مقدمة
قانون كيندرا، الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر 1999، هو قانون ولاية نيويورك يتعلق بالالتزام القسري بالعيادات الخارجية، ويعرف أيضًا باسم المعالجة بمساعدة المحكمة (Assisted Outpatient Treatment – AOT). يهدف هذا القانون إلى توفير آلية للمحاكم لإصدار أوامر للأفراد الذين يعانون من مرض عقلي والذين لديهم تاريخ من عدم الامتثال للعلاج، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم أو خطر إلحاق الأذى بأنفسهم أو بالآخرين، بالالتزام بخطة علاج شاملة أثناء وجودهم في المجتمع.
خلفية تاريخية
تم سن قانون كيندرا استجابةً لمأساة وقعت في عام 1999 عندما قتلت كيندرا ويبستر، التي كانت غير مدركة لمعاناتها من مرض عقلي حاد، على يد رجل يعاني أيضًا من مرض عقلي وكان قد رفض العلاج. أثارت هذه الحادثة نقاشًا عامًا حول حقوق المرضى العقليين ومسؤولية الدولة في حماية هؤلاء المرضى والمجتمع. أدى ذلك إلى إقرار قانون كيندرا بهدف تحقيق التوازن بين هذه المصالح المتضاربة.
أهداف قانون كيندرا
يهدف قانون كيندرا إلى تحقيق الأهداف التالية:
- تحسين جودة حياة الأفراد المصابين بأمراض عقلية خطيرة: من خلال ضمان حصولهم على العلاج اللازم في الوقت المناسب، يهدف القانون إلى مساعدة هؤلاء الأفراد على إدارة أعراضهم، وتحسين أدائهم الوظيفي، والعيش حياة أكثر استقرارًا وإشباعًا.
- الحد من حالات التشرد والإيذاء الذاتي والعنف المرتبط بالأمراض العقلية: من خلال توفير العلاج قبل أن تتدهور حالة الفرد، يهدف القانون إلى منع الأزمات التي قد تؤدي إلى التشرد أو الإيذاء الذاتي أو العنف.
- حماية السلامة العامة: من خلال ضمان حصول الأفراد الذين يشكلون خطرًا على أنفسهم أو على الآخرين على العلاج اللازم، يهدف القانون إلى تقليل خطر وقوع حوادث عنف مرتبطة بالأمراض العقلية.
- تقليل الاعتماد على المستشفيات والمؤسسات الأخرى: من خلال توفير العلاج في المجتمع، يهدف القانون إلى مساعدة الأفراد على البقاء خارج المستشفيات والمؤسسات الأخرى، والعيش حياة أكثر استقلالية.
معايير الأهلية
لكي يكون الفرد مؤهلاً لأمر علاج بمساعدة المحكمة بموجب قانون كيندرا، يجب أن يستوفي المعايير التالية:
- يجب أن يكون عمره 18 عامًا أو أكبر.
- يجب أن يعاني من مرض عقلي.
- يجب أن يكون غير قادر على البقاء على قيد الحياة بأمان في المجتمع دون إشراف، بناءً على تاريخ من عدم الامتثال للعلاج.
- يجب أن يكون لديه تاريخ من عدم الامتثال للعلاج الذي أدى إلى واحد أو أكثر من الأحداث التالية:
- الإقامة في مستشفى للأمراض النفسية أو مؤسسة أخرى.
- أعمال عنف خطيرة أو تهديد بالعنف.
- يجب أن يكون من المحتمل أن تتحسن حالته إذا تلقى العلاج.
- يجب ألا يكون لديه اعتراض معقول على العلاج المقترح.
عملية تقديم الطلب
يمكن لأي شخص لديه معرفة مباشرة بحالة الفرد، مثل أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو مقدمي الرعاية الصحية أو مسؤولي إنفاذ القانون، تقديم طلب إلى المحكمة للحصول على أمر علاج بمساعدة المحكمة. يجب أن يتضمن الطلب معلومات مفصلة حول حالة الفرد وتاريخه العلاجي والأسباب التي تجعل مقدم الطلب يعتقد أن الفرد يستوفي معايير الأهلية.
إجراءات المحكمة
بمجرد استلام الطلب، ستعقد المحكمة جلسة استماع لتحديد ما إذا كان الفرد يستوفي معايير الأهلية. يحق للفرد أن يكون ممثلاً بمحامٍ، وأن يقدم أدلة، وأن يستجوب الشهود. إذا وجدت المحكمة أن الفرد يستوفي معايير الأهلية، فستصدر أمر علاج بمساعدة المحكمة.
محتوى أمر العلاج بمساعدة المحكمة
يحدد أمر العلاج بمساعدة المحكمة خطة علاج شاملة مصممة لتلبية احتياجات الفرد. قد تتضمن خطة العلاج ما يلي:
- الأدوية.
- العلاج النفسي.
- إدارة الحالة.
- خدمات الدعم الأخرى، مثل المساعدة في السكن والتوظيف.
يحدد الأمر أيضًا مقدمي الخدمات المسؤولين عن تقديم العلاج والإشراف على امتثال الفرد لخطة العلاج. قد يشمل ذلك الأطباء النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين وممرضي الصحة النفسية وغيرهم من المهنيين.
مدة الأمر وتجديده
عادة ما يكون أمر العلاج بمساعدة المحكمة ساري المفعول لمدة ستة أشهر. يمكن تجديد الأمر إذا استمر الفرد في استيفاء معايير الأهلية. تتطلب عملية التجديد تقديم طلب جديد وعقد جلسة استماع.
الامتثال والإنفاذ
يجب على الفرد الالتزام بخطة العلاج المحددة في أمر العلاج بمساعدة المحكمة. إذا فشل الفرد في الالتزام، يجوز لمقدمي الخدمات اتخاذ خطوات لإنفاذ الأمر، مثل زيادة وتيرة الزيارات أو تغيير خطة العلاج. في بعض الحالات، يجوز للمحكمة إصدار أمر بإدخال الفرد إلى المستشفى مؤقتًا لتقييم حالته وتوفير العلاج اللازم.
الجدل والانتقادات
كان قانون كيندرا موضوعًا للجدل والانتقادات. يجادل البعض بأنه ينتهك حقوق المرضى العقليين في تقرير مصيرهم وحريتهم. ويجادلون بأن الإكراه على العلاج يمكن أن يكون مؤذيًا ويمكن أن يؤدي إلى تدهور العلاقة بين المريض ومقدمي الرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يثير البعض مخاوف بشأن احتمال استخدام القانون بشكل غير عادل أو تمييزي ضد مجموعات معينة من السكان، مثل الأقليات العرقية والإثنية.
يدافع آخرون عن قانون كيندرا باعتباره أداة ضرورية لحماية المرضى العقليين والمجتمع. ويجادلون بأنه يمكن أن يحسن جودة حياة الأفراد المصابين بأمراض عقلية خطيرة ويقلل من خطر التشرد والإيذاء الذاتي والعنف. ويشيرون أيضًا إلى أن القانون يتضمن ضمانات لحماية حقوق المرضى، مثل الحق في التمثيل القانوني والحق في تقديم أدلة.
التأثير والنتائج
أظهرت الدراسات أن قانون كيندرا كان له تأثير إيجابي على الأفراد المصابين بأمراض عقلية خطيرة. وجدت الدراسات أن القانون أدى إلى انخفاض في حالات دخول المستشفيات والإيذاء الذاتي والعنف والتشرد. ووجدت الدراسات أيضًا أن القانون أدى إلى تحسين الامتثال للعلاج وجودة الحياة.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن قانون كيندرا ليس حلاً سحريًا للأمراض العقلية. إنه مجرد أداة واحدة في مجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها لمساعدة الأفراد المصابين بأمراض عقلية خطيرة. يتطلب التنفيذ الفعال للقانون موارد كافية، بما في ذلك خدمات الصحة النفسية المجتمعية والمساكن الداعمة والتوظيف.
قوانين مماثلة في ولايات أخرى
تبنت العديد من الولايات الأخرى قوانين مماثلة لقانون كيندرا. تختلف هذه القوانين في تفاصيلها، لكنها تشترك جميعًا في الهدف العام المتمثل في توفير آلية للمحاكم لإصدار أوامر للأفراد المصابين بأمراض عقلية خطيرة بالالتزام بخطة علاج شاملة أثناء وجودهم في المجتمع. تعكس هذه القوانين اعترافًا متزايدًا بالحاجة إلى تحقيق التوازن بين حقوق المرضى العقليين ومسؤولية الدولة في حماية هؤلاء المرضى والمجتمع.
التطورات الأخيرة
خضع قانون كيندرا للعديد من التعديلات منذ إقراره في عام 1999. تهدف هذه التعديلات إلى تحسين فعالية القانون وحماية حقوق المرضى. على سبيل المثال، في عام 2022، وقعت حاكمة نيويورك كاثي هوشول على قانون جديد يوسع نطاق قانون كيندرا ليشمل الأفراد الذين يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات بالإضافة إلى الأمراض العقلية. يهدف هذا القانون إلى معالجة العلاقة بين الأمراض العقلية وتعاطي المخدرات وتحسين فرص الحصول على العلاج للأفراد الذين يعانون من كلتا الحالتين.
دراسات الحالة
هناك العديد من دراسات الحالة التي توضح كيف يمكن لقانون كيندرا أن يساعد الأفراد المصابين بأمراض عقلية خطيرة. على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، تم العثور على أن فردًا يعاني من الفصام وكان لديه تاريخ من عدم الامتثال للعلاج قد تحسنت حالته بشكل كبير بعد أن تم إخضاعه لأمر علاج بمساعدة المحكمة. تمكن الفرد من البقاء خارج المستشفى، والحفاظ على وظيفة، وتحسين علاقاته مع عائلته وأصدقائه.
في دراسة حالة أخرى، تم العثور على أن فردًا يعاني من اضطراب ثنائي القطب وكان لديه تاريخ من الإيذاء الذاتي قد توقف عن إيذاء نفسه بعد أن تم إخضاعه لأمر علاج بمساعدة المحكمة. تمكن الفرد من تعلم مهارات التأقلم الجديدة وتطوير نظام دعم قوي.
التحديات المستمرة
على الرغم من نجاح قانون كيندرا، لا تزال هناك تحديات مستمرة في تنفيذه. وتشمل هذه التحديات ما يلي:
- نقص التمويل لخدمات الصحة النفسية المجتمعية.
- نقص المساكن الداعمة.
- وصمة العار المرتبطة بالأمراض العقلية.
- صعوبة الوصول إلى بعض السكان، مثل الأفراد الذين يعيشون في المناطق الريفية.
للتغلب على هذه التحديات، من الضروري زيادة الاستثمار في خدمات الصحة النفسية المجتمعية، وتوفير المزيد من المساكن الداعمة، والحد من وصمة العار المرتبطة بالأمراض العقلية، وتحسين الوصول إلى الخدمات لجميع السكان.
مستقبل قانون كيندرا
من المرجح أن يستمر قانون كيندرا في لعب دور مهم في نظام الصحة النفسية في ولاية نيويورك والولايات الأخرى. مع استمرار تطور فهمنا للأمراض العقلية، من المهم الاستمرار في تقييم وتعديل القانون لضمان فعاليته وحماية حقوق المرضى. بالإضافة إلى ذلك، من المهم الاستمرار في الاستثمار في خدمات الصحة النفسية المجتمعية والمساكن الداعمة لضمان حصول الأفراد المصابين بأمراض عقلية خطيرة على العلاج والدعم الذي يحتاجون إليه للعيش حياة كاملة ومنتجة.
خاتمة
قانون كيندرا هو قانون مثير للجدل ولكنه مهم يهدف إلى توفير العلاج القسري للأفراد الذين يعانون من أمراض عقلية خطيرة والذين يشكلون خطرًا على أنفسهم أو على الآخرين. على الرغم من وجود انتقادات، فقد أظهر القانون نتائج إيجابية في تحسين جودة حياة هؤلاء الأفراد وحماية السلامة العامة. ومع ذلك، من الضروري معالجة التحديات المستمرة وضمان توفير الموارد الكافية لخدمات الصحة النفسية المجتمعية والمساكن الداعمة لتحقيق أقصى قدر من الفعالية وحماية حقوق المرضى.