حياته المبكرة وتعليمه
ولد هنري إدوارد أرمسترونج في لويشام، لندن، وهو ابن توماس أرمسترونج، الذي كان مديرًا لشركة طباعة، وزوجته أليسيا بيرس. تلقى تعليمه في مدرسة الدكتور جاك في إيلينغتون، ثم في الكلية الملكية للكيمياء في لندن، حيث درس تحت إشراف أوغست فيلهلم فون هوفمان، وهو كيميائي ألماني مشهور لعب دورًا حاسمًا في تطوير الكيمياء العضوية. بعد ذلك، واصل أرمسترونج دراسته في جامعة لايبزيغ في ألمانيا، حيث حصل على درجة الدكتوراه تحت إشراف هيرمان كولبه، وهو شخصية بارزة أخرى في الكيمياء العضوية.
حياته المهنية
بدأ أرمسترونج حياته المهنية كمحاضر في الكيمياء في مستشفى سانت بارثولوميو في لندن في عام 1871. بعد ذلك، شغل منصب أستاذ الكيمياء في كلية لندن للمدينة وغيلدز (التي أصبحت فيما بعد جزءًا من الكلية الإمبراطورية للعلوم والتكنولوجيا) من عام 1884 إلى عام 1913. خلال فترة وجوده في كلية لندن للمدينة وغيلدز، قام بتطوير برنامج تعليمي مبتكر يركز على التعلم العملي والتجريبي. كان يعتقد أن الطلاب يجب أن يتعلموا الكيمياء من خلال إجراء التجارب بأنفسهم بدلاً من مجرد الاستماع إلى المحاضرات وقراءة الكتب المدرسية.
كان أرمسترونج مدافعًا قويًا عن البحث العلمي وأهميته في الصناعة. لقد شجع طلابه على إجراء البحوث الأصلية وتقديم مساهمات في مجال الكيمياء. كان يعتقد أيضًا أن الكيميائيين يجب أن يكونوا على دراية بالتطبيقات الصناعية لعملهم وأن يسعوا جاهدين لتطوير تقنيات جديدة يمكن أن تفيد المجتمع.
أبحاثه وإسهاماته العلمية
ركزت أبحاث أرمسترونج بشكل أساسي على الكيمياء العضوية، وخاصة دراسة المركبات العطرية. كان مهتمًا بشكل خاص بفهم العلاقة بين التركيب الكيميائي والخصائص الفيزيائية للمركبات. أجرى أبحاثًا مكثفة على تفاعلات السلفنة للعديد من المركبات العضوية، مما أدى إلى اكتشافات مهمة حول طبيعة هذه التفاعلات.
تشمل بعض أبرز مساهمات أرمسترونج العلمية ما يلي:
- تطوير طريقة أرمسترونج للسلفنة: هذه الطريقة، التي طورها في أواخر القرن التاسع عشر، سمحت بإدخال مجموعات حمض السلفونيك في المركبات العطرية بطريقة محكمة وموجهة. كانت هذه الطريقة ذات قيمة كبيرة في تصنيع الأصباغ والمستحضرات الصيدلانية والمواد الكيميائية الأخرى.
- دراسة تفاعلات الأيزومرية: قام أرمسترونج بتحقيق معمق في تفاعلات الأيزومرية في المركبات العضوية، وخاصة تلك التي تنطوي على حلقة البنزين. ساهم عمله في فهم أعمق لبنية وتفاعلات هذه المركبات المهمة.
- التحقيق في خواص المحاليل: قام أرمسترونج بدراسة الخواص الحرارية للمحاليل، بما في ذلك حرارة التخفيف وحرارة التفاعل. ساهمت أبحاثه في تطوير قوانين الديناميكا الحرارية للمحاليل.
أعماله في مجال التعليم
كان هنري إدوارد أرمسترونج شخصية بارزة في مجال تعليم العلوم، وكان له تأثير كبير على الطريقة التي يتم بها تدريس الكيمياء. كان يعتقد أن الطلاب يجب أن يتعلموا من خلال التجربة والاكتشاف، وأن التدريس يجب أن يكون عمليًا ومرتبطًا بالحياة اليومية.
كان أرمسترونج من أشد المؤيدين لما أسماه “طريقة الاكتشاف”، وهي طريقة تعليمية تركز على تشجيع الطلاب على اكتشاف المفاهيم العلمية بأنفسهم من خلال التجارب والاستكشاف. كان يعتقد أن هذه الطريقة أكثر فعالية من مجرد إخبار الطلاب بالحقائق والمفاهيم.
قام بتطوير برنامج تعليمي مبتكر في كلية لندن للمدينة وغيلدز يركز على التعلم العملي والتجريبي. تضمن برنامجه الكثير من العمل المخبري، وشجع الطلاب على طرح الأسئلة واستكشاف الأفكار بأنفسهم. كان يعتقد أيضًا أن الطلاب يجب أن يكونوا على دراية بالتطبيقات الصناعية للكيمياء، وقام بدمج أمثلة من الصناعة في دروسه.
كان لأفكار أرمسترونج تأثير كبير على تعليم العلوم في المملكة المتحدة وخارجها. تم اعتماد طريقته في الاكتشاف من قبل العديد من المدارس والجامعات، ولا تزال تعتبر طريقة فعالة لتدريس العلوم حتى اليوم. لقد كتب العديد من الكتب والمقالات حول تعليم العلوم، والتي كانت مؤثرة على نطاق واسع.
الجوائز والتكريمات
حصل هنري إدوارد أرمسترونج على العديد من الجوائز والتكريمات خلال حياته المهنية، مما يعكس مساهماته الكبيرة في مجال الكيمياء والتعليم:
- انتخابه زميلاً في الجمعية الملكية: تم انتخابه زميلاً في الجمعية الملكية في عام 1876، وهو اعتراف مرموق بإسهاماته العلمية المتميزة.
- ميدالية ديفي: حصل على ميدالية ديفي من الجمعية الملكية في عام 1911، وهي جائزة مرموقة تُمنح للإنجازات البارزة في مجال الكيمياء.
- زميل فخري للجمعية الملكية في إدنبرة: تكريماً لإنجازاته العلمية.
- الدكتوراه الفخرية: حصل على الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات، بما في ذلك جامعة أكسفورد وجامعة كامبريدج.
حياته الشخصية
تزوج أرمسترونج من فرانسيس ليديا لاكلان في عام 1877. وأنجبا ثلاثة أبناء وابنة واحدة. كان معروفًا بأنه شخصية نابضة بالحياة ومثيرة للاهتمام، وكان لديه شغف بالعلوم والتعليم. كان أيضًا موسيقيًا ماهرًا وعازف بيانو موهوب.
وفاته وإرثه
توفي هنري إدوارد أرمسترونج في 13 يوليو 1937 عن عمر يناهز 89 عامًا. لقد ترك وراءه إرثًا كبيرًا كمساهم رئيسي في الكيمياء العضوية وتعليم العلوم. لا تزال أبحاثه في مجال السلفنة وتفاعلات الأيزومرية ذات صلة حتى اليوم، ولا تزال طريقة الاكتشاف التي ابتكرها تستخدم على نطاق واسع في المدارس والجامعات حول العالم.
خاتمة
كان هنري إدوارد أرمسترونج شخصية بارزة في مجال الكيمياء والتعليم، حيث ترك بصمة واضحة في كلا المجالين. من خلال أبحاثه الرائدة في الكيمياء العضوية وتطويره لأساليب تعليمية مبتكرة، ساهم بشكل كبير في تقدم العلوم والمعرفة. لا يزال إرثه يلهم الأجيال القادمة من العلماء والمعلمين.