديث، ورجلًا أحدث فرقًا حقيقيًا في حياة شعبه.